الجزيرة - علي بلال / تصوير - سعيد الغامدي:
انطلقت أمس فعالية «تيدكس - الأطفال» في الرياض في ثوبها الجديد للعام الرابع على التوالي في مركز الملك فهد الثقافي، في شراكة استراتيجية مع مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية «مسك الخيرية».
وتسلط الفعاليات الضوء على نشر الأفكار التي تستحق الانتشار من خلال إبراز مواهب وأفكار الأطفال الإبداعية من عمر 5 إلى 15 سنة، بمشاركة مميزة لأولياء الأمور، وعرض تجاربهم التربوية والتشجيعية لأطفالهم.
وحرصت مؤسسة مسك في هذه الفعالية على إبراز جهود الشباب التطوعية وخبرتهم في التنظيم والتدريب للفعالية التي تساعد الأطفال على تدريبهم وتأهيلهم للصعود على المسرح بكل ثقة، وعرض ومشاركة أفكارهم وإبرازها للمجتمع في قالب متزن، أعطى الفكرة ثقلاً وأهمية كبرى.
وأوضحت جهاد بنت فهد الحميد، رئيس فريق التنظيم للفعالية، أن تيدكس مؤتمر سنوي يقام في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، يهتم بنشر الأفكار التي تستحق التقدير والاهتمام في مجالات متعددة، من ضمنها التقنية والتصميم والترفيه، مشيرة إلى أن «تيدكس» من المواضيع التي تطرح في المؤتمر سنوياً، وتغطي العلوم، الفنون، التصميم، القضايا العالمية، العمارة والتقنية، وغيرها.
وأكدت الحميد أن مرحلة الطفولة مرحلة النمو العقلي، وهي مرحلة الاستزادة العقلية المعرفية، مشيرة إلى أن الطفل يريد أن يعرف الأشياء التي تثير انتباهه، ويريد أن يفهم الخبرات التي يمر بها. وقالت إن «تيدكس» تعمل على إتاحة المثيرات الملائمة للنمو العقلي، واستخدام المشاركات الاجتماعية في تنمية الابتكار ورعاية التفكير، وتهيئة الجو المناسب الذي ينقل الطفل من المحسوسات إلى المعنويات، والانتقال من المفهومات البسيطة غير المتمايزة إلى المنظومة غير الموضوعية التي تتناسب مع مرحلته العمرية.
ولأن تلك المرحلة يزداد فيها الوعي بالبيئة الاجتماعية، ونمو الألفة، وتتسع دائرة العلاقات الاجتماعية، والتفاعل في الأسرة، وجماعات الرفاق، وما يتعلمه الطفل من معايير اجتماعية، وتتجلى في تمسك الطفل ببعض القيم الأخلاقية، والحرص على مصادقة الآخرين، ومساعدة الوالدين والتعاون معهم، والاهتمام بجذب انتباه الآخرين، فنقدم لهم السبيل إلى زيادة وعيهم بالبيئة الاجتماعية، ونمو الألفة، وزيادة المشاركة الاجتماعية، وتعلم المعايير الاجتماعية؛ ليحب الطفل في نهاية هذه المرحلة أن يساعد والديه والآخرين، ويحرص على المكانة الاجتماعية من خلال تطوير أفكاره التي يشاركها معنا.
وأكد الأستاذ عبدالرحمن الأنصاري، المتحدث الرسمي للفعالية، أن الأطفال جمال الحاضر، وشباب الغد، وأمل المستقبل، ويتوقف صلاح المجتمع على صلاح أطفاله الذين هم عماد الوطن في المستقبل، وبذرة المجتمع التي تنمو يوماً بعد يوم؛ لكي تصبح في المستقبل فرداً نافعاً ومؤثراً. ويأتي تبني فعاليات التيدكس للأطفال في الرياض لتشجيعهم على عرض واستقطاب أفضل الأفكار الإبداعية التي تفاجئ الجميع عند طرحها، والتي تتأكد لنا من تجربتهم الشخصية معها أنهم على عكس الواقع؛ فهم سابقو عهدهم، وأكبر من أعمارهم الحقيقية التي نراهم عليها، ويؤكدون للجميع أنهم جديرون بالثقة في مثل عمرهم وفترتهم الطفولية بأن يشاركونا ويقفوا معنا جنباً إلى جنب في بناء هذا الوطن الغالي، ولو حتى بالأفكار والتجارب التي يمرون بها والمطروحة من خلالهم، التي قد يستطيعون بها إعطاء الأمل للغير والثقة بالنفس، وحتى تشجيع الغير على التعلم منهم كيفية التفكير والتعايش مع الأفكار، والسعي لتحقيق ما قد يفيد الأسرة والأصدقاء والأقربين؛ وبالتالي تنعكس على المجتمع كله، أو حتى بلورة تلك الأفكار، واستحداث أفكار جديدة من قِبل الآخرين، واستخدامها بالطريقة المثلى لمحيطهم وبيئتهم. مشيراً إلى أن ما شهدته الدورات الثلاث السابقة من نجاح أبهر مجتمعنا السعودي من خلال تقديم نماذج طفولية أكدت للجميع أن الطفل السعودي يسعى ليتبوأ مكانه بين مصاف أطفال العالم الذين يستطيعوا تغيير مجتمعهم والتأثير فيه من خلال أفكارهم وتجاربهم، فتأتي تلك الدورة الرابعة بوصفها أكبر فعالية من ناحية العدد؛ إذ فاقت الأعداد السنوات الماضية، مؤكداً أن الدورة الرابعة للفعالية لن تخلو من المفاجآت التي اعتاد عليها الحضور في كل سنة، ولكن هذه السنة كانت أقوى من مثيلاتها في السنوات السابقة؛ إذ ضم الحدث حضور عدد من الشخصيات المهمة ومن مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي.
وقال الأنصاري: جاء الثوب الجديد للفعالية لعام 2015م تحت هوية «عوالمنا»، التي تعكس فكرة تعايش الجميع في العالم نفسه، ولكن لكل منا عالمه الخاص بالداخل، تدور فيه العمليات الفكرية العديدة، منها كيف نفكر وكيف ننظر للعالم من حولنا، خاصة الأطفال بالتحديد؛ إذ يرون عالمنا بشكل آخر مليء بالخيال والإبداع؛ لتكون مبادرة هذه الفعالية لاستثارة تلك الأفكار في الأطفال لإيصال وغرس رسالة تنمية روح الإبداع لدى الناشئين والشباب، إضافة إلى تطوير مهاراتهم الرائعة في الإلقاء والتأثير في الآخرين، وتشجيع فكرة الاختلاف والمشاركة في الوقت نفسه، فالجميع عائلة واحدة مكونة من مبدعين مميزين.
ومن الممكن أن يتعلم الكبار من الصغار، وربما كما يقول الحكماء والمفكرون (الحكمة تعود بنا إلى الطفولة). فتيدكس الأطفال في الرياض منصتنا لكي نقول بصوتنا ما نؤمن به وما تعلمناه في تجاربنا المتنوعة.
يتميز هذا العام بقوة أفكار المشاركين في الفعالية، التي تعكس عمق تجاربهم الشخصية.
وتحدثت الطفلة شروق محنشي عن حبها الرياضيات، وهي حاصلة على المركز الثالث عالمياً في الرياضيات الذهنية، وتكلمت عن حبها وشغفها وفكرتها بمادة الرياضيات بعدما كانت تجد فيها صعوبة كبيرة جداً وتكرهها، وكيف كانت تقضي ساعات طويلة على التدريب إلى أن وصلت إلى المركز الثالث في الحساب بالطريقة الخوارزمية. وقدمت المتحدثة هيفاء العواد (13 سنة) تجربتها مع محاولة تغيير المجتمع والبيئة المحيطة من خلال تغيير معاملة المحيطين مع مرض أخيها المصاب بمتلازمة داون؛ إذ كانت تواجه مضايقات من الآخرين في تعاملهم مع أخيها المصاب. كما تحدثت الطفلة لمار البابطين (10 سنوات) عن بدايتها وعشقها للطبخ، وكيف طورت هوايتها مع الطبخ، وكيفية إتقانها له وهي في مثل سنها؛ إذ أصبح لها قناة على اليوتيوب، تشرح وتعلم الآخرين من خلالها كيفية الطبخ، وإعطاء الوصفات المختلفة.
في حين تحدثت الطفلة دينا باوزير (10 سنوات) عن مرضها بمرض السيلياك، وهو أشبه بمرض تغذوي، لا يعرفه الكثيرون، وكيفية تحدي المرض، وما أصبحت عليها حياتها بعد مرضها، وكيفية التغلب على فكرة المرض، وعدم التعامل مع المرض كعائق يتوقف على عتبة أبوابه حياة الإنسان.
وجاء أحد الأطفال المصابين بمرض سرطان الدم، يحكيها أبوه فايز ملباري، الذي انتشرت صورة له مع ابنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وابنه يحلق له رأسه دعماً له، ليحكي تجربة كيف أن السرطان لم يصب ابنه فقط بل أصاب عائلته كاملة، وكيف تحول المرض لأسلوب حياة عائلية لدعم الابن المصاب.