في شتاء عام 2009 م أزاح بنك الرياض الستار عن مبادرة تكافلية جديدة ضمن سلسلة مبادراته المجتمعية الموجهة لتقديم الدعم للأسر المعوزة والمحتاجة، ومدّها بالمستلزمات الضرورية التي تحصّن أفرادها من قسوة برد الشتاء، في خطوة إنسانية نابعة من القيم الأصيلة الداعية للتكافل الاجتماعي وتوثيق عُرى التعاضد والتآلف بين أبناء الجسد والوطن الواحد.
المبادرة نضجت ملاحمها بمرور السنوات، وترسّخت تجربتها واكتملت مقوّماتها لتتحول لما هو أبعد من مجرد نشاط خيري عابر. حيث تطورت أدواتها وأهدافها واتسعت نطاقاتها كماً ونوعاً، لتصبح برنامجاً متكاملاً ومستداماً يتبع لسلسلة طويلة من البرامج والمبادرات النوعية وقوافل الخير التي تقدّم نموذجاً يحتذى في سبل العطاء والوفاء لأفراد المجتمع.
يقول المشرف العام على برامج خدمة المجتمع في بنك الرياض محمد بن عبدالعزيز الربيعة «إن فكرة البرنامج كانت في بداياتها تقوم على مبدأ توزيع الاحتياجات الشتوية الضرورية كالمدافئ والأغطية والبطانيات، على أفراد الأسر المحتاجة، وذلك خلال فصل الشتاء من كل عام، استشعاراً من البنك بمسؤوليته تجاه أفراد المجتمع، وتفعيلاً لقيم التكافل الاجتماعي التي يحضّ عليها ديننا الحنيف وتقاليدنا الأصيلة».
واليوم؛ إذ تستعد قافلة «كسوة الشتاء» ومع اقتراب رحيل فصل الشتاء على حطّ رحالها لهذا العام قبل أن تعيد أنفاسها للانطلاق لموسم آخر من مواسم العطاء، فإن الربيعة يعيد التذكير بأن «كسوة الشتاء» كبرنامج بدأ يأخذ مساراً آخر أكثر شمولية في الأهداف والأبعاد، إذ إننا سعينا إلى إدراجه ضمن البرامج التطوعية التي نترجم من خلالها ثقافة العمل التطوعي للعاملين في البنك إلى واقع ملموس، من خلال إشراكهم المباشر في تنفيذ تلك البرامج، انطلاقاً من رؤية البنك بضرورة إشاعة مفهوم «خدمة المجتمع « كالتزامٍ يمسّ كل فرد من أسرة بنك الرياض، وعلى اعتباره إحدى القيم الأساسية التي يرتكز إليها نشاط البنك على اعتباره شريكاً تنموياً رائداً في المملكة.
ويؤكد الربيعة على أن «كسوة الشتاء» تعد إحدى محطات برامج «قوافل الخير» التي يسيّرها بنك الرياض على مدار العام، كالقافلة الرمضانية، وقافلة توزيع المواد الغذائية، وقوافل توزيع الأجهزة الطبية للمرضى وكبار السن، والتي تعد وجهاً من وجوه عطاء البنك ووفائه للمجتمع وأهله.
ولا يخفي الربيعة اعتزازه بمستوى التفاعل الذي حظي به البرنامج من قبل موظفي وموظفات البنك، وما أبدوه من حماسة وتحفّز للمشاركة به مدفوعين بحسّهم الاجتماعي والإنساني، ورغبتهم الصادقة والعفوية للمساهمة في إنجاح مقاصد البرنامج وتوسيع قاعدة المستفيدين منه، رغم ما يحمله البرنامج من جهد حقيقي، ويتطلبه من عناء في التنقل والترحال إلا أنها لم تزدهم سوى إصراراً على مواصلة المشوار.
وتروي فدوى الجهني إحدى موظفات بنك الرياض تجربتها الشخصية مع برنامج «كسوة الشتاء» والذي تشارك به للعام الثاني على التوالي، حيث تقوم إلى جانب زميلاتها في البنك بزيارات إلى مجموعة من الأسر المحتاجة والفقيرة، لتقديم إعانات الشتاء لهم بصورة مباشرة والاطلاع على أوضاعهم والتعرف إلى احتياجاتهم المعيشية وظروفهم الصعبة، لتقوم بدورها بنقلها إلى إدارة البنك في محاولة لتقديم ما يلزم للتغلب على تلك المصاعب.
وتقول فدوى: «أضافت المشاركة في «كسوة الشتاء» لتجربتي الإنسانية الشيء الكثير، وأتاح لي البرنامج الفرصة للتعبير وبشكل عملي عن مساندتي لأفراد المجتمع الذين يحتاجون لمن يقف إلى جانبهم ويساندهم، وقد زادتني كل زيارة قمت بها اعتزازاً بنفسي وبالبنك الذي انتمي إليه».
ويذهب شاكر الوابلي أحد موظفي بنك الرياض المشاركين بالحملة من جانبه إلى أن كسوة الشتاء تتجاوز في واقع الأمر حدود تقديم الأشياء العينية، إذ إن ما هو أهم من ذلك أن تُشعر الآخرين أن هناك من يقف إلى جانبهم ويتلمّس احتياجاتهم ويشد على أيديهم ويحيطهم بالعناية والرعاية، وهذا هو جوهر البرنامج الحقيقي الذي يكمن في الاقتراب أكثر من هموم الناس والتخفيف عنهم وما يواجهون من ظروف صعبة.
ويضيف الوابلي مع كل ردة فعل إيجابية وارتياح يرتسم على محيا أفراد تلك الأسر، كنا نزداد عزيمة على تقديم المزيد، بل والبحث عن مبادرات مماثلة أخرى.