أعطني من دقائقك بعضا مني.. عبارة «كتبتها على صفحة الإيميل» ومضت... ثم عادت لتفتح الجهاز من جديد وهي تنظر في صفحتها الفارغة وتعود لتكتب..
دعني أحدثك عنك قليلا.. فعندما يأخذك الانشغال..!! لا أنتظرك أن تبرر لي برد حروف رسائلي والكمنجات الباكية.. ولا أن تحكي لي عن صوتي الذي تبدد في المدى ولا لماذا وكيف ولمن؟
دعني أجهز أريكتي لتجلس عليها كما كنت تفعل دائما.. وأنا أضع أمامك فنجان قهوتك العابرة.. وبعضا من قطع السكر.. وصحن من خزف بري ووردة بيضاء وحيدة.. صامتة.. راضية.. مثلي..
فقط اترك لي شباكك مفتوحا كي أعلق آهاتي في قدم غيمة.. وأنا أحكي لك عن لهفتي في انتظار رنة هاتفي برقمك عن انشغالي.. بخفقة منك.. عن لهفتي لأغنية لوزية تورق في ظلالي.. لا تقل لي شكرا على ألف حرف معلق تردد أن يصرخ قبل رحيل أكتوبر واقفا على خيط ناي في منحدرات ليلي.. لا تقل شكرا.. على زيارات حروفي لهاتفك لا يميلك.. لتسللي إلى أقمارك السبعة وستائرك الصامتة..
دعني أحدثك عن حبيبي قليلا.. عن جسده المعلق على حافة الانشغال.. وعن قلبي الذي لا يفهم الصمت.. وينتظر أن يولد هذا الحلم من حجر..
تظل كما اخترت دائما فلا تقل انتظريني.. أو اختصريني.. تظل غارقا في رحيل الريح توزع نفسك في المحطات.. وأنا أقف على منعطفات اللحظة الأخيرة وأذاكر في كل ليله أبجديات السراب.. وأفكك حروفك وأتكئ على حافة رموزك التي علمتني كيف أفهمها..
اعذرني فلا أريد أن أنفض الحب من قلبي، أريد أن أجتاز بزوغ الفجر إليك واقف في محطتك الأولى قبل أن يحل الانشغال وحقائبك السوداء.. وقت تعد فيه أصابعك العشرة وتكتفي بالابتسام.. أسالك عن حبيبتك فتقول انظري في المرة ستجديها، واركض إلى مرآتي فأرى وجهك أنت أسألك عني فتقول: أنت تعرفين..
يشتعل جنوني وأنت تردد لا تقولي أنا ولا تقولي أنت.. قولي كنا.. وصرنا وسنبقى.. وتوصد الكلمات على آخر أسباب الكلام متعذرا.. أنا منشغل سأمضي.. أرد مسرعة وأنا... فتقول أنت معي فقط.. عيشيني..
وها أنا أعمل بوصاياك فإذا استيقظت جلست بقربك وحكيت لك عن حلم شاركتني فيه، وإذا ركضت في حديقتنا التي غرست فيها قلبينا غفوت هناك للحظات..
وإذا عدت إلى بيتي طرزتك في جسد ليلي الأنيق، وأمام زجاج نافذتي أجلستك وقرأت لك ما أحب من أشعاري وكلماتي، فإذا نمت ألبستك وردة من زبد البحر وأغلقت نافذتي وأخذتك إلى أحلامي.. خبأتك في فم زنبقة ونمت بقرب جبينك حتى يطلع النهار وإذا صحوت مع أشرعة الشمس جلست أمامك وشكوتك.. للانشغال.
- نادية الفواز