إن الحديث عن تأريخ الملك المؤسس المبارك الصالح الملك / عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله وغفر له - حديث عن عظماء خلد التأريخ ذكرهم، بأمجادهم وأفعالهم ومنجزاتهم العظيمة التي أعادت للدين قوته وهيبته، وللعقيدة نقاءها وصفاءها، وللوطن وحدته وأمنه وأمانه واستقراره، وأسهمت في الاستقرار والأمن والسلم العالميين، وكانت بفضل الله أعظم وحدة عرفها التأريخ المعاصر، إنه حديث عن شخصية أبهرت العالم، وأسرت القلوب، بما حباها الله من خلال وخصال، وما وهبها من مواهب جمع الله عليها القلوب، ووضع لها القبول. حديث عن مدرسة لا تزال آثارها تتوالى، وفضل الله بها يتتابع، فما نعيشه اليوم في هذا الوطن الكبير، والبلاد المقدسة المملكة العربية السعودية من نعم وآلاء يعزى الفضل فيها بعد الله إلى جهود الملك المؤسس - رحمه الله - وتظهر عظمة المنجز بكثرة آثاره، وتنوع مساراتها، فإنَّ تحدث المتحدث عن تعظيم شريعة الله، وتطبيق حكم الله، وحماية توحيد الله، وخدمة مقدساته وعمارتها فسيجد أن ذلك جانب رئيس، يدرك المتأمل فيه سراً من أسرار البقاء، والنصر والعز والتمكين والاستخلاف مصداقاً لوعد الله في كتابه
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمنوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا استخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمنا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًاَ .
وإن تحدث المتحدث عن زعيم وحَّد جزيرة العرب، وشارك في الأمن الدولي في زمن كان يعج بالحروب، والفتن والقلاقل، بل وتعصف به الحروب العالمية فسيرى أن ذلك من حفظ الله لهذه البلاد، واختياره لها من يحميها، ويقيم شرعه فيها اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ .
وإن رام المتحدث عن إقامة دولة عصرية تعتمد الحكم بشريعة الله، وتأخذ بكل أسباب التطور والرقي والحضارة في زمن قياسي فإنه يعجز عن قراءة المؤشرات ولغة الإحصاءات.. نعم متتالية، وآلاء تفوق الحصر كتبها الله على يد هذا الإمام المجاهد الصادق الناصح، الملك المبارك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - وورث أبناؤه وأحفاده هذه الخلال والخصال، فامتدت النعم واكتملت باتصال نعمة الجماعة والإمامة، ولا نزال نعيش هذه النعم، في هذه الحقبة المباركة التي يقودنا فيها للخير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - يسانده ويشد من أزره ولي العهد الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز - حفظهم الله - .
إن كل ذلك يستدعي دراسة تأريخ هذه الشخصية المباركة، واستجلاء جوانبها، وإثراء المكتبات ومصادر المعلومات بما تحتاجه من ذلك، وقد كان للجامعة العريقة الجامعة التي شرفت بأنها تحمل اسم المؤسس الأول جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قصب السبق في عقد المؤتمر الأول لتأريخ الملك عبد العزيز، وها هي تواصل المسيرة بعقد المؤتمر العالمي الثاني الذي شرف برعاية كريمة ومتابعة ودعم ومؤازرة من خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - أيَّده الله وحفظه - الذي امتاز بالعلم الموسوعي والحكمة والقراءة الواعية، وعلى الأخص ما يعنى بالتأريخ عموماً، وتأريخ المملكة العربية السعودية خصوصا، بل هو مرجع في هذا وإسهاماته ومخاطباته ومكاتباته شاهد على ذلك، فلا يستغرب من سلمان الوفاء، وسلمان التأريخ وسلمان الأمجاد، أن يرعى مؤتمراً عالميا بهذا الحجم يعد امتداداً للمؤتمر الأول، وأن يسجل في تأريخ الجامعة استهلاله لحكمه الرشيد وعهده الميمون بهذا الحضور العلمي الذي يؤكد به الأسس التي قامت عليها هذه البلاد الطاهرة، والوطن العزيز المملكة العربية السعودية وإننا في هذه الجامعة العزيزة لمغتبطون بهذه الرعاية الملكية، وهذا الحضور المهم، ومحظوظون بأن نكون في مقدمة الجامعات التي تحظى بتشريفه وحضوره - رعاه الله - وفي ذلك ولاشك دلالات مهمة، ومؤشرات عميقة عظيمة يأتي في مقدمتها أهمية المؤتمر، وأهمية موضوعه، وذلك نابع من تسليط الضوء على جوانب من سيرة وتأريخ الملك المؤسس - رحمه الله - وغير خاف على أحد أن تأريخ المؤسس - رحمه الله - هو جزء من تأريخ هذا الوطن، بل هو المرحلة الأهم فيه، وما أحوجنا إلى ترسيخ مقومات المواطنة بهذه القراءات التأريخية، التي تظهر حجم التضحيات، والبذل والعطاء ليكون هذا الوطن شامخاً عاليا عزيزاً، وسيظل بإذن الله، كما أن هذه الرعاية شاهد على أهمية الجامعة التي تقيمه، فهي جامعة خدمت الوطن منذ عقود، وأثرت الدراسات الإِنسانية والعلمية، وفاقت وتقدمت في هذه الفعاليات العلمية التي هي من أمثل الأساليب المنهجية لتطوير العلوم والمعارف الإِنسانية، وخدمتها والرعاية تتويج لمسيرة عطاءات الجامعة وإسهاماتها العلمية والبحثية، ونجاحاتها المتوالية، فالحمد لله على فضله، وبعد فإننا نحمد الله على فضله ونسأله المزيد من فضله، ونجدها فرصة لنجدد البيعة والولاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بعبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبد العزيز - حفظه الله - وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز - حفظه الله - ونرفع الشكر والتقدير والامتنان على أن طوقنا بهذا الشرف، وتوج هذا المؤتمر برعايته وتشريفه، ونسأل الله أن يحفظه ويبارك في عمره وعمله، ويسدد على طريق الخير خطاه، ويحفظ ولي عهده الأمين وولي ولي العهد، ويكلل الجهود بالنجاح والتوفيق.
والحمد لله رب العالمين...
- وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية