محمد بن عيسى الكنعان
الغباء السياسي لدى بعض السياسيين والمحللين العرب، وعملاء إيران في المنطقة؛ جعلهم يعتقدون أن الحلم السياسي الذي تتمتع بالقيادة السعودية في إدارة ملفات القضايا العربية، أنه (ضعف) في المواقف السياسية، أو (محاولة النأي بالنفس) عن تداعيات تلك القضايا المصيرية، وفات عليهم أن عادة الحكيم القوي..
.. وطريقة المحنك السياسي أنه يقرأ المشهد بتمعن، ويمنح الطرف الآخر كل الفرص المتاحة لمراجعة مواقفه، ووزن حساباته، ومن ثم الرجوع للحق، أما في حال واصل جنونه، واستمر في غيه، يكون بذلك قد فقد عذره، فيأتي الرد حاسماً في قوته، وقاصفاً في أداته، ومباغتاً في إجرائه. وهذا ما كان في العملية العسكرية المباركة إن شاء الله:
(عاصفة الحزم)، التي شنها جيشنا المظفر على مواقع الحوثيين في اليمن، وبدعم من دول عربية وإسلامية.
إن (الحزم) يعني اجتماع القوة في الفعل والحكمة في الرأي، لذلك كانت هذه الصفة، التي لا يتحلى بها إلا القادة التاريخيون هي العلامة الفارقة في سياساتهم الحكيمة ومواقفهم المشرفة، كما فعل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (يحفظه الله)، عندما أطلق (عاصفة الحزم) استجابةً لنداء الإخوة الأشقاء اليمنيين؛ لتخليص اليمن السعيد من طغمة فاسدة تعمل لصالح المشروع الصفوي بالمنطقة العربية، مؤكداً في الوقت ذاته أن السعودية ستبقى المؤثرة عالمياً نظراً لنفوذها السياسي، والمركزية إسلامياً نظراً لمكانتها الدينية، والمحورية عربياً نظراً لدورها القومي في قيادة المنطقة نحو الخير والسلام والاستقرار.
إن (الحزم) هو لغة الأقوياء الحكماء في المواقف المصيرية، سواءً في نماذج تاريخية أو شواهد معاصرة، فالحزم كان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع يهود بني قريظة عندما غدروا، والحزم كان فعل الخليفة الراشد أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) عندما ارتدت قبائل العرب فأعادها لخيمة الإسلام، والحزم كان فعل الخليفة العباسي هارون الرشيد (رحمه الله) مع نقفور ملك الروم بسبب نقضه للعهود، والحزم كان فعل القائد الفذ صلاح الدين الأيوبي (رحمه الله) عندما أسقط دولة العبيدين حتى لا ينكشف ظهره أمام الصليبيين، وغيرها كثير من نماذج العزة والكرامة في تاريخنا الإسلامي المجيد.
أما في واقعنا المعاصر، فصفحات تاريخنا السعودي في كتاب المجد الإسلامي تشهد بمواقف الحزم الصارمة والعزم الذي لا يلين، والحسم الذي يقضي على أوكار الشر، فقد كان الحزم فعل الملك فيصل (رحمه الله) في حرب 1973م ضد إسرائيل نصرةً لمصر وسوريا، والحزم كان فعل الملك فهد (رحمه الله) في تحرير الكويت بموقف المملكة التاريخي في تلك الأزمة العربية المروعة حتى عاد آخر كويتي إلى بيته، والحزم كان فعل الملك عبد الله (رحمه الله) بقراره الشجاع في حماية مملكة البحرين من الخطر الإيراني، واليوم يؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان
(يحفظه الله) هذا النهج القوي في نصرة الأشقاء، ويستخدم ذات اللغة الحازمة في رد الحقوق إلى أهلها بحماية الشرعية في اليمن، ودفع الظلم الحوثي الذي يعمل لصالح المشروع الصفوي الرامي إلى الهيمنة الفارسية على المنطقة العربية. لذلك؛ جاءت (عاصفة الحزم) بلغة واضحة ورسالة محددة، من لا يعرف السعودية لا يعبث معها! ومن يعرفها قطعاً لن ينس مواقفها. فصمتها حكمة، وصوتها عاصفة، لا تقبل الضيم ولا تسكت على الجور، ترابها محرم على أعدائها، فهي دولة بنيت من رمال الصحراء المخلوطة بعرق الرجال، الذين قادهم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل عليهم جميعاً رحمة الله، فكان هذا الوطن العزيز بقيادته، والأصيل بشعبه، والغالي بأرضه.