تشرفت بالحضور والمشاركة في المؤتمر العالمي الثاني عشر للندوة العالمية للشباب الإسلامي، الذي عُقد بمدينة مراكش المغربية خلال الفترة من 9 - 11 - 1436هـ، الموافق من 29 - 31 يناير 2015م، بدعوة كريمة من معالي الدكتور صالح الوهيبي الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي.. ولم أفاجَأ بهذا الحضور الضخم للعلماء والمفكرين والأكاديميين والأدباء والباحثين، ولا بالإعداد والتحضير المتميز لهذا المؤتمر والمحاور الرئيسية له وأوراق العمل المُحكمة المقدمة له؛ لأني أعلم الجهود الكبيرة الدؤوبة التي اتخذتها الندوة للتحضير والإعداد لهذا المؤتمر الكبير، الذي كان موضوعه الرئيسي (الشباب في عالم متغير). وقبل الخوض في محاور المؤتمر التي أثراها نخبة مميزة من العلماء والمفكرين فإنه من الأهمية التنويه بالدعم والمساندة التي تحظى بها الندوة من المملكة العربية السعودية، التي تتخذ الندوة منها مقراً لها، وليس غريباً على المملكة احتضان ودعم هذه الهيئة الشبابية العالمية الرائدة؛ فالمملكة هي مهبط الوحي، وذات رسالة عظيمة تجاه العالم الإسلامي، تساند قضاياه، وتدعم شؤونه.. ولا أدل على ذلك من احتضان المملكة لمنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، وغيرهما من المنظمات الإقليمية والدولية التي تسعد هذه البلاد بمساندتها. والندوة العالمية للشباب الإسلامي أول هيئة إسلامية عالمية متخصصة في شؤون الشباب، وتضم أكثر من أربعمائة وخمسين منظمة شبابية وطلابية إسلامية منتشرة في قارات العالم، هدفها خدمة الفكر الإسلامي الوسطي الصحيح، وتعميق روابط الأخوة بين الشباب المسلم، وتوضيح الدور الإيجابي للشباب في بناء المجتمع المسلم.
أعود لمؤتمر الندوة العالمي الذي تم التحضير والإعداد له منذ عامين، وقُدمت له العديد من أوراق العمل في موضوعه الرئيسي.. واعتمدت اللجنة العلمية عدداً كبيراً منها، وتم تحكيمها من قِبل خبراء متخصصين. وحرصت الندوة على أن تكون مواضيع مؤتمراتها ملامسة لهموم الشباب المسلم وقضاياه المعاصرة، ومعايشة لتطلعاته وآماله؛ ولذلك تم اختيار موضوع المؤتمر (الشباب في عالم متغير)؛ كي تواكب الندوة ما يريد الشباب بحثه ومناقشته في عصر يموج بالكثير من التيارات الفكرية والمنعرجات الخطيرة التي يمر بها شباب الأمة الإسلامية.
وقد تم تخصيص عدة محاضرات وجلسات بحوث وندوات، طُرحت خلالها أوراق العمل لكل ما يتعلق بموضوع المؤتمر المهم، ومن أبرزها: مفهوم التغيير في الإسلام.. ضوابطه وآلياته، الشباب والمتغيرات المعاصرة، الانتماء الوطني للشباب ودور العلماء والمفكرين في ترشيد الحراك الشبابي. كما شملت أوراق العمل نقاطاً عديدة حول الشباب والحريات العامة، الحقوق والواجبات، الشباب والإعلام الجديد، التحولات التكنولوجية والبطالة في أوساط الشباب. كما قدمت في المؤتمر تجارب شبابية إسلامية من أطياف مختلفة من الشباب. وكان لمشاركة العديد من أصحاب المعالي المشايخ أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة، وهم معالي الشيخ د. عبد الله المنيع ومعالي الشيخ د. عبد الله المطلق ومعالي الشيخ د. صالح بن حميد ومعالي الشيخ د. سعد الشثري ود. محمد الصالح والعالم السوداني د. عصام البشير والمفكر الموريتاني د. محمد الددو، وغيرهم من كبار المفكرين والمثقفين والأدباء من المملكة ومن الدول العربية وممثلي الجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا اللاتينية والصين من الجنسين، أكبر الأثر في إثراء محاور المؤتمر وإدارة ندواته وجلساته، والخلوص إلى توصيات تلامس الجرح، وتقدم حلولاً لما يعانيه شباب الأمة الإسلامية؛ لكي تنأى به عن المزالق والانحراف.
وقد لفت نظري في هذا المؤتمر أمور عدة:
1 - حرص الجميع على إنجاح فعاليات المؤتمر؛ إذ قدمت الجهات المختصة في المغرب الشقيق كل الإمكانيات والمساندة لنجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه.
2 - حرص الأمانة العامة للندوة ولجان المؤتمر ومسؤولي الندوة وموظفيها على راحة هذا العدد الكبير من الضيوف (تجاوز حضور المؤتمر 700 مشارك)، وعلى الإعداد المتقن للمؤتمر والتحضير المتميز له.
3 - إعداد المطبوعات التي تبرز دور الندوة ونشاطاتها المختلفة، سواء على صعيد الاهتمام بقضايا الشباب أو العمل الدعوي أو العمل الخيري، وهي من أبرز المهام والأدوار التي تقوم بها الندوة.
4 - توزيع مهام الندوة على مكاتبها الداخلية والخارجية يؤكد التنسيق وعدم المركزية اللذين تؤدي بهما الندوة عملها.
5 - السمة البارزة التي يتسم بها عمل الندوة هي أنها ذات رسالة تطوعية سامية نبيلة، لا تشوبها شائبة بحمد الله.
6 - مما لفت نظري أيضاً العاطفة المشبوبة لشبابنا المسلم، وفي مقدمتهم الشباب المغربي، الذين شاركوا بفاعلية نحو تصحيح صورة الإسلام ممن شوهه وأساء إليه. ومثل ذلك هدف نبيل، تحقق فيه الندوة هدفاً مباركاً بالدفاع عن قضايا الإسلام، ومن أبرزها الذود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن أساء لمقامه الكريم.
7 - ومن أجل ذلك كان من أبرز توصيات الندوة التي تجاوزت الخمسين توصية التشديد على أهمية سَن التشريعات والقوانين التي تجرّم الإساءة للأنبياء والرسل والأديان، والتوجه للهيئات والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو؛ كي تتبنى وتدعم ذلك.
8 - إن من المهم أن تأخذ توصيات المؤتمر المهمة حيز التنفيذ، وأن يكون الاهتمام بها بقدر حرص الشباب الإسلامي عليها؛ فهي صمام أمان، تعالج قضايا الشباب المعاصرة بأسلوب علمي منهجي قابل للتنفيذ مع الإرادة والتصميم من قِبل جميع الحكومات والهيئات الإسلامية ذات العلاقة، وأن تسعى الأمانة العامة للندوة التي يديرها الرجل النشيط جداً الدكتور صالح الوهيبي ومعاونوه إلى تعميم هذه التوصيات، ومخاطبة كل الجهات ذات العلاقة، خاصة إذا ما علمنا أن الندوة عضو غير حكومي من تلك الهيئات.
9 - كما لا يفوتني التنويه بالمشاركة الإعلامية المتميزة لوسائل الإعلام في المملكة وفي المغرب، الحكومية منها والخاصة؛ إذ أوفدت ممثلين لها من مذيعين ومحررين، قدموا تغطية شاملة للمؤتمر وفعالياته، وأيضاً من خلال المركز الإعلامي المميز الذي أقامته الندوة خلال المؤتمر، وقدم التسهيلات للإعلاميين لأداء رسالتهم.
10 - لكنني أختم بأهمية أن تنال مناشط الندوة كافة على مدار العام - وليس للمؤتمر فقط - كل الاهتمام الإعلامي، وتسليط الأضواء على جهودها ومساندتها ودعمها لما تقوم به من جهد وعمل مبارك، ينشد الخير للشباب المسلم الذي هو أهم سواعد البناء والتنمية في العالم الإسلامي.
بارك الله جهود كل المخلصين لما فيه خير شباب الأمة الإسلامية.
والله الموفق.
- وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب (سابقاً