الجزيرة - بندر الإيداء:
من يراقب الكثير من المشروعات الحكومية يكتشف أن هناك بعضها تعثر لسنوات عديدة دون أن يعرف أحدٌ من المواطنين سبب ذلك، يحدث هذا الأمر ويتكرر رغم توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - بمتابعة تنفيذ المشاريع وتوفير الخدمات المقدمة للمواطنين، والتأكد من أنها تصل إليهم على أفضل مستوى.
«الجزيرة» حاولت الغوص في أعماق ذلك مستصحبة نماذج للمشاريع الحكومية المتعثرة في عدة قطاعات والتي تم رصدها عبر هيئة مكافحة الفساد كجهة تم إطلاقها بهدف حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه.
ورصدت «نزاهة» مؤخراً العديد من المشاريع المتعثرة في قطاع النقل ومشاريع أخرى في قطاعات البلدية والصحة وغيرها من القطاعات.
وفي سبيل محاسبة المقصرين في هذه المشاريع طالبت «نزاهة» الوزارات المعنية بالتحقيق وتحديد المسئولين عن تأخير تنفيذ المشاريع وتطبيق ما يقضي النظام بحقهم، والعمل على دفع وتيرة العمل بالمشاريع لإنجازها ووضعها في خدمة المواطنين.
تحريات «نزاهة» كشفت بأن شركات تعثرت في مشاريع لم تتم محاسبتها، بل تم إرساء مشاريع أخرى لها رغم تعثرها السابق، وبعض المشاريع تضاعفت مدة تنفيذها مرتين حيث تم رصد أحد المشاريع في قطاع الصحة مدة تنفيذه ثلاث سنوات تم تنفيذه خلال أكثر من ثماني سنوات.
كما رصدت «نزاهة» ضعف الدراسة لبعض المشاريع قبل طرحها كمخالفة لنص المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية.
التجاوزات العديدة التي أبلغ بها المواطنون هيئة مكافحة الفساد فيما يتعلق بالمشاريع المتعثرة يفرض على المسئولين في الوزارات التعامل مع ملف تنفيذ المشاريع بحزم تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -.
نموذج لتجاوز في المشاريع البلدية
قالت «نزاهة» إنه وضمن مباشرة مهامها لبلاغات المواطنين بشأن تعثر المشاريع وقصور الخدمات، بالوقوف على وضع تنفيذ مشروع الطريق الرابط بين محافظة أحد رفيدة وقرى الفرعين (طريق الصوح), بمنطقة عسير تبين لها تعثر المشروع, حيث قامت أمانة المنطقة بتنفيذ مشروعين على الطريق المذكور.. المشروع الأول (ربط مركز الفرعين بالمحافظة) بدأ بتاريخ 07/10/1433هـ, وكانت نسبة إنجازه لا تزيد على (80%), والمشروع الثاني (فتح الطرق الهيكلية لمنطقة عسير المرحلة الأولى) بدأ بتاريخ 23/07/1435هـ, وكانت نسبة إنجازه لا تزيد على (8%), ولوحظ أن المشروع الثاني تمت ترسيته على ذات المؤسسة التي تعثرت في المشروع الأول, وأكدت الهيئة أنها طلبت من وزارة الشؤون البلدية والقروية، التحقيق في الأمر وتحديد المسئولين عن تأخير تنفيذ المشروع وتطبيق ما يقضي به النظام بحقهم، والعمل على دفع وتيرة العمل بالمشروعين لإنجازهما ووضعهما في خدمة المواطنين.
نموذج لتجاوز في مشاريع النقل
قالت «نزاهة» إنها تابعت بلاغاً تلقته من أحد المواطنين بشأن تعثر طريق أبو ضباع - الأبواء بمنطقة المدينة المنورة, وتبين تعثر تنفيذ الطريق المشار إليه البالغ طوله (21) كم حيث وُقع عقد تنفيذه بتاريخ 05/06/1431هـ, ومدته (30) شهراً, وسُلم موقع العمل بتاريخ 08/07/1431هـ, وتبين أنه تم إنجاز (7)كم متقطعة منه, وتم اختزال طول المشروع من (21) كم إلى (675/7) كم بسبب أن كميات عقد المشروع لا تكفي لتنفيذ كامل طول الطريق, مما يشير لضعف الدراسة التي تمت على المشروع قبل طرحه كمخالفة لنص المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية, وطلبت الهيئة من وزارة النقل، التحقيق في أسباب القصور في إعداد الدراسات والتصاميم, وفي تعثر تنفيذه, وتحديد المسئولين عن ذلك، وتطبيق ما يقضي به النظام بحقهم، والعمل على سرعة معالجة ما يعترض المشروع من عقبات, لوضعه في خدمة المواطنين.. وهناك العديد من المشاريع الأخرى المتعثرة في قطاع النقل. وكان وزير النقل المهندس عبد الله المقبل قد وجّه الأسبوع الماضي بسحب بعض المشروعات من مقاوليها لتهاونهم وتقصيرهم في التنفيذ، كما أنذر بعض المقاولين لتأخرهم في إنجاز المشروعات، وعدم مواكبتهم نسب الإنجاز المطلوبة منهم، موجهاً بسرعة زيادة المعدات والجهاز الفني وتكثيف العمل في مواقع المشروعات، وأن يكون التنفيذ بالجودة المطلوبة، وأنه سيتم متابعتهم ومحاسبة من يقصر منهم وفق نصوص العقد.
ووجّه الوزير أيضاً بإنهاء اتفاقيات بعض الأجهزة المشرفة على تنفيذ هذه المشروعات لعدم كفاءتهم وتقصيرهم في أداء مهامهم.
نموذج لتجاوز في المشاريع الصحية
قالت (نزاهة) إنها تابعت مشروع إنشاء برج طبي بمستشفى الملك فهد بمنطقة الباحة، وتبين لها أنه تم التعاقد على إنشاء البرج المذكور مع إحدى المؤسسات الوطنية بقيمة (60,125,040) ريالاً، ومدة التنفيذ 3 سنوات هجرية، بدأت من تاريخ 25/10/1426هـ، وقالت الهيئة إنها لاحظت كثرة التعديلات على المشروع وطول الإجراءات التي صاحبت تنفيذه والتي تجاوزت (8) سنوات من تاريخ بدء التنفيذ, مع عدم وجود برنامج وتصور واضح لتشغيل البرج الطبي، على الرغم من مضي أكثر من سنتين على استلامه ابتدائياً الذي كان بتاريخ 29/10/1433هـ، مما فوّت الفرصة للاستفادة من المستشفى في الغرض المنشأ من أجله.
وأكدت الهيئة أنها طلبت من وزارة الصحة التحقيق في ذلك، وتحديد المسؤولين والمقصرين، ومجازاتهم وفقاً لما يقضي به النظام، والعمل على سرعة تشغيل المشروع، للاستفادة منه في الأغراض التي تم إنشاؤه من أجلها وهي تقديم الرعاية الصحية لأهالي المنطقة.
هذا الواقع ينطبق على مشاريع عديدة ربما تشمل جميع القطاعات وباتت المحاسبة ضرورة وملحة للمقاولين المتعثرين في تنفيذ المشاريع الحكومية، كما أن المسؤولية تقع على عاتق المسئولين في الجهات الحكومية لمتابعة ومراقبة هذه المشاريع والوقوف على متابعة تنفيذها في التاريخ المحدد وفقاً للعقد المبرم مع المقاول.
في غضون ذلك دعا مختصون جميع المواطنين إلى إبلاغ هيئة مكافحة الفساد بكل التجاوزات التي يرصدونها في القطاعات الحكومية خصوصاً المشاريع.