محمد سليمان العنقري
عملية عاصفة الحزم، التي وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» ببدأها قبل أيام، لاستعادة الشرعية بجمهورية اليمن الشقيقة، بتحالف خليجي وعربي وإسلامي تقوده المملكة بعد ان عاث بها مرتزقة إيران الحوثيين فساداً بإنقلابهم الخبيث، لم تكن لتحدث هذه العملية إلا بعد أن استنفذت كل الفرص لإيجاد حل سياسي يعيد الاستقرار لليمن، تحت قيادة حكومته الشرعية برئاسة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي.
فكان واضحاً، أن هؤلاء يريدون العبث بالمنطقة كلها، وزعزعة استقرارها بجهل مركب خدمة لإيران، التي لم تدخر فرصة لضرب استقرار الدول العربية إلا واستغلتها، بعد أن أصبح العالم يعيش فوضى لا يعرف لها حد منذ إنهيار الاتحاد السوفييتي قبل قرابة ربع قرن.
فإيران تعاني اقتصاديا بفعل سياساتها العدائية للعالم وللعرب على وجه الخصوص، والتي انعكست عليها بحصار اقتصادي كلفها مئات المليارات من الدولارات، بخلاف إنفاقها على مشاريعها السياسية العدوانية بدول عربية عديدة، تعيش حالة من الفوضى كالعراق وسوريا واليمن، وتحلم بأن تعيد مجد الدولة الساسانية كما قال أحد ساستها علي يونسي قبل أسابيع.
وبما أنها تسعى لإرهاق دول الخليج وأولهم المملكة، ونقل تأثيرات الفوضى باليمن لهم، فإن الحكمة اقتضت أن تدافع المملكة بالقوة العسكرية عن مكتسباتها التي بنتها منذ توحيدها، ووصلت بها إلى أن تكون إحدى دول مجموعة العشرين الأكبر اقتصاديا بالعالم، وكونها أيضاً الأكثر موثوقية بإمدادات النفط عالمي، الذي يصفه البعض بأنه عصب الاقتصاد العالمي، أو الدم الذي يجري بعروقه، إيماناً منها بأنها شريك بدفع عجلة التنمية العالمية، وخدمة البشرية، وسعت دائماً أن تتشارك مع العالم اقتصاديا، واستطاعت من خلال شراكاتها الاقتصادية الدولية، وتبادل الاستثمارات، أن تنقل كبرى الشركات العالمية بمجالات النفط وصناعة مشتقاته للمملكة، وكذلك امتلكت بنى تحتية ضخمة، وأصول كبيرة تقدر بالتريليونات من الريالات، واستثمار ضخم بشباب الوطن بالتعليم داخلياً وخارجياً، بخلاف ما حققته من مراكز مهمة اقتصادياً بوجودها عضواً فاعلاً بالبنك والصندوق الدوليين، ودعمها لبرامج تمويل الدول الفقيرة واستقرارها، ولم تبخل يوماً على دولة عربية أو إسلامية أو صديقة بأي دعم، ووقفت بجوارهم في أصعب الظروف، مما أكسبها احتراماً دولياً كبيراً، ويبقى فخرها الأعظم الذي تتشرف به، هو خدمة الحرمين الشريفين.
ورغم كل ذلك، ترى المملكة أنه مازال بإمكانها تحقيق الكثير من التقدم الاقتصادي، وتعزيز شراكاتها الدولية التي تخدمها، وتنعكس إيجاباً على العالم. فالمملكة تملك من القوة العسكرية والاقتصادية ما يكفل لها حفظ أمنها، ومساندة أمن أشقائنا بالخليج والعالم العربي، إلا أنها لم تستخدمها إلا بما يحقق الخير للجميع إتباعاً لما جاء في عقيدتنا الإسلامية السمحاء، وبحكمة مشهودة لقيادات المملكة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-.
القوة والحكمة إذا اجتمعت بأي دولة فإنها ستسير بالطريق الصحيح، ونحمد الله أن مكن لبلادنا الغالية قيادة حكيمة تعرف مسؤولياتها، وتدافع عن الوطن ومكتسباته، وكل من يعيش فيه من مواطنين ووافدين بكل قوة وعزم، متكلين على الله، ومعتمدين من بعده على أبناء الوطن بمحبة وتعاضد ظهر للعالم بجلاء بعملية عاصفة الحزم، كما هو دائماً في ظروف صعبة شهدتها منطقتنا على مر العقود الماضية.
نسأل الله أن يحفظ بلادنا، وأن ينصرنا على من عادانا، وأن يوفق قيادتنا ويكتب النصر على يد أبطال جيشنا العظيم، ويعيد اليمن سالماً لأهله مستقراً.