رقية الهويريني
أجزم أن لا أحدَ منا لم يشاهد عامل نظافة يتسول بطريقة احترافية، راكضاً بقرب منزلٍ يهم ساكنه بركوب السيارة فيلقي العامل السلام عليه ويجتهد في تنظيف رصيف بيته كي يقدّر عمله ويعطف عليه ويمنحه ما يتيسر!.
وكي لا ألقي اللوم على العامل السائل أو المانح العطوف، ينبغي تحميل المسؤولية شركة النظافة المسؤولة عن تسليم العمال رواتبهم المستحقة نظاماً وبوقتها المحدد.
والملاحظ أن العمال يعرضون على الناس صورة من مسيرات رواتبهم التي لا تتعدى 400 ريال، ومحسوم منها قيمة التأمين بما يساوي 80 ريالاً! وبعد الاطلاع على مقدار الراتب تجد نفسك مجبراً على التصدق لاسيما أننا في بلد تغص براميل النفايات فيه بأنواع الأغذية والأثاث! وهو ما يقتضي متابعته من لدن وزارة العمل.
وعلى أمانات المناطق والبلديات التأكد من استلام العمالة رواتبها بانتظام عن طريق التحويل المباشر لحساباتهم.
وما يؤلم أكثر، أن تلك العمالة بسبب قلة الرواتب وتأخيرها استمرأت التسول وتركت عملها المناط بها، بل إن بعضهم ينشغل بجمع العلب الفارغة أو ينام تحت شجرة حتى ينتهي دوامه! والعجيب وقوفهم الدائم عند إشارات المرور بدعوى التنظيف وجمع النفايات، إلا أن المقصد الحقيقي هو التسول، وهذا يعود بلا شك لسوء الرقابة عليهم من قبل المشرفين. وهو ما ينبغي الالتفات له بتوظيف سعوديين للإشراف عليهم بدلاً من إشراف العمالة الوافدة ممن يتغاضون عن بعض مسؤولياتهم، وليست النائحة الثكلى كالمستأجرة!
ولمزيد من ضبط الأمر ينبغي إشعار سكان الأحياء بأرقام هواتف المشرفين وتيسير التواصل معهم سواء للإبلاغ عن سوء النظافة في الشوارع أو الشكوى من إهمال عمال النظافة، مع ضرورة التغيير الدوري لمواقعهم، ومكافأة المخلصين وردع المتخاذلين؛ لتبقى المدن نظيفة كما يبذل لهذا الغرض من أموال وكما يليق بالسكان.
إن منح العمالة النقود بصورة مباشرة يساهم بانصرافهم عن عملهم الأساسي الذي اُستقدموا من أجله، بالإضافة إلى تقاعس الشركات المشغلة واعتمادها على ما يمنحه بعض المواطنين لأولئك العمال وعمدها لتأخير رواتبهم، بدليل عدم احتجاجهم أو امتعاضهم من التأخير طالما يحصلون على ما يكفيهم من أعطيات السكان والمارة ناهيك عن إعطائهم ما يفيض من الأطعمة والملابس.
ولاشك أن الشرع الحكيم رغّب بالصدقة. ولا مانع من منح العمالة شيئاً من الأكل النظيف والملبس، وهو أمر محمود عوضاً عن النقود؛ كي لا يركن العامل لها فلا يسعى للمطالبة بحقه النظامي ويتحول لمتسول بغطاء عامل نظافة!