سعد بن عبدالقادر القويعي
يشكل اليمـن عمقـا إستراتيجيا للخليج العربي، والسعودية، - وبالتالي - فإن استقرار اليمن، والحفاظ على أمنه، ووحدته، جزء من استقرار دول المنطقة، وأمنها القومي من الناحية الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية. - وكذا - منع دخوله في دوامة الاضطرابات، والإرهاب، التي يغذيها التفريق المذهبي، والمصالح الضيقة في المنطقة، بما يخدم المصالح المشتركة لجميع الأطراف، واتخاذ خطوات أكثر جدية، وفاعلية، في مواجهة الامتداد الخارجي - الأمني والمذهبي -.
ولأن اليمن سيبقى العمق الإستراتيجي، والبشري لمنطقة الخليج - بشكل عام -، وعليه أن يتصرف حكماؤه في اليمن من واقع مصلحة دول المنطقة في تحقيق الأمن، والاستقرار، كون الأزمة السياسية الحاصلة تتطلب نوعا من إدارة الأزمات، فإن أهم ما جاء في اجتماع مجلس وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في دورته الاستثنائية الـ 41، تأكيده على أن: «أمن اليمن جزء من الأمن الوطني لدول الخليج»، مشيرا إلى: «دعمه للشرعية الدستورية، متمثلة في - الرئيس - عبدربه منصور هادي»، رافضا: «محاولة تغيير مكونات المجتمع اليمني، وطبيعته»، داعياً الحوثيين إلى: «وقف استخدام القوة، والانسحاب من كل المناطق التي يسيطرون عليها، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية، والأمنية».
كتبت مرة عن خطر زيادة نفوذ الحوثيين، وعن تصاعد قوتهم. كما نبه العقلاء - ممن أدركوا بواطن الأمور -، وإن كانت شديدة التعقيد، على خطر الحوثيين الداهم على سلامة اليمن، ووحدة أراضيه، وطالبوا باتخاذ إجراءات صارمة تجاه هذا التنظيم الطائفي المسلح، وضد الدولة التي ترعاه؛ ولأن القراءة المتأنية للملف الحوثي، تقتضي وضع القضية في إطارها الصحيح، وضمن سياقاتها المنطقية، فإن الخطر الحوثي تمدد - اليوم - بأجندة إيرانية، وينذر - مع الأسف- بتفكيك الدولة اليمنية، وبخلق تداعيات خطيرة في المنطقة. وعليه، فإن تصنيف تلك الحركة كمنظمة مريبة، لم يأت من فراغ؛ بسبب خلخلتها الأمن، والعمل على زعزعة الاستقرار اليمني، - إضافة - إلى تهديد أمن، واستقرار دول الجوار.
من جانب آخر، فقد تبنى الحوثيون موقفا مناهضا لتوقيع المبادرة الخليجية، والتزام آليتها التنفيذية المزمنة، والسعي نحو تهديد مستقبل اليمن، عن طريق استهداف مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، - لاسيما - وأن الفوضى تمزق البلاد - منذ أكثر من ثلاث سنوات -؛ ولأن المسائل قد تكون مرشحة للعودة مستقبلا إلى حال أسوأ مما سبق، فإن الأمر سيجعل من تدارس الأوضاع الطارئة التي تهدد الأمن، والاستقرار في اليمن - مطلبا مهما -، وهذا يستلزم ضرورة أن تتحمل الدول العشر الراعية، والداعمة للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، مسؤوليتها تجاه هذه التصرفات الخارجة عن النظام، والقانون، والمتمردة على مخرجات الحوار الوطني الشامل، والتأكيد على ضرورة إصدار قرار أممي تحت الفصل السابع بشأن الأزمة اليمنية.