عبدالله بن محمد أبابطين
هو كتاب ألفه الأستاذ والشاعر والأديب أحمد بن عبدالله الدامغ (رحمه الله) وشاء الله سبحانه وتعالى أن يقوم أبناؤه حفظهم الله وفي مناسبة تكريم الشاعر والأديب الدكتور عبدالعزيز سعود البابطين بالملتقى الثقافي الخاص بنا بروضة سدير وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز قاموا بطباعة هذا الكتاب الهام وتقديمه هدية للأمير وللأخ عبدالعزيز ولنا. فجزاهم الله كل خير على هذا الجهد المتميز، والمطلع على هذا الكنز الثقافي لحياة موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز رحمه الله تطرق إلى أمور كثيرة قد يكون بعضها ينشر لأول مرة والطريف اللافت للفهم أن مؤلف هذا الكتاب رحمه الله نهج أسلوباً مغايراً لمن سبقه فهو يحكي مآثر وقصص واقعية مرت على الإمام عبدالعزيز مما يجعل القارئ لا يتوقف عن قراءة الكتاب حتى آخره فهو يقول: إن استقصاء مسيرة الملك عبدالعزيز هذا الرجل العظيم الذي ما من بقعة في شبه الجزيرة العربية إلا ولقدمه فيها أثر وموضع إصلاح وتتبع خطواته يرحمه الله في البداية قد تكون سهلة لكنه عندما استقام له الأمر وأصبح ملكاً مسؤولاً عن رعيته أخذ في الاتجاه نحو التأسيس الإداري والاجتماعي والتعليمي والصحي والاقتصادي والسياسي والمعماري عدته في ذلك ما طبع عليه من ورع وقوة ولين وشدة وتسامح وعقاب وعفو ومحاسبة فإن القلم يتيه بين تلك الإصلاحات ويلزمه التخصص لأن الإلمام والشمولية لا يمكن أن تأتي للكاتب لا لعدم وجود مصادر لها ولكن لوفرتها وتنوعها وتعدد الأساليب التي كان يرحمه الله ينتهجها حتى ما رأى في انتهاجها نجاحاً وصلاحاً وفلاحاً. لقد تطرق المؤلف رحمه الله إلى أبواب متنوعه في حياة الملك عبدالعزيز منذ نشأته وجهاده في توحيد أجزاء هذه البلاد ومكانتها المحلية والعربية والعالمية ثم يعرج على روايات يومية في حياة الإمام من ذلك علاقته بالعلماء واحترام القضاة والعلاقة القائمة على المناصحة بين الحاكم والمحكوم فكان نتيجة ذلك إيجاد مجتمع فاضل يسوده المحبة والعدالة وينعم أفراده بالاستقرار والأمن على أعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم والمحافظة على كرامتهم وفوق هذا كله الخضوع لأحكام الشريعة المحمدية والاحتكام عليها.
ثم يتطرق المؤلف رحمه الله إلى القواعد الإدارية التي انشأها الملك عبدالعزيز مثل الصحة العامة 1342هـ ومديرية الشؤون الخارجية 1345هـ وإدارة المعارف 1345هـ ووكالة المالية 1348هـ والشؤون العسكرية 1348هـ ووزارة الخارجية 1349هـ وفي 1354هـ أنشئت المدارس في ينبع ومكة المكرمة وفي 1356هـ وفي 1357هـ أنشئت مدارس لتعليم الهاتف والبرق واللاسلكي وسبع مطابع وفي 1358هـ أنشئت أول إدارة للطيران وفي 1362هـ أنشئت مكتبة الرياض وفي 1367هـ أنشئت أول محطة للكهرباء وفي 1368هـ تمت توسعة الحرم الشريف ووضع حجر الأساس لإنشاء الجامعة الإسلامية يقول عنه أحد المستشرقين في كتابه حيثما جلس عبدالعزيز فهو القاضي الأول والأخير لمنازعات قومه أفراداً وجماعات وأن له خبرة واسعة بشؤون القبائل ويقول الرئيس الأمريكي روزفلت بعد مقابلة للملك عبدالعزيز: لقد فهمت من الملك ابن سعود في عشر دقائق ما تعذر علي فهمه في عشرين سنة وقال الملك علي بن الحسين: إن ابن سعود هو خير من يستطيع أن يحكم الجزيرة العربية وقال الكاتب الألماني ايميل سوايزر 1935م قد يكون الملك عبدالعزيز بن سعود الرجل العربي الوحيد الذي برز منذ ستة قرون في الجزيرة العربية ووصف جيرالد دوغورس عهد الملك عبدالعزيز قائلاً (انه ليصعب أن تتخيل تبدلاً جذرياً يتحقق في مثل ذلك الوقت القصير في عهد الملك عبدالعزيز حتى يمكن القول بكل دقة: لو أن قافلة أسقطت كيساً بالصحراء فلا بد من العثور عليه بعد ستة أشهر في الموضع نفسه، فالأمن في المملكة العربية السعودية مدهش وهو أكثر شمولاً لأمنه من أي بلد أوروبي.
وأورد المؤلف رحمه الله كلاماً قاله الشيخ إبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن عن كرم الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه إن امرأة عجوزاً استوقفته مرة في الطريق وقالت: يا عبدالعزيز أسأل الله أن يعطيك في آخرتك كما اعطاك في دنياك.
فسر لهذه الدعوات أعظم سرور وأمر أن يعطى لها ما كان لديه في السيارة فإذا بها عشرة أكياس كل كيس فيه خمسمائة ريال ليصبح المجموع خمسة آلاف ريال فلما أعطيت لها عجزت عن حملها فأمر لها بذلول تحمل عليها هذا المبلغ وأمر لها بخادم يوصلها الى منزلها في قلب الصحراء، قلت: هذا والله الكرم النابع من الطبع لا القائم على التطبع.
لا شك أن المؤلف رحمه الله بذل الجهد في تأليف وجمع ما ورد في هذا الكتاب الثمين وكما أشرت فإن أسلوب وطريقة المؤلف جعلت تتابع الأفكار كحلقة ذهبية متصلة ببعضها.
إنه كتاب ثمين يجدر قراءته.
ولأبناء المؤلف الثناء والتقدير على سماحهم لنا بالملتقى الثقافي بإعادة طباعته وتوزيعه كهدية لمن طلبه.