د. حسن بن فهد الهويمل
ما نوده من أميرنا المتفهم لأدوائنا، أن يقلص القرارات الفردية، التي يمارسها بعض المسؤولين، ثم لا تكون متكافئة مع ضخامة المشاريع، ومقاصدها.
ولن يتأتى ذلك إلا بتشكيل [لجان أهلية] مختارة بعناية تامة، وتشكيل [هيئة للتطوير، والمتابعة] وتفعيل المجالس النيابية في المنطقة، بحيث تحقق الأهداف التي رسمها لها المقام السامي، وبحيث تكون بممارسة مهماتها حاضرة في ذهن المواطن
فالمشاريع العملاقة، قد تتعثر بسبب اختلاف الآراء، وعدم وجود كيانات نيابية مُفَعَّلة، وفاعلة، تحسم الخلاف، قبل استفحاله، والله الذي ندب إلى الاستشارة، والاستخارة في الأمور، أمر بالعزم، والتوكل، لكيلا يطول أمد الجدل.
والقصيم بافتقاره إلى لجان متعددة، وفاعلة، ومُنَسِّقة بين محافظاته، فَوَّت على نفسه فرصاً نادرة. والشواهد على ذلك ماثلة للعيان.
ربما يكون القصيم من أكثر المناطق تعثراً للمشاريع، وإبطاء في تنفيذها، وسمو الأمير يعرف ذلك، وقد تابع بعض المشاريع المتعثرة متابعة ميدانية، واستاء من بعض التعثر لكثير من المشاريع.
وبالإمكان تشكيل لجنة من المتخصصين الأكفاء، لحصر المشاريع المتعثرة، وتحديد الأسباب، واقتراح الحلول. وإبعاد المعوقات، واستئناف العمل.
المواطنون يتطلعون إلى الوقوف على شكاوى المتضررين، وتذمرهم، من بعض القطاعات الخدمية، والاستياء من تردي خدماتها، واستفاضة تلك الشكاوي.
وقد زُوِّدَ المسؤولون من قبل بوثائق إثبات، لامجال للمزيد، أو المزايدة عليها، والواقع خير شاهد. والاستفاضة كافية، ولسنا بصدد الاستعداء على أحد، وإنما هدفنا ينحصر في {عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف}.
كل الذي نريده بداية راشدة، تقطع دابر الإهمال، والتهاون، والتقصير العارض، أو المتعمد من بعض الإدارات الخدمية، وتسببها في تجميد الميزانيات المعتمدة ، أو تدويرها في ميزانيات متتابعة.
وفي المقابل هناك قطاعات لم تقصر في أداء مهماتها، وهي جديرة بالمساندة، والتواصل مع مراجعها، لحثها على فك الاختناقات، التي تعاني منها. وسمو الأمير خير من يسعى في حاجتها.
القصيم يواجه انفجاراً سكانياً، لم تستوعبه سائر القطاعات الخدمية، والتعليمية، والصحية.
وليس أدل على ذلك من [ جامعة القصيم ] التي فاقت التوقع في إنجاز المشاريع والاستيعاب الطلابي، وهي مقبلة على كثافة طلابية منهكة، لن تكون في مصلحة مخرجات الجامعة.
وأمل المواطن أن تُحَلَّ هذه الضائقة بإنشاء جامعة، أو جامعتين في محافظة [عنيزة ] و [الرس].
والجامعة فعلت خيراً عندما هيأت المحافظتين، ووضعت في كل محافظة نواة للجامعة: أرضاً، وبنية. وأنشأت عدداً من الكليات فيهما، وفي سائر المحافظات.
وسمو الأمير خير من ينقل هذه الرغبة لخادم الحرمين الشريفين، ويعجل في حل مشكلة الكثافة الطلابية المتزايدة عاماً، بعد عام، والمتجاوزة للحد المسيطر عليه.
القصيم ياسمو الأمير ملتقى طرق، وواسطة عقد، ومن اليسير تواصل المناطق المجاورة له معه، والتزود من أسواقه، والاستفادة من خدمات قطاعاته المتعددة.
وهذا العبء لم يُحْسب له أيُّ حساب في خطط التنمية. وللتأكد من هذا العبء، لابد من الاستعانة بلغة الأرقام، للتعرف على ما تقدمه الأسواق، وبعض القطاعات الخدمية، كالصحة، والتجارة، والتعليم.
وأحسب أن مواجهة هذه الظاهرة المجهولة، أو المتجاهلة يحتاج إلى تشكيل لجنة من مختلف الوزارات، وبخاصة الصحة، والبلديات، والغرف التجارية، للوقوف على حجم الخدمات التي تقدم لمحافظات المناطق المجاورة لمنطقة القصيم، تمهيداً للعمل على فك الاختناق. ولغة الأرقام تقطع قول كل خطيب، وبخاصة حين يتردد أصحاب القرارات في الإصاخة للتذمرات.
فكل القطاعات الخدمية، تقدم من التسهيلات ما لا طاقة لها باحتماله، ووضع بعضها لا يمكن تصوره، ونبض الشارع يلح على التدخل السريع، الذي يقدر حجم الخدمات، ويوفر ما يحفظ لها توازنها.
القصيم الذي استبشر أهله بهبة خادم الحرمين الشريفين، يود أن تكون صورته ماثلة بين يدي أصحاب المعالي وزراء المالية، والتعليم، والصحة، والبلديات، والنقل، والمياه، والكهرباء، والعمل، وسائر المسؤولين الذين ربما يكون تقصيرهم، أو إبطاؤهم ناتج اضطراب في التصور، أو نقص في المعلومات. وسموكم خير من ينهض بمهمة التواصل، ونقل الصورة كما هي.
ولأن خدمات الأمانة، والنقل، والصرف، والكهرباء، والهاتف تتداخل، ويعوق بعضها بعضاً، فإن [ بيروقراطية ] التجاذب، يعيق المشاريع، ويحمي المقصر، ولابد -والحالة كذلك - من تشكيل غرفة عمليات مباشرة، تزيل العوائق، وتقضي على التسويف، وتحدد الجهة الضالعة في التقصير.
من الملفات التي يتداولها الشارع العام، وهي بعض مايشغل بال سمو الأمير [الأحياء العشوائة ] و [الطرقَ المحورية]. و[الأراضي البور] داخل النطاقات العمرانية، المستحيلة الحل، بوضعها القائم. والتعجيل في تسمية الشوارع، والأحياء، والميادين، وإعطاء الأولوية - بعد قادتنا - لرجالات المنطقة، فهم الأولى بالوفاء، ولاسيما رجالات الملك عبدالعزيز. وفتح ملف [المصفاة] وإعداد خطة تنمية مناسبة لـ[محافظات، ومراكز الدرع العربي]، والتصدي [للسوسة الحمراء] التي أرعبت المزارعين.
كما أن القصيم لم يكن له نصيب من المشروعات المليارية، كـ [المدن الاقتصادية] و[الطبية] وإن حظي بمفردات المشاريع التي تشكل بمجموعها أكثر من مليار.
وإذ نحمد لسموكم تشرفكم باختيار طريق [الملك سلمان] وتدشينه، فإننا نود نفاذه من أطرافه، ليكون طريقاً بمستوى مسماه، بحيث يمتد من [المطار] إلى [القطار]، ويستعان بالأنفاق، والجسور عند تقاطعه مع الشوارع الرئيسية، أسوة بطريقي [الملك فهد] و[الملك عبدالله ] رحمهم الله.
إن ما يتطلع إليه القصيم، بكافة مدنه، ومحافظاته، ومراكزه، لا يُخَوِّله إنكار الجميل. فالدولة وفق الله رجالاتها، غمرته بأفضالها، وأعطته من العناية ما أعطي لكافة المناطق، ولكن النهضات المتعددة الجوانب، التي يتمتع بها القصيم بسبب الأمن، والرخاء، والاستقرار، جعله يسبق ظله، ويتجاوز التقديرات، والحسابات.
ومهما قلنا عما نحن فيه من خير عميم، فإن النقص، والتقصير من الظواهر الحتمية، التي لا يجوز تجاهلها. وبتضافر الجهود، واتحاد الكلمة، يتجاوز المسؤولون مثيرات التذمر.
ولأننا لما نزل في ضجة الفرح، وعنفوان التطلع، فإننا لانود أن تعصف بنا فيوض المشاعر، فنزكي على الله، أو نراهن على التوقع، أو ننكر الجميل، ولكننا ممتلئون بالتفاؤل، والثقة، وحسن الظن. وفي الأثر:- [ أنا عند حسن ظن عبدي بي].
نسأل الله أن يحفظ وطن المقدسات من عوارض السوء، وأن يسدد على طريق الهدى عزمات خادم الحرمين الشريفين، ومَنْ حوله من ولات عهد ونواب، ووزراء، ومستشارين، لينعم الوطن، بما تفضل الله به عليه من خير عميم، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.