د. محمد البشر
زار سمو الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، الإمارات العربية المتحدة، بدعوة كريمة من سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، واستُقبل استقبالاً يليق بسموه، والتقى سموه الشيخ محمد، وزار معرض إيدكس العسكري، والتقى عدداً من وزراء الدفاع.. وتم ذلك في فترة وجيزة، وبكفاءة عالية.
هي الزيارة الأولى لسموه خارج المملكة بعد أن تقلَّد منصبه الجديد، لكنها كانت زاخرة وعملية، استثمر فيها الوقت بكفاءة فائقة، وكان اللقاء مع سمو الشيخ محمد بن زايد لقاء حميمياً، وموسعاً ومثمراً.
يعلم الجميع ما تمر به المنطقة من أحداث وما يقع فيها من آلام وأحزان، ويرى الجميع أعداداً تموت من عسكريين ومدنيين، وفتناً أُخر زُرعت وما زالت تُزرع، ووجد لها مع كل أسف من داخل المنطقة من يُوقد النار ويضع عليها الحطب ليزيد الرضام، لمصالح آنية، أو أهداف مستقبلية، وهناك من استثمر صناعة الإعلام ليُؤجج الصدور، ويزيد من حفر القبور، ويُغري طرفاً بعينه، ويتبعه من ينافسه في مكان آخر، فيعمل عمله، فتلتهب الأفئدة، وتحل السخائم في الصدور محل المحبة والتقارب، فيحل النفور.. وهكذا يتم صناعة واقع بأيدي بعض من أبناء المنطقة، وكثير من أيادٍ خارج المنطقة لتخدم البعيد على حساب الأمن والاستقرار.
مع كل أسف، إنه قد يسود في عالم السياسة شيء من التضحية بالناس في سبيل مصالح، دول بعينها، أو أشخاص بذاتهم، لكنه الواقع الذي نعيشه في بعض دول المنطقة التي تعاني من الحروب والفتن والاقتتال داخلها.
كنا فيما ما مضى نُحذِّر المنطقة من التدخل الأجنبي، باستغلال أخطائنا فتم ذلك في العراق.. وكنا نخشى الفتن الداخلية في بعض الدول، فانساق عددٌ من الناس في بعض الدول أمام مسميات براقة، فكانت المآسي التي اكتوى بنارها من ظن أن ما يصلح في الغرب من أنظمة يمكن نقله إلى المنطقة كما هو معلب في صندوق مكين، وفيما يبدو أن الكثير قد نسي أو تناسى الوهم الذي من أجله قام، واستساغ العراك، واستبدل وهمه بواقع يبعد عنه بُعد المشرق عن المغرب، مع أنه يتغنى به ويعزف على وتره، لكنه في الحقيقة لم يكن جزءاً من ثقافته، وإنما اتخذه شعاراً لتغيير وجوه أخرى، وزمرة بأختها، لكن الوجوه كثرت، والزمر تناثرت هنا وهناك، وتعالت الأصوات تنادي بالمناصرة فكثر اللغط، وضاع العقل في خضم هذه الأحداث.
وكان مهماً في ظل هذه الأحداث أن تتم زيارة سمو الأمير لتبادل الآراء والسعي للتنسيق والتعاون لا سيما بين الدول الآمنة المستقرة، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ودول الخليج عامة. فكانت الزيارة مفيدة أيما فائدة في ظل الأوضاع السائدة، وهي كذلك تحمل دلالات أن العلاقات بين الدولتين الشقيقتين تزيد متانة وقوة.
منظومة دول الخليج تنعم بالأمن والاستقرار ولكي يستمر هذا الاستقرار، لا بد من إعداد العدة الآلية والسياسية، والعلمية والاجتماعية، ليس فقط لاستقرار منطقة الخليج فحسب، بل لمساعدة الدول الأخرى على تجاوز مشاكلها، والتوافق فيما بين فرقها، والبحث عن وسائل لخروج الأطراف جميعاً بصبغة معينة تؤدي إلى تآلفها.
دول الخليج ومن ضمنها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تنفق بسخاء على البنية التحتية في الكثير من الدول، وتساهم باستثماراتها وقروضها وإعاناتها على الرفع من إجمالي الإنتاج الوطني للدول العربية الشقيقة جمعاء، دون تمييز، وهي بالإضافة إلى ذلك تسعى إلى المساهمة في التنمية الاجتماعية، والخدمات العامة في تلك الدول كما هي الحال في دولها.
والأمر الأهم أنها أيضاً تساهم بما حباها الله من خيرات متراكمة وتواصل مع العالم المتحضِّر، أن تساعد المسؤولين في تلك الدول على تطبيق الخطط والنظم التي تجعلها تعتمد فيما بعد على اقتصادياتها دون مساعدات خارجية، أو مساهمات من بنوك عالمية.
إن إعانة المرء على نفسه أفضل من مساعدته المباشرة، لأن المساعدة المباشرة تزول بانتهائها أو انقطاعها، لكن المساعدة على النفس دائمة ومستمرة.
لقد كانت زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان إلى الدولة الشقيقة الإمارات العربية المتحدة، إضافة فنية، وسياسية، واقتصادية، وكان للمساهمة الكبيرة للقطاع الخاص السعودي في المعرض، ومشاركته بمنتجاته نافذة على تعريف العالم على ما لدى المملكة من قدرات يحركها القطاع الخاص بالتعاون مع الخبرات الأجنبية، مع إضافات فنية، تساعد على مناسبتها لبيئة المنطقة.