الكتاب الذي يقع في 203 صفحة هو محاولة لمراجعة هذا المنعطف الفكري بعد ظاهرة الربيع العربي، ومناقشة موقف التيارات الفكرية العربية من الديمقراطية إحدى مهام هذا الكتاب ولو لم تُستقص كل ورقة أو حدث في هذا الملف، ليتحقق للرأي العام وشباب الوعي العربي بكل تياراتهم، تراكم ثقافي من أرشيف تجربة حديثة جداً، تقدم لهم وجهة نظر لماذا تعثرت المسيرة بين بأس المستبد وتخاذل أو أخطاء المثقف العربي المشارك أو المبرر لخنق الديمقراطية كمشروع تنفيذي للحياة السياسية المعاصرة.
والكتاب يتناول فترة حديثة للحياة السياسية المعاصرة للوطن العربي، ويقدم وجهة نظر في قضية الجدل الفقهي في الساحة الإسلامية من مشروعية تحقيق الديمقراطية كأداة لحياة الرشد للمسلمين، كون أن هذا التيار هو الأوسع والأكبر في المجتمع العربي، كما أنّ مبررات خصوم الربيع العربي اتخذته حجة لحصاره، قبل أن تكتمل فترة النضج الفكري والثقافي، مما يتسبب بردة فعل عكسية أو محبطة، تجنح لرفض الوسيط الديمقراطي، فيناقشها هذا الكتاب بهدء. إن اختيار التيار القومي مع التيار الإسلامي لطرح هذه المراجعات النسبية، تأتي بسبب حضور التيارين المكثف في الوعي العربي المعاصر، وتأثيراتهما في الإعلام العربي ومساحة التفكير والتنظير الوطني لشعوبه، وكلا التيارين لهم حضور في المشهد الثقافي، يحتاج الى نقد داخلي وحوار حيوي لا جدل صراعي أيدلوجي، لن يقدم شيئاً للمعرفة والحريات وترصيف الطريق الدستوري للشعب العربي وجسور إنقاذه.
وإضافة الفصل المختص برصد التجربة التركية ديمقراطياً ليس مداره على مخاطبة الوعي الإسلامي فقط، بل في مجمل ما قدمته التجربة التركية كديمقراطية للشرق، حققت رضى كبير للتنمية ومسيرة الحقوق الدستورية لأبناء الشعب التركي، فكان إدراجها ضمن خطة الكتاب، تجسيداً للمثل القريب من الوطن العربي وثقافته. ويقول المؤلف إنه: في نهاية الأمر يطرح رؤية قابلة للنقاش والقبول والتصحيح، نهدف فيها أن نشارك في مسيرة النقد لفهم ووعي وممارسة الديمقراطية في الوطن العربي وقبل ذلك الجواب على السؤال التاريخي، هل الديمقراطية الحرة غير المقننة للمستبد والمستعمر، أداة خير وكرامة لإنسان الوطن العربي أم لا.