نشرت الجزيرة خبر إنشاء هيئة الأوقاف وتتناول ما يتعلق بالأوقاف في صفحة الشؤون الإسلامية، وتعليقا على ذلك أقول:
في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 26 (أبريل) 2010م أقر مجلس الوزراء السعودي إنشاء هيئة عامة للأوقاف ذات شخصية اعتبارية مستقلة.
الهيئة بديل وكالة الأوقاف في وزارة الشؤون الإسلامية وتلغي مجلس الأوقاف الأعلى، وبحسب المنشور في المواقع الإعلامية فالهيئة ستنطلق وترى النور قريبا بعد دراسة في مجلس الشورى.
يقول الكاتب القاسم في جريدة الاقتصادية قبل بضع سنوات «أصول الأوقاف تزيد على عشرة مليارات ريال، وأن هذا المبلغ يزيد على رأسمال ثمانية من البنوك السعودية منفردة».
بعد هذه السنوات جاء تشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهنا سؤال: ما دور مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حيال هذه المعلومات وواقع الأوقاف وتنظيمها؟!
لمجلس الشورى دور في نظام هيئة الأوقاف، وكان الله في عون المسؤول، ولكن واقع الأوقاف العامة والخاصة ينتظر حلولا عاجلة ودقيقة وواضحة.
العاملون على الزكاة لا يتم الصرف عليهم من ذات الزكاة كما في السابق مع وجود الوظائف ورواتبها، بينما يعالج شأن الأوقاف بإرادة إداراتها وفق نظر الشورى حيال نظام هيئة الأوقاف، ليقر الصرف على العاملين من ذات الأوقاف بسبب إداراتها، فهل يشرع ذلك، ويبقى العاملون على الزكاة برواتبهم فقط؟!
لائحة تنظيم الأوقاف التي تظهر في موقع الشؤون الإسلامية مكتوبة بخط آلة كاتبة، وبرؤية قديمة لا تواكب ضخامة الأوقاف ومشاكلها.
في حال تكوين هيئة الأوقاف فالمنتظر استقلالها عن وزارة الشؤون الإسلامية، وتنظيم أعمالها واستدامة مراجعة نظام الأوقاف بغض النظر عن عمل الهيئة وواجباتها، وأقصد من هذا الإشارة لضرورة الفصل بين أنظمة الهيئة ونظام الأوقاف.
لماذا أقول بضرورة إصدار نظام خاص بالأوقاف، مع إصدار لائحة تنفيذية، بغض النظر عن هيئة الأوقاف؟!
لأن الهيكلة الإدارية لهيئة الأوقاف لا تقل أهمية عن نظام خاص بالأوقاف والعكس صحيح، فنظام الهيئة وهيكلتها تحتاج لمرجع نظامي أولي يعنى بالأوقاف، ثم نظام خاص بعمل الهيئة بما يوازي نظام الأوقاف، ولكن بما يلزم بمنع دفع أتعاب الأعضاء في هيئة الأوقاف من ذات الأوقاف، تماما كما يمنع الدفع للموظفين في مصلحة الزكاة، فطلب نسبة من الأوقاف لا يستقيم مع منع أهل الزكاة «العاملون عليها».
الأوقاف بحاجة لفتاوى عامة وخاصة، تحال للهيئة قبل نظر المحاكم الشرعية، ولا يمكن للهيئة تنظيم العمل والإفتاء معا، وإلا ستكون اجتهادات الهيئة وأعمالها محل نظر ومشاحة تطول ولا تقف، بينما الإفتاء يحسم المواقف تجاه الأوقاف، ومهما فعلنا فنظام الهيئة لن يواكب التغير والتبديل واختيار الرؤية الشرعية تجاه الأوقاف، إلا في حال تولي الهيئة من يحمل الإجازة في الفتوى، وهذا غير ممكن ولكنه ليس مستحيلا، ولا بد من وقوع الخطأ.
الاجتهاد بشأن الأوقاف لا يمكن قبوله من غير المتخصص المتمكن من تخصصه، ولكنه لن يتوفر بطبيعة الحال مع وظائف الهيئة إلا في حال توظيف المتخصص المتمكن فقط في أعلى هرم هيئة الأوقاف، ليكون المرجع ولا يجوز انفراد المتخصص مهما كان متمكنا، إلا إذا كنا سنسمع عن فتاوى في كل شأن محدد من مجموعة علماء وليس مجموعة موظفين فقط.
على كل حال الأوقاف متعطشة لفقه الأوقاف أكثر من حاجتها لوجود الهيئة، وبكل تأكيد سيكون فقه الأوقاف متمكنا من نظام الهيئة ولكنه لا يشار له تحديدا، ويتبع ذلك تحديد دور وزارة العدل في شؤون الأوقاف وضرورة التعهد بقضاء الأوقاف لقضاة محددين يحملون فقه الأوقاف بعد إلزامهم بدراسته وتقديم البحوث العلمية في شؤونه.
- شاكر بن صالح السليم