الجزيرة - قسم التحقيقات الصحفية:
وأنت على مسافة قريبة من مكتبة الملك فهد الوطنية أحد أبرز المشروعات الثقافية التي أبدعها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سترى فناً هندسياً يعجز اللسان عن توصيفه، ولا غرابة فقد حصل هذا التصميم البديع على جائزتين عالميتين.. وإذا واصلت المسير نحو أروقة المكتبة فستشاهد تلك المزاوجة الإبداعية بين النمط الكلاسيكي متمثلاً بمبنى المكتبة القديم والنمط الحديث المتمثل في التوسعة التي نحمل تقاسيم المعاصرة بأبهى صورة، دخلنا المكتبة، فقادنا البهو الشرقي الواسع إلى مركز معلومات المملكة المكان الذي اختاره أمين عام المكتبة للقاء به وفي قاعة كبيرة مليئة بالصور التاريخية التي تحكي لنا تاريخاً صنعه أفذاذ الرجال كان موعدنا مع أمين عام المكتبة الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الراشد:
* سعادة الأمين.. من أين نبدأ؟
- نبدأ مع بداية تأسيس المكتبة.. تعلمون أن فكرة المكتبة قامت على أساس إنشاء مركز ثقافي أو مكتبة عامة بمناسبة تولي المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، وكان صاحب هذه الفكرة هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- ليقوم برعايتها وتطويرها ودعمها إلى أن أصبحت كما ترون صرحاً من صروح هذا الوطن فكان الإعلان عن مشروع المكتبة في الاحتفال الذي أقيم في عام (1403هـ) والذي حظي بدعم مادي من الأهالي ومن الدولة، وقد بدئ تنفيذ المشروع عام 1406هـ تحت إشراف أمانة مدينة الرياض، وفي عام 1408هـ تكونت إدارة مؤقتة؛ تفرغت للتخطيط لعملية تنمية المجموعات وتنظيمها وإعدادها، ووضع نواة الجهازين الإداري والفني لها، وفي عام 1409هـ تم البناء والتأثيث والتجهيز، وفي عام 1410هـ حولت المكتبة من مكتبة عامة إلى مكتبة وطنية للمملكة العربية السعودية.
لقد تمكنت مكتبة الملك فهد الوطنية خلال المدة الوجيزة منذ إنشائها من تحقيق كثير من الإنجازات الطموحة، التي انطلقت أساسًا من تكوين البنية الأساسية في التنظيم وتطوير الكوادر البشرية وتنمية مقتنيات المكتبة وتجهيزاتها اللازمة، لتنفيذ مهامها، وتحقيق أهدافها في مجالات التوثيق وحفظ الإنتاج الفكري السعودي، وتقديم الخدمات المعلوماتية، بما يتلاءم مع التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة العربية السعودية. وفي مجال بناء المقتنيات فقد اقتنت المكتبة كثيرًا من أوعية المعلومات المطبوعة، والكتب النادرة، والمخطوطات، والوثائق المحلية، والمسكوكات، والصور الفوتوغرافية والمواد السمعية والبصرية.
* لقد تشرفتم بالعمل تحت إشراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، فهل تحدثونا عن ذلك؟
- بالفعل لقد تشرفت بالعمل تحت إشراف وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين والحقيقة أنه (حفظه الله) لا يبخل علينا بوقته فكلما احترنا في أمر ما أحلناه إلى مقامه الكريم فلا يلبث أن يوافينا برده المحكم والسديد، وهو يحفظه الله يحرص دائماً على التطوير وعلى أن تكون المكتبة وخدماتها على أعلى المستويات، وكم كانت مكتبة الملك فهد الوطنية في كل مراحلها موفقة وهي تنمو وتتشكل وفق مرئياته، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.
* هل لكم أن تحدثونا عن جوانب من شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان؟
- شخصية الملك سلمان لها جوانب متعددة يدركها القريب والبعيد وربما لا أضيف شيئاً يذكر في هذا الجانب، ولكن أستطيع أن ألخص ما لمسته منها، وربما تكون الشفافية من أهم جوانب شخصية الملك سلمان إضافة إلى ما يتصف به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان من سعة الاطلاع على القضايا التاريخية والمعاصرة وموقفه الواضح والصريح منها، والحقيقة أنه كثيراً ما يبهرنا بموسوعيته، وشمولية معارفه وطالما ذكرنا بأشياء قد نسيناها، كما أن الملك رعاه الله يملك ذاكرة لا تخطئ مهما بعد الزمن.
* وماذا عن توسعة المكتبة؟
- توسعة المكتبة أمر بها الملك سلمان يحفظه الله، وجاءت بعد أن مر على تأسيس المكتبة 17 سنة قدمت خلالها كل المهام المناطة بها وفق ما ورد في نظامها واستطاعت خلالها بناء مجموعاتها وفق رؤية واضحة، وتقديم خدماتها من خلال أنظمة حديثة ومتقدمة، ومع مرور السنوات تضخمت مجموعات المكتبة من كافة أوعية المعلومات كما زادت مهام المكتبة ومشروعاتها فرأت الإدارة العليا للمكتبة وعلى رأسها المشرف على المكتبة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله ضرورة توسعتها لتتناسب ومهام المكتبة الوطنية ووظائفها التي تزداد بشكل مقنن ووفق رؤية محددة، وهنا نستطيع أن نلمس جانباً مهماً عن الملك سلمان وهو قناعته بأن للمكتبة الوطنية مهام كبيرة يجب أن تقوم بها لتضاهي المكتبات الوطنية الموجودة في العالم، كما أن هذه العناية بالمكتبة توضح المدى الكبير لتعلق الملك سلمان وحبه للكتاب وتطلعه بأن يكون هذا الوطن مبني على أسس معرفية وعلميه، والحقيقة أن الملك سلمان وعبر مراحل تأسيس المكتبة كان يتابع بنفسه ويحضر الاجتماعات المنعقدة والمناسبات المختلفة الخاصة بالمكتبة.
* وما الذي أضافته هذه التوسعة؟
- سيمكن تصميم المبنى الحديث للمكتبة، من استيعاب 2.4 مليون كتاب، مع قابلية التوسع مستقبلاً لتستوعب 3.3 مليون كتاب، وهو ما سيفي باحتياجات المكتبة لسنوات قادمة، ومن ناحية المساحة فقد أضافت هذه التوسعة ما يزيد عن 65 ألف متر فمساحة المبنى القديم 21 ألف متر وأصبحت حالياً ومع التوسعة 87 ألف متر، كما تم التركيز على عدد من الاعتبارات المتعلقة بمباني المكتبات، من حيث القدرات الميكانيكية، والاحتياطات الخاصة بالحركة، والإدارة، والأمن والسلامة، والمرونة والقابلية للتوسع المستقبلي.
كما أخذ في الحسبان ضرورة توظيف مبنى المكتبة القديم، وما يتمتع به من خصائص، مع مباني التوسعة الجديدة.
وقد أوجد التصميم الجديد للمكتبة فراغات كبيرة للمجموعات المكتبية وأوعية المعلومات غير المتاحة بشكل مباشر للجمهور، ومكتبة للنساء مع قاعات للقراءة وقاعات واسعة للقراءة، كما يوفر فراغات واسعة لأعمال المكتبات، والأنشطة الثقافية المتعلقة بها مثل قاعات المجموعات الخاصة، ومعامل تجهيز الكتب، وقاعات ندوات، وأخرى للمحاضرات، فضلاً عن مكاتب العاملين في المكتبة.
* هل تحدثونا عن ابرز مشروعات المكتبة؟
- في المكتبة عدة مشروعات بعضها قائم وجارٍ العمل فيه وبعضها سيبدأ العمل به قريباً، ومن هذه المشروعات مشروع الفهرس السعودي، وسيتضمن هذا المشروع إنشاء قاعدة ببليوجرافية وطنية لما ينشر في المملكة أو عنها، وإيجاد مرجعية لتحديد أماكن تواجد أوعية المعلومات عبر المكتبات ومراكز البحث السعودية، بالإضافة إلى توفير قاعدة تفاعلية توثيقية للمكتبات السعودية كل على حدة. وسيكون هذا الفهرس المرجع الأول في الحصول على معلومات الحركة الثقافية والعلمية في المملكة العربية السعودية.
ومنها مشروع تلخيص الأعمال الفكرية السعودية ويهدف إلى بناء قاعدة بيانات لمستخلصات الكتب المودعة في مكتبة الملك فهد الوطنية. وتغطي كل الموضوعات المشمولة في الكتب الموجودة بمكتبة الملك فهد الوطنية. وجميع الكتب المودعة نظامياً في المكتبة في مختلف مجالات المعارف الإنسانية بدءاً من تطبيق نظام الإيداع القانوني. ومنها مشروع المكتبة الرقمية للرسائل الجامعية والكتب السعودية: ويهدف هذا المشروع إلى إتاحة النصوص الكاملة للكتب السعودية والرسائل الجامعية المجازة في الجامعات السعودية، وإتاحتها للباحثين داخل المكتبة، ومنها مشروع مركز الدراسات والاستشارات بمكتبة الملك فهد الوطنية الذي بدأ العمل منذ فترة قريبة ويسعى المركز إلى تقديم الدراسات والخدمات الاستشارية والعلمية والبحثية وتدريب القطاعات الخارجية (الحكومية والخاصة)، هذا إضافة إلى خمسة مشروعات نعمل على إنجازها بعدما تكتمل تصوراتها وهي مشروع رقمنا فهرسة الصور التاريخية للمملكة ومشروع الإيداع الرقمي للكتاب السعودي ومشروع أرشفة الوثائق التاريخية إلكترونياً ومشروع رقمنا المخطوطات والكتب النادرة ومشروع إنشاء معمل ومتحف المخطوطات والوثائق.
* كلمة أخيرة.
- نسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين إلى كل خير وأن يعيننا الله لتحقيق توجيهاته وتطلعاته.