د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي
(1)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. وبعد.
فبعد صلاة الظهر في يوم الثلاثاء 19/5/1436هـ استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية أصحاب السمو الأمراء والفضيلة العلماء وأعضاء مجلس الشورى، والوجهاء من مختلف مناطق المملكة، وألقى عليهم خطاباً شاملاً، تناول مختلف الجوانب في سياسة المملكة ومنهجها الذي تسير عليه، وحرص ولاتها على ما يحقق الأمن والاستقرار والعيش الكريم لأبنائها، وحرص الملك سلمان - أيده الله بنصره - على حل أية مشكلة تواجه ذلك.
إنه لقاء كبير، وخطاب تاريخي، ليس بمستغرب على قادة المملكة، الذين نذروا أنفسهم منذ تأسيسها لخدمة الدين والوطن والشعب والأمة.
وكل من يعرف سيرة الملك سلمان بن عبد العزيز، وتجاربه الطويلة وخدمته للمملكة وشعبها وإنسانيته النادرة لا يستغرب ذلك، ثقافة أصيلة، ورؤية عميقة، ومتابعة للأحداث الوطنية والإقليمية والعالمية متميزة، منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وعهد أبنائه الملوك السابقين.
(2)
ندرك ذلك ونحن طلاب في التعليم العام ثم التعليم الجامعي، وتعمق بالنسبة لي وزملائي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، يوماً بعد يوم في مجالات العمل، ورعاية المؤتمرات، وحفلات تخرج الطلاب، ومقابلة الوفود.
وكلما واجهتنا مشكلة لجأنا إلى الله ثم إليه في حلها.
وبخاصة أننا في العاصمة العريقة الرياض، ملتقى العرب والمسلمين، والعالم.
وهو أميرها، مع أبنائها صغيرهم وكبيرهم، ومع قضاياها ومتطلباتها يوماً بيوم، مما جعل لها مكانة متميزة.
ويدرك ذلك غيرنا من العاملين في الوزارات والجامعات والمؤسسات في الرياض وأبنائها، وأبناء المناطق الأخرى، وغيرهم ممن يفد إليها.
إن تاريخ المملكة، قادتها وعلمائها ووجهائها، وأحداثها في ذاكرة الملك سلمان بكل تفاصيلها.
ومن يعرف ذلك في شخصية الملك سلمان ومسيرته لا يستغرب هذا الخطاب الشامل، وهذا اللقاء المتميز، ولا يستغرب غيره من المحاضرات، والاجتماعات مع الأكاديميين والمتخصصين، والمقابلات مع الإعلاميين، وتبادل الرأي والمشورة مع العلماء وأهل الرأي.
وإن أعظم نعم الله علينا في المملكة العربية السعودية نعمة الإسلام، فهماً صحيحاً له، وتمسكاً به، وتطبيقاً لشريعته، قيادةً ومسؤولين وشعبا.
وكون ملوكنا معنا في مختلف شؤوننا، أبوابهم مفتوحة، وأوقاتهم كلها لخدمة الشعب والوطن.
(3)
وذلك ما يفرض علينا شكر هذه النعم، وتعميق هذه الخصوصيات والمزايا في أذهان ناشئتنا، والتركيز على وحدة الكلمة، والسمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا، وأخذ العبرة مما يحدث حولنا.
إن المملكة العربية السعودية الدولة الإسلامية المتميزة في هذا العصر، الذي ابتعدت فيه عامة الدول الإسلامية عن العمل بالإسلام، عملاً حقيقياً يتوافق مع رسالته وأهدافه في تحقيق العبودية لله في الناس، والخضوع لأحكامه، والسير على المنهاج الذي سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد كان هذا الصدود عن سبيل الله ومنهاجه القويم، الذي كان سببه الجهل بالإسلام والضعف والوقوع تحت هيمنة ثقافية وسياسية أجنبية.
كان ذلك تحدياً صعباً أمام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله في مسيرته نحو توحيد سكان الجزيرة تحت راية واحدة، راية التوحيد، وتعامله الإقليمي والعالمي وفقها.
لكن صلته العميقة بدينه وبتراث أمته وتاريخها، وبخاصة تاريخ آبائه وأجداده المتصل اتصالاً وثيقاً بالدعوة الإصلاحية دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، والتي سطع نجمها في نجد في أواسط القرن الثاني عشر الهجري، كوَّنت لديه عزيمة شديدة المضاء.
وانضم إلى ذلك ما رزقه الله تعالى من الرجال المخلصين الذين أدركوا منه سمو الهمة وشرف النفس واستقامة الخلق ونبل الهدف وصدق العزيمة، فبايعوه والتفوا حوله وتجندوا في نصرته.
إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، المباركة المرتبطة بمنهج سلفنا الصالح، منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، ومن جاء بعدهم على نهجهم في فهم نصوص الكتاب والسنة، والعمل بها، والذود عنها، وتعريف الآخرين بها.
(4)
فالإسلام رسالة للعالمين ورحمة لهم.
نجحت هذه الدعوة في جزيرة العرب بتوفيق الله وعونه ثم باهتمام ملوك المملكة المباركة وقادتها بها.
وتأثر بها كثير من المسلمين في خارج المملكة، مما خوَّف أعداء الإسلام من انتشارها، وجعلهم يشجعون غيرها من الطوائف والفرق غير المستقيمة لمنافستها ومواجهتها.
إن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، لم يأت بجديد في دين الله، وإنما سلك مسلك أئمة الإسلام ودعاته السابقين، في تصحيح الفهم الخاطئ لنصوص الدين وأحكامه، والتأكيد على صلاح المعتقد، والإخلاص لله في القول والعمل، والاقتداء برسول الأمة وقدوتهم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن سار على نهجه من أمته.
لقد وحد الملك عبد العزيز رحمه الله، المملكة العربية السعودية وأسسها، في ظروف كانت في غاية الصعوبة على المسلمين، لما حصل من التغيرات المستهدفة لدينهم ووحدتهم ورابطتهم الإسلامية.
استبشر المسلمون وانبعث الأمل في النفوس بما رأوا من بروز هذه الدولة الفتية المملكة العربية السعودية التي قامت على وطن الإسلام الأول، وعلى أسس إسلامية متينة، يمكن تلخيصها فيما يلي:
1- إعطاء الدين أهمية مركزية في الحياة الاجتماعية والسياسية.
2- منع ما يتعارض مع الإسلام، في الأنظمة والسلوك العام للناس.
(5)
واعتبار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أهم الفرائض التي أمر الله بإقامتها لوقاية المجتمع من الانحراف.
3- الاعتناء بالتراث العربي والإسلامي، ونشر علوم الشريعة الإسلامية، والاهتمام بالعلم ومؤسساته ورجاله ومصادره.
والرجوع في ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما سار عليه سلف الأمة الصالح.
4- الاعتناء بالحرمين الشريفين، انطلاقاً من تعظيم شأنهما الثابت في الكتاب والسنة، ومن صلتهما بالرسالة الإسلامية العالمية، وبالمسلمين في مختلف أنحاء العالم.
5- الاهتمام بالإسلام، تعريفاً ودفاعاً وخدمةً في العالم كله، انطلاقاً مما يقتضيه التمسك به من حب انتصاره وكره انحساره، ومن عموم رسالته، رسالة الرحمة والهداية والنور إلى البشر جميعاً، وانحصار الحق الذي أنزله الله تعالى فيها وأوجب على الناس الأخذ به:
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
6- الاهتمام بالمسلمين وشؤونهم حيثما كانوا، انطلاقاً من وحدة الأمة ورابطة الأخوة بين أفرادها، وحاجة بعضهم إلى بعض في إقامة الدين وإصلاح الدنيا.
7- الانفتاح والتعاون مع العالم الآخر ممن يريد الخير للبشرية، باعتبار الإسلام رسالة عالمية منفتحة على البشر، حريصة على العدل، ورعاية حق الإنسان.
انطلقت المسيرة المباركة للمملكة العربية السعودية، بقيادة الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن آل سعود، رحمه الله، ومؤازرة رجاله الكرام البواسل، على الأسس الآنفة الذكر التي أثبتت الأيام أهميتها ونجاحها في إرساء دعائم المملكة، ونموها نمواً رائداً مطَّرداً في مختلف المجالات.
(6)
وصيَّرتها بذلك نموذجاً للدولة المعاصرة التي تتفق وتطلعات الشعوب المسلمة وتلائمها، وأن مراعاة تلك الأسس هي التي تحقق تآلفهم وائتلافهم على ولاة أمورهم، وإخلاصهم في حبهم لأوطانهم، وحرصهم على خدمتها وحراستها من كل ما تراد به من سوء.
وتعززت هذه المسيرة في المملكة وتكاملت بتوفر الأجواء الملائمة للتنمية الشاملة، في عهود الأبناء البررة للملك المؤسس، الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله، رحمهم الله.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، بارك الله في عمره وأيده وسدده في شأنه كله.
وقد واجهت المملكة العربية السعودية تحديات شتى في فترات مختلفة، تركزت في أكثرها على استهداف مسلكها الإسلامي الصحيح تعليماً وتطبيقاً، في وقت أثرت في العديد من الدول العربية والإسلامية والنخب السياسية والثقافية فيها، النزعاتُ القومية، والأيديولوجيات الوضعية المعادية لكل توجه يدعو إلى الدين أو يتمسك به.
وقد كشفت الأيام أن التجارب التي خاضتها حكومات تلك الدول، على أساس تلك المناهج والأيديولوجيات الدخيلة على الأمة، المعادية لدينها وإرثها الثقافي ومنظومتها الفكرية، فشلت فشلاً ذريعاً وأركستها في مشكلات عويصة، وبان أن الأمة لا يمكن أن يصلحها إلا النظام الذي يتوافق مع أصالتها وانتمائها الحضاري.
(7)
إن السبب الرئيس في سوء أحوال كثير من الدول والمجتمعات الإسلامية، البعد عن الإسلام، وعدم الاهتمام به، تعليماً وعملاً وحكماً.
مما مكن لأعداء المسلمين في التدخل فيها والتأثير في مسارها الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي، حتى وصل الأمر إلى إظهار العداء للإسلام وشريعته وعلمائه ودعاته من المتنفذين في السلطة في العديد من الدول العربية والإسلامية.
مما جعلها تعيش في فتن واضطراب، وتتردى أوضاعها من سيِّء إلى أسوأ.
ووقى الله - بمنه وفضله - المملكة العربية السعودية من تلك الآفات بسبب التمسك بالدين والعمل به، واجتماع كلمة الشعب حول قيادته الحريصة على رعاية مصالحه، واستقرار وأمن الوطن.
وواجهت المملكة العربية السعودية في منهاجها الإسلامي الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وفق هدي سلف الأمة الصالح، أهل القرون المفضلة، المشهود لها بالخير، وأئمتها الأعلام، في الفهم والتطبيق.
واجهت في ذلك مراغمة وتعصباً من المذاهب والمشارب السائدة المعروفة بتساهلها في تقبل البدع في الاعتقاد والعمل، والتعلق بالخرافات والأساطير، وتقديس الأمور الناشئة من العادات، وإقحامها في الدين وتلوينه بلونها.
وما أحسن ما قال الإمام مالك رحمه الله فيما رواه عنه عبد الملك بن الماجشون: من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً [ المائدة: 3 ].
فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً.
(8)
والحمد لله ففي ظل ما حصل من نمو الوعي الديني العام بين المسلمين، نتيجة انتشار التعليم، وتوفر الكثير من أمهات المصادر بين أيدي الناس، في مختلف العلوم الشرعية، وبخاصة علوم الحديث والعقيدة والشريعة، تراجعت تلك التعصبات وضعفت شوكتها وتأثيرها.
إذ تبين للناس أن ما تنتهجه المملكة ويدعو إليه علماؤها، ليس شيئاً مخترعاً ولا مبتدعاً، بل هو عين الاتباع لسلف الأمة وأئمتها المقتدى بهم، والعمل على تجديد الدين، والتمسك به على ضوء هديهم وسنتهم.
واليوم وقد تولى قيادة المملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - أيده الله ونصر به دينه - فرح أبناء المملكة، بل المسلمون في كل مكان فرحاً غامراً من استمرار الشجرة السعودية المباركة، تمد شعب المملكة برجالها الأفذاذ، وبسط أبناؤها أيديهم بالبشر والأمل، يتقدمهم أهل الحل والعقد، بمبايعة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين على السمع والطاعة.
فلتهنأ المملكة بقائدها، وليعظم أمل أبنائها فيه لما حباه الله به من المآثر الطيبة، والخصال الحميدة، والشيم السامية، والثقافة الواسعة التي أكسبته اطلاعاً وافياً، ومعرفةً مستوعبة بالتركيبة الاجتماعية للشعب السعودي وما يتحكم في علاقاته من أعراف وعوامل ثقافية، ومتابعةً مستمرة لما يدور في المحيط العربي والعالمي، من قضايا وتفاعلات في شؤون السياسة والاقتصاد والإعلام والأمن، مما كوَّن لديه دراية وفهماً لمجريات الأمور، ووضوحاً في الرؤية.
وتركزت متابعة الملك سلمان بن عبد العزيز لمجريات الأحداث العالمية، على المحيط العربي والإسلامي، وما يحدق به من تحديات ويتفاعل فيه من قضايا، انطلاقاً من الروابط الدينية والإقليمية والقومية، التي تربط المملكة العربية السعودية بدول هذا المحيط وشعوبه.
(9)
وفي مجال إدارة الشأن العام، خاض الملك سلمان - أيده الله وسدده - تجربةً عظيمة وبخاصة في إمارة الرياض، أكبر منطقة وأهمها في المملكة، حيث يكون العمل في تشعباته ومتطلباته وصلته بأصناف الناس والشؤون العامة.
وهذه الخبرات المتراكمة التي تجمعت من سيرة الملك سلمان بن عبد العزيز الحافلة بالنشاط الدؤوب، كوَّنت لديه رصيداً ضخماً في قيادة المملكة بكفاية واقتدار، وفي اختيار من يستعين بهم من الرجال الأكفياء من ذوي الخبرة الكافية والمراس الجيد، لتحقيق المزيد من الازدهار، ومواجهة التحديات الجديدة التي أفرزتها الاهتزازات التي أصابت عدداً من الدول العربية والإسلامية، واستغلتها بعض الجهات الطائفية، أملاً منها في تحقيق أطماعها وبسط نفوذها، وتطويع الأمة لرغباتها وتوجهاتها، بدلاً مما يوجب عليها انتماؤها الإسلامي، من التعاون على توحيد الصف وحل المشكلات، وتوفير الظروف الملائمة للنهوض بالعالم العربي والإسلامي، وحسن استثمار طاقته المادية والبشرية، في علاقات من الشراكة والتعاون، والبحث في أمثل السبل للتعاون مع العالم المتقدم، للاستفادة مما وصل إليه من الإنجازات.
وكما صمدت المملكة في مواجهة تحديات الأمس، فإنها مستمرة بإذن الله في صمودها في وجه التحديات التي أفرزتها الظروف الدولية والإقليمية عربياً وإسلامياً، ما دام أبناؤها يمتلكون من الوعي ما يدركون به أهمية الولاء للقيادة والالتفاف حولها، في المحافظة على اجتماع الكلمة ووحدة الوطن وأمنه واستقراره، والاستمرار به في اتجاه المزيد من الازدهار والتنمية الشاملة لمختلف المجالات، والتي تحقق منها ما تحقق بسرعة قياسية.
(10)
والفضل في ذلك لله تعالى الذي أنعم على بلادنا بقيادة رشيدة، حريصة على دينها ووطنها، قريبة من شعبها بالمودة والرحمة والاهتمام بمختلف طبقاته، تستشير ذوي الحنكة والخبرة، وتستعين في بناء الوطن وتسيير مؤسساته، بكل من تتوخى فيه الكفاية والأمانة.
وما يتمتع به شعب المملكة من المتانة والتجانس في النسيج الاجتماعي، والوحدة في المرجعية الدينية والثقافية، يعتبر درعاً في تحقيق السلم المدني والاجتماعي، والوقاية من الصراع والتصدعات التي أفرزتها التيارات الفكرية والسياسية والنـزعات العرقية والمذهبية والطائفية، في العديد من البلاد العربية والإسلامية، مما كان له أثره على تأخر التنمية الاقتصادية والمدنية.
ومن أهم ما نواجه به التحديات التي تتربص ببلادنا العزيزة، وبما حباها الله به من النعم السابقة، أن نحرص على التمسك بالأسس التي قامت عليها المملكة ولا تزال تسير عليها، بتوفيق الله تعالى، ونرسخ في أبنائنا الوعي بأهمية تلك الأسس، وندافع عنها في وجه من يحاول أن يزعزع الثقة بها.
فإن بهذه الأسس نجحت المملكة في المحافظة على الأمن الفكري وتماسك النسيج الاجتماعي في شعبها، واكتسبت مكانتها الرائدة في العالم العربي والمحيط الإسلامي، وسماع صوتها واحترام مواقفها في المحافل الدولية والسياسة العالمية.
والمكانة الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تتميز بها المملكة إقليمياً وعربياً وإسلامياً، وما تبذله من جهود في المحافظة على الأمن والاستقرار العربي، ودعم التعاون الإسلامي، ونصرة قضايا الأمة العادلة.
كل ذلك يجعل الدفاع عن مكانتها والتعاون معها في مواقفها، وفي صد التحديات الخارجية التي تستهدفها، مسؤولية عربية وإسلامية.
(11)
إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود سليل أسرة عريقة في التاريخ، أصيلة في القيم، نذرت نفسها لخدمة دينها وأمتها.
والملك سلمان - نصر الله به دينه - متابع بدقة لمسيرة أسرته الكريمة، وإنجازاتها، وسلامة منهجها مما يزيد آمال أبناء المملكة، بل العرب والمسلمين كافة في تطلعاتهم إلى خروج العرب والمسلمين من كثير من المشكلات والتحديات التي تواجههم.
والسعوديون والعرب والمسلمون تتوفر لديهم قدرات متميزة في مختلف المجالات لدراسة تلك المشكلات والوصول إلى الحلول العملية.
وهم في أمس الحاجة إلى القيادة الواعية الحكيمة المتابعة للأحداث إقليمياً وعالمياً.
وهي بفضل الله ونعمته متوفرة في أجلى صورها في مليكنا وولي أمرنا الغالي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أعانه الله ووفقه لكل خير.
مما يوجب علينا بذل المزيد من الجهد والتعاون والالتفاف حول قيادته الكريمة.
وتقديم النصح والمشورة والآراء النافعة، فبابه مفتوح، وخطاباته وتوجيهاته في مختلف المناسبات تؤكد على ذلك، اتباعاً لمنهج والده المؤسس الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وأجزل مثوبته.
ومن خلفه من أبنائه البررة، رحمهم الله.
وهي فرصة للعرب والمسلمين قادةً وعلماء وشعوبا، لمزيد من التعاون مع المملكة العربية السعودية، دولة العرب والمسلمين، فالعرب منطلقهم هذه البلاد، والإسلام نزل فيها.
ونبيه الكريم - عليه أفضل الصلاة والسلام - منها.
وحمل رايته للعالم أجمع أبناؤها.
(12)
أسأل الله تعالى أن يوفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لمواصلة السير بالمملكة في طريق الازدهار، وتحقيق الرفاهية لأبنائها، والمحافظة على التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتطبيق الشريعة، وخدمة الحرمين الشريفين، والتعريف بالإسلام والدفاع عن صورته الصحيحة، والريادة في التعاون العربي والإسلامي والعالمي، ونصرة قضايا الأمة العادلة.
وأسأله - سبحانه - أن يجمع كلمة المسلمين على كتاب ربهم وسنة نبيهم ويوحد صفوفهم، ويحقق لهم الأمن والاستقرار والعيش الكريم، فهو القادر على ذلك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.