د. محمد عبدالله الخازم
يمثل مجلس الشورى البرلمان أو الموازي للمؤسسات البرلمانية في العالم، وطبيعة العمل البرلماني تقتضي آليات محددة في إدارة العمل وبالذات في مجال إدارة جلسات النقاش والتصويت وإقرار المواضيع المدرجة للتصويت والنقاش من عدمه. ذلك ما يظهر للمتابع من خارج المجلس، وخلفه يكمن المطبخ البرلماني المتمثل في عمل اللجان المتخصصة والأعضاء والجهاز الإداري والفني المساند، إلخ. قبل البدء في موضوع المقال، نوضح بأن العمل الإداري قابل للنقد وهناك فرق بين نقد العمل الإداري أو التنظيمي ونقد أو التدخل في شرعية الممارسة. على سبيل المثال نقد أداء هيئة المعروف أو نقد أداء المحاكم لا يعني بالضرورة الاعتراض على شعيرة الأمر بالمعروف أو التدخل في استقلالية القضاء وما ينظره من قضايا. نفس المنطق ينطبق على مجلس الشورى، لست أكتب هنا عن مبدأ الشورى أو استقلالية العمل البرلماني وعلاقته بالسلطات الأخرى وإنما أكتب بعض الملاحظات المتعلقة بالأداء الإداري.
الملاحظة الأولى تتعلق بموظفي المجلس. لا شك بأن المجلس يسعى لتوفير كل الدعم الإداري والفني للسادة والسيدات أعضاءه ولجانه وأعماله المختلفة، لكن الملاحظة التي وصلتني من بعض الأعضاء تشتكي من كثرة الموظفين وتواضع كفاءة العديد منهم في أداء المهام المنوطة بهم. بمعنى أن المجلس لديه تضخم في عدد الموظفين لكنه يعاني من نوعية الكفاءات العاملة بالمجلس. الإيجابي هو أن غالبية العاملين بالمجلس هم من فئة الشباب والشابات وبالتالي فالخيار متاح لتكثيف تدريبهم وتطوير أداء الجيد منهم وإشعار المقصر أو الغير قابل مستواه للتطور بأن المجلس مكان للمتميزين فقط.
الملاحظة الثانية حول تحفيز تقارب الأعضاء. استغربت عندما سألت أحد الأعضاء عن زميل آخر له بالمجلس فأجاب أنه يراه في المجلس وإن صادف فقد يلقي السلام عليه. ربما يكون ذلك مرده كثرة منسوبي المجلس من أعضاء وموظفين أو نتيجة لوجود مجموعات متعددة داخل المجلس، حيث ينجذب العضو فقط للمجموعة التي ينتمي إليها، سواء بالتخصص أو التوجه أو الفئة. ربما يحتاج المجلس إلى عمل اجتماعي غير رسمي يعمق علاقات الأعضاء بعضهم البعض ويزيل بعض الحواجز الوهمية بينهم. قد تكون فكرة إيجاد نادي برلماني أو شوري مناسب لتحفيز النشاط الترويحي والثقافي والاجتماعي للأعضاء وليكون مكانا غير رسمي يتقارب فيه الأعضاء ويستمتعون بهواياتهم المختلفة. ويشمل ذلك تنمية ثقافتهم البرلمانية والعامة، بما يعزز في النهاية فكرهم ونقاشهم الشوري ويعزز انتماءهم وتقديرهم لعملهم بالمجلس.
الملاحظة الأخيرة تتعلق بإدارة جلسات المجلس. ليأذن لي رئيس مجلس الشورى الفاضل بأنني لاحظت أن رئاسة المجلس تمنع أو تتدخل في نقاش بعض المواضيع التي يتقدم بها الأعضاء، بشكل يبدو وكأنه لا يتفق مع حرية طرح ما يشاءه العضو من مواضيع. بل أن أحد الأعضاء اشتكى من مقاطعة رئاسة المجلس له أثناء مداخلاته بشكل يربك تسلسل أفكاره ويعيق اكتمال فكرة بعض المداخلات. أخشى أن يفهم البعض تدخلات رئاسة المجلس وكأنها دفاع عن السلطة التنفيذية أو محاولة للتأثير على سير القرار الشوري. أعلم حرص معالي رئيس المجلس وخبرته الطويلة في هذا المجال وغيره.
أنا حذر من حساسية ما أقوله هنا، لكن ذلك لا يمنع تقبل همستنا هذه فنحن ننقل الملاحظات التي نسمعها وكامل تقديرنا لمعالي رئيس المجلس وأعضاء وعضوات المجلس.
طبيعة عمل الشورى هي نقد وتقييم العمل الحكومي، وبالتالي نتوقع منهم تقبل ملاحظاتنا أعلاه التي تحرينا مصدرها من أكثر من عضو بالمجلس.
وهي ملاحظات نابعة من تقديرنا لمجلس الشورى، ولا تتعارض مع مبدأ الشورى والعمل البرلماني بصفة عامة.