أود التعليق على مقال (إيجابيات قزمة) للأستاذ سعد الدوسري في عدد يوم الخميس 28 جمادى الأولى 1436هـ وعليه أقول لا بد من مناقشة موضوع كهذا في ظل الظروف التي يمر بها أغلب شبابنا من هموم البطالة التي أثقلتهم وأرقت مضاجعهم، حتى بات أحدهم لا يجد ما يطعم به أبناءه إلا من بعض الفتات من أعمال بسيطة ومن مساعدة الآخرين، ومناقشة ذلك يأتي من باب الحس الوطني لمعالجة الأوضاع وإيجاد الحلول المرضية للجميع وليس من باب الاستعداء لطرف معين.
لو نظرنا إلى هذا الجانب من نواح اقتصادية واجتماعية وسياسية كذلك لوجدناها مترابطة ولا يستطيع أحد التفريق فيما بينها مهما حاولنا، ذلك لأن اقتصاد الفرد مرتبط بالمجتمع، وأن البطالة من أهم المشاكل التي ناقشها السياسيون في كل العالم المتقدم والصناعي.
هنا لو أخذنا ربحية الشركات وعملنا مقارنة بسيطة بين أرباح الشركات ونسبة السعودة الحقيقية المحسوبة فعليا ومطبقة حسب أنظمة البلد، فمن المؤكد أن النتيجة ستكون سلبية عند الأغلبية، وذلك لإهمال جانب السعودة الحقيقية وعدم الالتفات إليها بقصد أو بغير قصد.
لو قمنا بعمل دراسة بسيطة على إحدى الشركات من الفئة المتوسطة أو الصغيرة لتوضيح العلاقة بين ربحية الشركات والسعودة الحقيقية لننظر في النهاية هل ستكون العلاقة بينهما إيجابية أم سلبية، وفي كل الأحوال من المتوقع أن تكون الإيجابية هي التي تطغى على العلاقة.
دعونا لا نستعجل، ولنرى ماذا تقدم لنا هذه الدراسة التي هي أقرب إلى الواقع، فلو كان لدينا مصنع يقوم بتعليب المعلبات وبيعها على سبيل المثال في منطقة كبيرة مثل الرياض أو جدة أو الدمام، كيف ستكون النتائج المالية؟ فلو كان مالك المصنع يقوم بالصرف على المصنع لكي ينتج من السلع الاستهلاكية مقدار مئة مليون عبوة سنويا، وأن صافي الربح للعبوة الواحدة نصف ريال، لو قمنا بعملية حسابية بسيطة سيكون الناتج خمسين مليون ريال سنويا كربح إجمالي، ولو قدر الإنفاق العام على المصنع ثلاثين مليون ريال فإن من الطبيعي أن يكون الربح الصافي عشرون مليون ريال سعودي حسب المعطيات التي أمامنا، علما أن المصنع يعمل به خمسمئة عامل من مختلف الجنسيات، ومتوسط الدخل الشهري لهم ألفان وخمسمئة ريال سعودي أي ما يقارب خمسة عشر مليون ريال سعودي سنويا، فلو استطعنا إقناع المالك بإحلال ما مقداره 30% من عدد العاملين بسعوديين، أي مئة وخمسين عاملا، وكان متوسط الراتب أربعة آلاف ريال أي أن المالك خسر من الأرباح مبلغا قدره مليونان وسبعمئة ألف ريال، وهذه ليست خسارة فعلية، بما أن المالك سيتوجه إلى صندوق الموارد البشرية لتعويضه بنصف رواتب السعوديين، وبهذا لم يخسر، والنتيجة إيجابية للجميع وليست للدولة فقط، فهي استطاعت إقناع رجل الأعمال بتوظيف سعوديين لديه في المصنع، وساهم رجل الأعمال بحل جزء من معاناة بسيطة من شرائح المجتمع وأن السعودة الحقيقية لم تؤثر على ربحية المصنع.
باختصار: يجب على رجال الأعمال التفكير بجدية في المساعدة على حل مشكلة البطالة بالسعودة الحقيقية وأن يكون الموظف السعودي له الأولوية في التوظيف، حتى يساهموا في بناء أسرة محتاجة من باب التكافل الاجتماعي والديني، وإعطاء الشباب السعودي فرصة حقيقية للعيش بسلام، وستجد أنه أفضل من بعض الجنسيات الأخرى، وأحرص على العمل وصاحب العمل، لاعتبارات وطنية ودينية واجتماعية.
صالح العمري - الدمام