لكل منا عالمه الخاص وحدود تُبعد بينه وبين الآخرين وله أسراره وأحاديثه الخاصة مع نفسه، والتي ينبغي ألا يجعل الآخرين يقتربون منها. ويوجد فئة من البشر لا ترتاح ولا تستقيم لها حياة إلا بمعرفة أدق تفاصيل الآخرين. كل صغير وكبير لابد أن تعرفه وهذا بالطبع يؤذي النفس وتكرهه وكل واحد له اهتماماته.. نجد منهم من يهتم بالأمور الاجتماعية من زواج وطلاق وحمل وولادة وسفر... وغيره ، ومنهم من يهتم بالأمور المادية من وظيفة وكسب وربح... وغيره، وغير ذلك من مجالات الحياة وهو في تعبٍ دائم حتى يعرف أمور الآخرين.
لكن لو جرب أحدنا أن يسألهم لامتعض وتضايق إذ كيف لأحدٍ أن يخترق عالمه الخاص وخصوصياته لأنه يعلم أنّ هذا شيء خاص ولا أحد يتجاوزهُ فلا يسمح لهم هؤلاء في بداية الأمر يلقون سؤالاً لجس النبض ويجربون ردة فعل الآخرين وبعدها ينطلقون في مهمتهم الممتعة.
ولو فكرنا قليلاً إننا نحن المخطئون ونحن من سمحنا لهم بهذا، فلو أننا وقفنا معهم وقفة رادعة من أول سؤال ومن أول تخطٍّ لحدودنا وتجاوزها، لما تجرأوا علينا ولما سمحوا لأنفسهم بالاستمرار في هذا. إن الفرق بين الطيبة والضعف شعرة واحدة، والفرق جد ضئيل.
فالشخص الذي بهذه الصفات إنما هو شخص ضعيف تجاه مقاومته للآخرين ووقف سيل أسئلتهم وتجرؤهم عليه، وإقحام أنفسهم في أموره الخاصة والتي يجب أن يقف تجاههم موقفاً رادعاً. فهو بين أمرين إما السكوت ولا حُرمةَ لخصوصياته وبهذا هو إنسان ضعيف وسيدخل في دوامة لن ينتهي منها إلا بكشف أسراره وخصوصياته، أو يقف موقف القوي ويفرق بين الطيبة والضعف ويمنع سيل التجاوز والدخول لعالمه الخاص، وهنا سيكسب احترامه لنفسه أولاً ثم احترام الجميع، وأيضاً سيجد هؤلاء الفضوليون رادعاً لهم ودرساً يعلمهم أنّ تصرفهم هذا خطأ، وسيخلص المجتمع من هذه العادة السيئة، فلنجعل لمحبتنا وتعاملنا حدوداً لا يقترب منها أحد فأنت تحبني : إذاً لا تقترب أكثر والتزم حدود التعامل معي ، هي حدود أولوية يجب أن يضعها الكل في قاموس تعاملهم مع الآخرين ليرتاحوا ويُريحوا.