حمّاد السالمي
* في الأفق، ما يُبشر بتطوير شامل في وزارة الدفاع، فقد ترأسَ (سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز) وزير الدفاع، رئيس الديوان الملكي، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس اللجنة الاقتصادية والتنمية قبل أسبوع فارط، الاجتماع الدوري للجنة الوزارية المكلفة
هذا الملف، الذي يتناول تحديث البنى التحتية للوزارة، والبرامج المستقبلية في الجوانب التشغيلية.
* أتمنى أن يتناول البحث مستقبلاً، مسألة (التجنيد الإلزامي)، فهو نظام يُوفر حال اعتماده، جيشاً رديفاً من جند الاحتياط، الذي يرفد القوات العسكرية عند اللزوم، ويسند قوات الأمن العام في مهامها، ويخدم مواسم الحج والعمرة.. فنحن دولة مستهدفة على الدوام، وكذلك دول الخليج العربي، وإيران الصفوية هي (الشيطان الأخطر) الذي يهدد أمننا وأمن دول الخليج العربي كافة، وقد حان الوقت الذي نواجه فيه هذه القوة الغاشمة - عدداً وعدة -، بملايين المجنّدين المدربين، الذين يعرفون كيف يدافعون عن أوطانهم، وكيف يحمون حدودهم، وكيف يسهمون في بناء مجتمعاتهم.
إن فكرة (التجنيد الإلزامي) أو (خدمة العلم)، تبدأ عادة بعد إتمام التعليم العام وقبل التوظيف، بل هي شرط أساس للتوظيف، ولو بُدئ بها في المرحلة الثانوية بنين وبنات لكان أفضل، بحيث تأتي في ثنايا مقرر التربية الوطنية، فتعطي دروساً نظرية في القوة والفتوة، وفي التعريف ببعض المهن اللصيقة بحياة الشباب، من أجل التهيئة والتعريف بالتجنيد، وبأهميته ودوره ومتطلباته، وصيغة كهذه لاختيار الرجال للخدمة العسكرية لمدة عام إلى ثلاثة أعوام، صيغة معروفة مشهورة في كل أنحاء العالم، وقد ظهرت في اليونان وروما قبل ألفي عام، واستخدمتها الدول المتحاربة في الحربين العالميتين الأولى والثانية بصورة واسعة، وعُرف التجنيد الإجباري عند العرب والمسلمين في وقت مبكر جداً، فقد كتب الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى القائد المثنى بن حارثة الشيباني قائلاً: (لا تدعوا في ربيعة ولا مضر ولا حلفائهم أحداً من أهل النجدات، ولا فارساً إلا اجتلبتموه، فإن جاء طائعاً وإلا حشرتموه).
ومن هنا بدأ (التجنيد الإلزامي) لدى المسلمين يتخذ شكلاً منظّماً، ويستند إلى سجلات موثّقة، وأخذ وضعه التطبيقي على أكمل وجه في عهد الخلفاء الأمويين، حين بدأ الناس يتقاعسون عن هذا الواجب، ثم إن أول من سنّه في هذه الفترة هو (الحجاج بن يوسف الثقفي ت 714م)، ثم أخذ به (محمد سعيد باشا في مصر ت 1863م).
* إن المشهد الشبابي اليوم في بلادنا، يعتريه كثيرٌ من التشوهات التي لا تليق به، ولا تمثّل مجتمعه الذي يتوق إلى الكثير من المثاليات في أخلاقه وسلوكه وأدائه وبنائه، فمن مفحطين، إلى درباويين، إلى محزقين وملزقين ومنفشين، إلى عابثين ومتهتكين، لا يعبأون بممتلكات خاصة أو عامة، ولا بسلوك منضبط في البيت أو الشارع، إلى آخرين غَضِّين، ويخافون من الفأرة والجرادة والصرصور..! فكيف نتخلص من هذه التشوهات..؟ وكيف نُسخِّر الطاقات الشبابية للصالح العام، وندّخرها للمستقبل الذي نعمل ونجهد من أجله..؟
*صحيح أن كثيراً من الحلول تكمن في التعليم العام إذا أحسن ضبطه، وفي التوجيه الديني إذا ملك القدرة على الجذب والمقاربة مع تطلعات الشباب وطموحاتهم، وترسيخ مبادئ الوطنية، ولكن المعالجة لما هو واقع، لا يمكن أن تتم بالملاحقات، والجزاءات، ولا حتى فلاشات ساهر.
نحن نُواجه معضلات مستجدة، وعاهات مستعصية، تتسع دوائرها يوماً بعد يوم، خصوصاً في ظل الانفتاح الإعلامي، وقنوات التواصل المتعددة، والتسطيح الثقافي المتعمد، إلى جانب البطالة، وإفرازات حافز، وكثير من المغريات المعاصرة، التي لم تكن موجودة في زمن مضى.
* أعتقد أن الحل يكمن في (التجنيد الإلزامي)، أو (خدمة العلم)، أو (الخدمة العسكرية الإلزامية).
لا تهم التسميات هنا، بقدر ما تهم الأهداف التي نتطلع إليها، من القضاء على تلك التشوهات والعاهات، وأن يحل محلها تدريب عسكري جاد، وتأهيل انضباطي حازم، خدمة للوطن، وحماية للمجتمع، وصيانة للممتلكات، وبناء لما هو آتٍ.
* ليس منا من لم يتطلع إلى شباب منضبط سلوكياً.. ملتزم أخلاقياً.. منتج مهنياً.. جاهز عسكرياً لخدمة الوطن الواحد الذي يعيش فيه كما عاش آباؤه وأجداده، وهذه رغبة موجودة لدى الكبار والصغار، حتى الجاد من الشباب أنفسهم.
الكل يتطلع إلى تجنيد عسكري إلزامي، يحمي شبابنا من عدوان دعاة (الجهاد المزيف)، ومشعلي الفتن، وأرباب الإرهاب، إلى (جهاد الخدمة الوطنية)، ويخرج بهم من دائرة الولاءات المناطقية، والانتماءات المذهبية، والتحيزات القبلية، إلى دائرة الانتماء الوطني فقط.
هذا هو الهدف الأسمى الذي أراه ممكن التحقيق بالتجنيد الإلزامي.
* دعونا نجرب حل (التجنيد الإلزامي).. (خدمة العلم)..
لن نندم، فالهدف ليس هدفاً حربياً قتالياً بالضرورة، ولكنه هدف أخلاقي تربوي بنائي حمائي، وإعداد قوة وطنية بشرية مساندة، تتيح لنا الاستفادة من طاقاتنا الشبابية، وتوفر لنا الأمن والأمان الذي نريد، في وطننا الغالي - بعد الله عز وجل -.