سعد بن عبدالقادر القويعي
يعتبر الانخداع بمواقع التنظيمات الإرهابية، والاغترار بالمتعالين، الحلقة الأضعف من مجموع النظام الأمني العربي، والذي أتى ثماره عند فئة من الشباب، ممن غلّبوا عواطفهم المفرطة على مقتضى الشرع، والعقل، والحكمة - لاسيما - وأن التفاعل مع مقاطع الفيديو، والتي تبث على موقع «اليوتيوب»،..
..- ومثله - موقعي «التويتر»، و» الفيسبوك»، أدى إلى نشر الفكر المتطرف، وترغيب فئة من شريحة المجتمعات في الانضمام إليهم، - إضافة - إلى ردهم على ما يثار حولهم، وهذا ما أكده تقرير نشره موقع «سيكيورتي ويك»، بأن استخدام التنظيمات الإرهابية الإعلام الاجتماعي، يعتبر قوة إستراتيجية لا يستهان بها، كما يعتبر سبباً رئيساً في انضمام عدد كبير من العناصر، التي وفدت من دول أجنبية عديدة.
وحين يؤكد «تاي كورين وغابي سيبوني» بأن الهدف الأول من استخدام التنظيمات الإرهابية لشبكات الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، ذو أبعاد نفسية في المقام الأول؛ من أجل تصوير قوة وهمية، حيث تنشر الفيديوهات الصادمة الرعب لدى مشاهديها، فيما تعزز مشاهد الفتوحات، والغنائم الصورة المطلوب تعميمها، فهذا دليل - أيضا - على أن ضعف الحصانة العلمية، وقلة البصيرة لدى فئة الشباب، أدى - مع الأسف - إلى تجنيدهم، والتغرير بهم، واستقطابهم لأماكن القتال، ونشر الفكر الضال بينهم. وكعمل مضاد لأكبر الوسائل التي استفاد منها الإرهابيون، فإن التحذير من الأفكار المتطرفة، يقتضي - أولا - فرض رقابة مشددة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفعيل دور المؤسسات الدينية، والتعليمية في مواجهة الإرهاب الإلكتروني.
ويبدو، أن تلك التنظيمات الإرهابية استخدمت الفضاء الإلكتروني كأداة إعلامية - في الوقت الحاضر -؛ لتمويل، وإدارة عملياتها، بعيدا عن توظيفها في القيام بعمليات إرهابية، تستهدف المواقع الإلكترونية الحساسة لدول معادية؛ بسبب أنها لا تمتلك الكوادر البشرية المؤهلة، ولا الإمكانات التقنية، القادرة على القيام بهجمات تدميرية مؤثرة على المواقع المستهدفة. في المقابل، فإن تحركات الجهات الحكومية سعودية، وأخرى من خارج المملكة؛ لتشكيل تحالف تقني دولي؛ لوضع قائمة سوداء بالمواقع، والتطبيقات الإرهابية، والداعمة للإرهاب في شبكة إنترنت، والعمل على بحث إستراتيجية مشتركة قادرة على رصد المواقع الإلكترونية، التي تنشر الأفكار المتطرفة، وتجند إرهابيين جدد، تعتبر خطوة في الطريق الصحيح. كما تشمل الإستراتيجية مراقبة اتصالات تنظيم القاعدة الإلكترونية، وتحديد أماكن تواجد التنظيمات الإرهابية، وقواعدها المعلوماتية، وقطع الطريق أمام نشر أساليب صنع المتفجرات، والأسلحة عن بعد. مع تركيز الإستراتيجية الجديدة على تفعيل التعاون بين الدول الأعضاء، عبر تبادل تعاميم البحث عن الأشخاص الهاربين من متهمين، أو محكوم عليهم في جرائم إرهابية، وذلك من خلال المكتب العربي للشرطة الجنائية.
يؤكد الواقع الملموس، بأن الكشف عن هكذا مواقع مشبوهة، والحد من جرائم الفضاء الإلكتروني، - وعلى رأسها - الإرهاب المعلوماتي، يستدعي تعاون العلماء، والمثقفين، وأصحاب الرؤى المستنيرة مع جهات الاختصاص، والعمل على توحيد التشريعات الأمنية على مستوى الدول العربية؛ بغية تعزيز قاعدة البيانات للمطلوبين أمنيا، والحد من المنتديات الإلكترونية المشبوهة، ومواقع الإنترنت المثيرة للفتن، والتي تسعى لتجنيد الشباب؛ للقيام بأعمال إرهابية.