ناهد باشطح
فاصلة: ((ليست الثروات هي التي توفر السعادة، إنه استعمال هذه الثروات))
- حكمة عالمية -
حينما يكون في محيطك العائلي طفل متميز فلديك أكثر من سبب لتكون سعيدا أولها اعتزازك بوعي والديه، والثاني فرحتك بالطفل الذي سينشر تميزه على البقية، والثالث زقزقة قلبك لأن هذا الطفل تربطك به قرابة وثيقة.
هكذا كنت انظر إلى ابنة أختي لمياء الطفلة الوسطى بين أخواتها «دينا» التي استطاعت بفضل وعي والدتها وحرص والدها أن تكتشف إصابتها بمرض «السيلياك» لتبدأ والدتها منذ أربع سنوات منذ كان عمرها أقل من ست سنوات في توعيتها ومساعدتها على التأقلم مع هذا المرض واتباع الحمية الغذائية المناسبة له.
لم تكن المهمة سهلة فإن تمنع طفلا في عمر السادسة من الحلويات وأنواع مختلفة من المأكولات بينما يتناولها إخوانه وأقرانه أمامه ضربا من الجنون.
دينا التي يصاحبها الكتاب حتى وقت لعبها لم تفاجئني حين أسست حسابا في «الانستغرام» عن مرض حساسية القمح «السيلياك» أسمته gluten_free_world
تحاول من خلاله بث الأمل لدى العديد من المصابين بمرض حساسية القمح في ظل صعوبة التعايش مع حمية خاصة تستلزم الابتعاد عن دقيق القمح ومشتقاته ووجود مواد خفية منه في بعض المنتجات، حيث لا توجد ملصقات على المواد الغذائية توضح وجود المادة من عدمه في المملكة العربية السعودية أو الوطن العربي.
كنت كجميع أقرباء «دينا» نتعاطف معها حين يجتمع الأطفال ليأكلون وتأتي «دينا» بكل تقبّل لتفردها ومعها أكلها الخاص بمساعدة والدتها.
لكن «دينا» التي لم تكمل عامها الحادي عشر بعد أبدلت تعاطفنا إلى مصدر فخر وأسعدتنا جميعا حين شاركت يوم السبت الماضي في فعاليات حفل Tedxkids 2015 في موسمه الرابع.
ووقفت على المسرح بثقة أمام حضور تجاوز 1000 من الأطفال وأولياء أمورهم وأصدقائهم لتتحدث عن تجربتها مع مرض حساسية القمح، وتطالب وزير التجارة والصناعة بإجبار شركة الأغذية والمخابز بكتابة المكونات الكاملة للمنتجات الغذائية.
لا يمكن أن يوجد طفل مريض في الأسرة دون أن يحدث إرباك نفسي وعملي لها، لكن الملفت فعلا أن يتحول هذا الحدث بوعي إلى خدمة الآخرين والتمسك بتوعيتهم وتنويرهم تجاه الطريق الصحيح.
ليس سهلا على الوالدين أن يواجها هذه التجربة، تحديا الأم التي هي أكثر التصاقا بالأطفال، لكن الأم المميزة تدرك إلى أي مدى تستطيع تحويل أي تجربة لأطفالها إلى مسار إيجابي ينتفع به ويفيد غيره دون استسلام لصدمة الحدث أيا كان.
عندما تحتضن أمومتي «دينا» أشعر بأن أطفالنا يستحقون منا كل الحب اللا مشروط والدعم اللا محدود لأنهم من يصنعون مستقبلنا بأيديهم البيضاء وقلوبهم المتفتحة لإشراقة الغد.
ستظلين «دينا» حكاية جمال وأمل دائم لنا جميعا، ستظلين شاهداً على وعي الأمهات وعقولهن المستنيرة، رعاك الله وحفظك لوالديك وأحبابك.