اطلعت على مقال الأستاذة ناهد سعيد باشطح في عدد يوم الثلاثاء 26 جمادى الأولى 1436هـ الذي حمل عنوان (النساء السعوديات والمخدرات)، وإذ أشكر الكاتبة على طرحها الجرئ والمهم وهذا ما يجب أن تتحمله النخب الثقافية في مسؤوليتها تجاه مجتمعها، ولعل التطرق إلى موضوع حساس كتعاطي النساء السعوديات للمخدرات هو واحد من أكثر الموضوعات الشائكة التي يصعب طرحها وتناولها بشفافية، وكما جاء في المقال: إن انخفاض النسبة لا ينفى أبدًا وجود المشكلة، ومجرد وجودها كمشكلة يستدعي من جميع الأطراف التداعي لمكافحتها ومقاومتها بدلاً من عدم الاكتراث بوجودها أو التغاضي عنها مما سيسهم لاحقًا بنموها ومن بعد انتشارها.
الواقع أن نسبة التعاطي الموجودة قليلة، وفي نطاقات ضيقة، ويمكن الاستدلال بهذا الضعف من خلال الحالات الخاضعة للمعالجة في المستشفيات المتخصصة وبالرغم من سرية المعلومات غير أن الجهات المختصة يمكنها أن تتطلع على هذه البيانات ومن خلالها يمكن تأكيد بيان إدارة مكافحة المخدرات بعيدًا عمّا جاء في البيان الصادر الذي اعتبر أن المؤشرات تدل أن السعوديات بعيدات كل البعد عن تعاطي المخدرات لتمسكهن بالعقيدة الإسلامية، والعادات الاجتماعية الأصيلة كما قالت إدارة مكافحة المخدرات في بيانها.
كثير من النشرات المتخصصة أشارت إلى ارتفاع ملحوظ في عدد المدخنات السعوديات على مختلف المستويات الاجتماعية والتعليمية، بل إن التدخين لدى النساء أصبح مشاعًا بينهن من خلال زياراتهن الخاصة أو حتى في اجتماعهن في المقاهي الخاصة التي يتناولن فيها (الأرجيلة) وعلى بالرغم من أن عادة التدخين لا ترتبط كليًا بتعاطي المخدرات إلا أن العادة الاجتماعية لدينا تقتضي نفيها ورفض وجودها لأنها تدور في القيم والعادات برغم إقرار المجتمع بوجودها وحضورها بين الفئة الأنثوية في مجتمعنا.
يجدر بالمجتمع أن يحاول التخلص من موروثات تتعلق بجانب المرأة بالذات ليتعاطى مع قضاياها ومشكلاتها بشكل مباشر ليؤدي من خلال هذا التعاطي المسؤول إلى إيجاد حلول جذرية لمثل هذه المشكلات التي إن لم تجد مواجهة أولاً من ناحية وجودها ثم عملاً حقيقيًا لمعالجتها ثانيًا، أننا في مجتمع ينمو من خلال نسبة عالية من فئة الشباب التي تتأثر بطبيعة نشأتها بسرعة نمطية العصر الذي تتشعب فيه المسؤوليات وتتنوع وفيه تتخلى بعض الجهات عن مسؤوليتها بما في ذلك الأسرة.
ندرك أن موضوع كهذا من الصعب تناوله إعلاميًا، ولكن نحن نريد فعليًا من الجهات المختصة وعلى رأسها إدارة مكافحة المخدرات أن تعمل على أبحاث جادة لدراسة وتقييم تعاطي النساء السعوديات للمخدرات ومن خلال ذلك تبدأ برامج التوعية والمكافحة من خلال أعمال منتظمة تؤدي بشكل فعلي على اجتثاث هذه المشكلة التي ما زالت تبدو صغيرة ويمكن احتوائها.
أعود مرة أخرى لأشكر الأستاذة ناهد سعيد باشطح على تناولها كثير من الموضوعات الحساسة وطرحها المسؤول من خلال زاويتها في صحيفة الجزيرة (مسؤولية)، وهي نموذج من النماذج النخبوية المسؤولة تجاه وطنها الذي يحتاج كثيرا من أبنائه الذين يسلطون الضوء على قضايا اجتماعية جدير بها أن تطرح وتتناول وتعالج بمسؤولية.
نجوى الأحمد - جامعة الأميرة نورة