إبراهيم السماعيل
إن التعريف المبسط للعائد على الاستثمار في عالم المال والأعمال هو نسبة الإيرادات المحصلة من كل دولار تم إنفاقه على نشاط معين، فكلما زادت النسبة المحصلة أصبح الاستثمار مجدياً وناجحاً، وكلما قلت هذه النسبة حصل العكس، وهذا المبدأ أو التعريف هو نفسه المطبق في عالم السياسة مع اختلاف في بعض الأدوات ومنها نوعية وماهية العائد على الاستثمار.
ما أود الحديث عنه اليوم يتعلق بما ورد في وسائل الإعلام عن حجم الإنفاق السنوي لإيران في المنطقة ومكاسب إيران الهائلة نتيجةً لهذا الاستثمار.
إن ما تنفقه إيران في السنة على عملائها والذي لا يتجاوز 2 مليار دولار في السنة، منها مليار دولار سنوي لدعم بقاء العصابة النصيرية في سوريا وما لا يزيد على 300 مليون دولار لحزب إبليس في لبنان والباقي ينفق على بقية العملاء في المنطقة مثل الحوثي في اليمن وحماس في غزة وكل العملاء والمرتزقة الآخرين في باقي الدول التي يوجد فيها أقليات شيعية، وكذلك على مغامرات التشييع الفارسي في مختلف بلاد العالم الإسلامي.
مع هذا الإنفاق لإيران مقابل غموض وزيف وتهافت قضية الفرس التوسعية إلا أنهم استطاعوا استثمار هذه المبالغ الهزيلة ببراعة وتعظيم العائد على استثماراتهم، فكيف فعل الفارسي ما فعله بتكلفة زهيدة.
وأمام هذه الهجمة الفارسية التوسعية الشرسة استغلت إيران ببشاعة وخبث وحقد قل نظيره الاستعداد والرغبة لدى بعض الأقليات الشيعية العربية في العمالة للفرس وأثارت أحقادها الطائفية الدفينة على الأغلبية السنية، وبالتالي استثمرت هذا العامل المهم بحدوده القصوى.
ومنذ نجاح ثورة الشعوب الإيرانية قبل أكثر من ثلاثة عقود واختطاف الملالي لهذه الثورة (وقد حاول الإسلام السياسي في مصر السير على خطى الملالي في إيران لاختطاف الثورة المصرية لكنه لم ينجح لأسباب كثيرة لا يسمح المجال للحديث عنها)، قام الملالي بتبني أيدلوجيا ثورية غوغائية فيها الكثير من الدجل والتضليل تحت عنوان تصدير الثورة رافعين فيها كذباً شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية ومعاداة اليهود والهدف غير المعلن لتصدير الثورة هو تصدير القلاقل والفتن والفوضى للدول العربية تحديداً وتحت هذا الشعار المضلل تم اختطاف القضية الفلسطينية واستغلالها استغلالاً بشعاً في تسويق الأيدلوجيا الفارسية تحت شعار مضلل وكاذب هو مقاومة العدو الصهيوني (محور المقاومة والممانعة).
ويعد تآمر وتواطؤ القوى الكبرى مع الفرس العامل البالغ الأهمية ما مكن الفرس من تعظيم العائد على الاستثمار بهذا الشكل الكارثي، وبدونه لم يكن الفرس ليستطيعوا النجاح، ويكفينا هنا ذكر الحرب على الإرهاب الذي اخترعته القوى الكبرى واستغله الفرس وعملاؤهم أبشع استغلال في تحويل كل المطالب المحقة للشعوب العربية إلى حرب على الإرهاب وتحت هذا العنوان المضلل تجري الآن أقذر عملية تطهير طائفي عرفها التاريخ في سوريا والعراق على أيدي الفرس وعملائهم وبإشراف مباشر وتعاون خفي من القوى الكبرى، فقد تآمرت الدول الكبرى لقلب المعادلة من حرب ضد الطغيان والاستبداد والهيمنة والتوسع الفارسي إلى حرب على الإرهاب تقودها الولايات المتحدة بمشاركة فعلية من الفرس وعملائهم الشيعة في المنطقة فقط، وجرى استبعاد العرب السنة من هذه الحرب التي لم تكن لتحدث لولا الإرهاب الفعلي الذي يمارسه المعسكر الفارسي، وبالرغم من كل هذا فما زال العرب السنة يطالبون بتسليحهم للمشاركة في هذه الحرب إلا أن الولايات المتحدة تلتقي مع الفرس في عدم تمكين العرب السنة من التسلح الفعلي وليس الشكلي لمواجهة الإرهاب الداعشي، وفي المقابل يجري تسليح الشيعة في سوريا والعراق، أي أن السنة هم ضحايا داعش الرئيسيين فبماذا نسمي كل هذا إن لم يكن تآمراً مع الفرس فماذا يكون إذاً؟