الملك سلمان بن عبدالعزيز استثناء خاص لصفات وسمات الملك والقيادة ظاهرة عليه قبل أن يتوج أمضى حياة عملية شاقة في البدايات الأولى لقيام وبناء الدولة السعودية الحديثة وعمل على إرساء دعائم الألفة والوحدة بين أبناء المجتمع السعودي الواحد إذ يعد من أهم ركائز وأركان قاعدة البيت السعودي الحاكم ومرجع الأسرة المالكة وهو الذي يماثل والده الملك عبدالعزيز في الكثير من السمات والصفات فهو يقاربه في بهائه ومهابته وحكمته وأسلوب حياته وزهده حتى في نبرات صوته.
تمتع بنباهة وفراسة منذ صغره مما لفت انتباه والده إليه حيث كان كثيرا يحضر مجالسه ويتردد على مكتب الشعبة السياسية يتصفح في الأوراق ويسأل ويناقش كبار رجالات الدولة أمثال رئيسها يوسف ياسين وفؤاد حمزة ورشدي محلس الذين لاحظوا مداومته على الحضور واطلاعه على الصحف والتقارير ورغبته المبكرة في المعرفة والاطلاع.
وكان لوالدته الأميرة/ حصه بنت أحمد السديري رحمها الله دورا بارزا في نشأته مع أشقائه فكانت حفيه بهم وعهدت إلى بعض العلماء والمشايخ تدريسهم في القصر في دروس منتظمة ومن بين هؤلاء الشيخ عبدالرزاق القشعمي والشيخ عبدالله بن حماد والشيخ عبدالله بن زيد بن سليمان والشيخ سليمان الربيش كما درس في مدرسة الأمراء وكان مديرها الشيخ عبدالله خياط ومن بين المربين أحمد بن علي الكاظمي وصالح خزامى وعلي حمام كما درس في قصر السقاف عند انتقاله إلى مكة المكرمة مع والده وكانت وصية الملك عبدالعزيز لمدير المدرسة عبدالله خياط بأن استعملوا مع العيال - اللين مع الشدة وخوفهم بنا.
بدأ معترك الحياة العملية في السنة التي توفى فيها والده الملك عبدالعزيز 1373هـ- 1954م وحتى 1436هـ - 2015م أي 64 عاما قدم خلالها جزالة عمل أمين وحضور لافت وكسب محبة الناس وبادلهم ذلك الحب صغيرهم قبل كبيرهم فانقادت له شعبية جارفه بالولاء وصدق الانتماء والمحبة والتقدير والإجلال. لما يحمله في نفسه من خير وإصلاح وعلاقات جمعها «مجلس سلمان» «ومجلس المواطن» في التفاف صادق قل أن نراه إلا في تجربة سلمان الذي حافظ على ملحمة الوحدة الوطنية ليجمع كل القبائل في قبيلة واحدة فلا عصبية ولا إقليمية ولا انتماء إلا للدين ثم الوطن.
هو عميد أمراء المناطق والمعاصر لسته من ملوك الدولة وشاهد البيعة حضورا ومشهدا والتزاما حتى أتت إليه الجموع مبايعة على الكتاب والسنة في المنشط والمكره. وهو أزهد ما يكون عن الإمارة والملك إلا أنها أقدار الله - وهذا من حظ الوطن والمواطن والأمة وتقلده زمام الأمر يوحي بعهد زاهر سيكون بمشئية الله من أزهى العهود لمايتمتع به حفظه الله من سمات القيادة الراشدة والشخصية النافذة فهو خلاصة ملوك هذه الدوله الذي حمل هم الوطن والمواطن على مدى أكثر من ستة عقود من عمر الزمن وهو من يدرك بوعيه الثاقب أن عمر الدولة السعودية ثلاثه قرون منذ قيامها الأول إذ قامت وتأسست 1157هـ -1744م على أساس الكتاب والسنة ولم تبن على أساس إقليمي أو قبلي أو إيدلوجي.
وأن الدولة السعودية هي الدولة الوحيدة في التاريخ العربي والإسلامي قاطبة التي تزداد مع الأيام وتقوم من جديد أكثر قوة ومنعة وتمكينا وأمنا لحكمة أرادها الله تعإلى في بذرة النوايا الحسنة والصدق مع الله والالتزام بشرعه.
إذ لم تنعم بلاد الجزيرة العربية باستتباب الأمن والاستقرار والعدل بعد الخلافة الراشدة حتى جاء قرب نهاية القرن الثاني عشر الهجري حيث ظهرت الدولة السعودية الأولى وبدأت أكثر قوة لتعيد الأمن والاستقرار إلى أجزاء كبيرة من بلدان الجزيرة العربية وصار الأمن يذهب ويؤوب حسب قوة الحاكم حتى ظهرت مرة ثانية في القرن الثالث عشر الهجري في زمن الدولة السعودية الثانية حتى جاء الملك المؤسس عبدالعزيز في بداية القرن الرابع عشر الهجري ليعيد من جديد هيبة الدولة ويؤسس الدولة السعودية على نفس المبادئ والأسس ذاتها وحتى يومنا الحاضر - وتلك نعمة كبيرة يجب شكرها وحمدها. وكل هذا التاريخ يدركه وبوعي المسؤول الأول والمؤرخ الحصيف سلمان بن عبدالعزيز
فكثيرا ما يعتمد في فكره ويردد في كلماته وفي كل المناسبات دلالات هذه الوحدة وأسماء رموزها وقادتها الأوائل والتذكير بنعم الله علينا وعلى هذا الوطن وأبناءه وبناته.
ويعد انتقال الحكم والمبايعة في هذا العهد من أسرع وأسلس التنقلات لقدرة فكر ورؤية ملك واع ومسؤول أغاض كل المتربصين والمرجفين والحاقدين ليضرب بذلك مثلا وفي وقت قياسي وبهدوء وتؤدة وحكمة وحنكة لوحدة الوطن الواحد الذي لا يموت بموت ملك ولا يأبه بالتحديات والأزمات والأقاويل.
وسيسجل للملك سلمان بأنه الأول الذي بدأ في تأسيس طور جديد في تقليد أبناء الجيل الثالث من أبناء الأبناء باختياره للأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وليا لولي العهد وهو بذلك يقر الدخول للتنافس برسم الكفاءة والتأهيل والأصلح هو من يقدم نفسه لكل ما فيه صالح ومصلحة الوطن والمواطن.
لذا لابد أن تعي الأجيال بأن دولتهم بنعمة كبيرة وحكامها ظل الله في الأرض و لم نر في العالم بأسره من يماثلهم قيمة وعدلا وفضلا ورحمة.
لقد عاش الملك عبدالعزيز باني هذه الدولة 80 سنة من عمره المديد 1293 - 1373 هـ / 1877 - 1953م وقد مضى على وفاته رحمه الله 64 عاما. وقد قضى 44 سنة ليوجد وليوحد لنا هذا الكيان الشامخ ويوطد دعائم هذا الأمن الذي نعيشه حتى لقي وجه ربه حتى نعمنا بهذه الوحده التي تعد معجزة لم يشهد لها العالم مثيلا وعقدت البيعة لملوك هذه المملكة وعددها سبع مبايعات ولم نسمع بحمد الله صوتا يعلوعلى صوت الاجتماع والإجماع والمحبة والرضا ولالتفاف والوئام بين الراعي والرعية ودونما إبطاء أو تأخير أو تواكل أن حزمة الإصلاحات والقرارات الحكيمة التي استهلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هي البداية لطور مؤسس من حركة إصلاحية مستمرة ولا مكان فيها إلا للضمير الحي الذي يقدم المصلحة العليا ويغلبها هذا هو الفكر التنموي الإصلاحي لملك الإصلاح سلمان بن عبدالعزيز الذي أطر منهجا وعهدا جديدا سيكون مختلفا نحو كل ما من شأنه بناء الدولة ورفاه الوطن واستقراره.
ختاما واجب علينا نحن المواطنين على مختلف مواقعنا و مشاربنا أن نلهج بالادعاء و الرحمة والمغفرة لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نظير ما قدمه لأمته ووطنه من خير ونماء وأن يوفق خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويعينه على حمل هذه الأمانة الجسيمة وأن يرزقه البطانة الصالحة الناصحة وهذا من أوجب الواجبات على أبناء الأمة والوطن معا.
- فهد عبدالعزيز الكليب