د. عبدالعزيز الجار الله
أشرت في المقال السابق إلى أن معالي وزير التعليم د.عزام الدخيل أمامه خيارات عدة حول توجهات التعليم في المرحلة القادمة، وفرصة تاريخية لم تمنح للوزراء الذين سبقوه. فقد تم إلغاء أنظمة التعليم التي كانت تفصل وحدة التعليم وجعلتها على شكل كيانات وكتل ووحدات: التعليم العالي، التعليم العام، التعليم الفني. فالخيارات أمام الوزير تتلخص في ثلاثة نماذج:
نموذج: وزارة التربية والتعليم السابقة بمراحلها، وزارة خالصة للتعليم العام.
نموذج: وزارة التربية يضاف إليها مهام التعليم العالي.
نموذج: وزارة جديدة، بفكر وصياغة وتخطيط جديد.
أذا تم اختيار النموذج الثالث فنحن أمام مرحلة مختلفة، وزارة جديدة بكل تفاصيلها، وبصورة أوضح نتجت عن دمج وزارة التعليم العالي وإلغاء منصب وزيرها، ودمج وزارة التربية وإلغاء منصب وزيرها، وإنشاء وزارة جديدة باسم التعليم تجمع مهام الوزارتين السابقتين لتكون وزارة واحدة بوزير جديد، وبالتالي تكون وزارة ليست تكراراً لوزارة التربية، أو نسخة أخرى من وزارة التعليم العالي، فهي مختلفة في مضمونها وصورتها الذهنية عن أنماط الوزارات السابقة للتعليم. من أجل ذلك لابد أن تتحرر معها الأذهان أثناء تصور الشكل الجديد، تتحرر من النمط القديم للهياكل التنظيمية السابقة، والخروج من مفهوم هل كان التعليم مقتصراً على التعليم الأساسي ومراحل التعليم العام، أيضاً الخروج من دائرة التعليم العالي، هل هي مسؤولية وزارة أو مجلس، فالنظرة بعد الدمج مختلفة اختلافاً جذرياً يجب أن تكون نظرتنا للتعليم كوحدة متكاملة، فلابد من التفكير في هيكلية جديدة تعكس وحدة التعليم، التفكير في توحيد مهام الوكالات والإدارات التنفيذية بصياغة جديدة حتى لو لم تكن هناك وكالات، فإذا حصرنا أذهاننا في وكالات متوازية لن نحقق الإستراتيجية التي تساعدنا للوصول إلى وزارة حديثة.
كما يجب أن نتحرر من الجانب العاطفي والتاريخي للوزارتين التربية والعالي، وهنا لابد أن نتعلم من الدمج السابق دمج رئاسة تعليم البنات بوزارة المعارف التي أبقت على فكرة الانفصال بوجود وكالات وإدارات متوازية، وانشغال المسئولين في توزيع المناصب والمهام والصلاحيات مما انعكس سلباً على أداء الوزارة وجعلها مترهلة ونمطية، وفشل الوزراء الأربعة في النهوض بها وجعلها تتقدم خطوات إلى الأمام.
الأمر الملكي أعطنا فكرة وزارة واحدة بوزير واحد، بقي التفكير بطريقة إبداعية وأيضاً منهجية مختلفة عن أنماط وزارات التعليم السابقة بحيث ينتج عنها مسئولون ومهام وصلاحيات تعكس معنى وزارة واحدة بعيداً عن مفهوم الوكالات المتوازية والمتناظرة والمماثلة.