إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإِنَّا على فراقك يا حبيب الشعب والأمة، يا والدنا وقائدنا وفخرنا وملهمنا ومليكنا الغالي عبد الله بن عبدالعزيز لمحزونون، وأيم الله أي حزن أعظم من فقدك، ياإمامنا، يا حكيم العرب والمسلمين بل والعالم أجمع في العصر الحديث، فلله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فالحمد لله على كل حال.
وعزاؤنا الوحيد بوالدنا وقائدنا وإمامنا الفذ الهمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، فنحن قوم إن مات منا سيد، قام ألف سيد. فلله الحمد والفضل على ما أنعم به علينا من نعم تترى في هذه البلاد الطيبة المباركة.
لقد تولى حكيم الأمة وفقيدها الغالي، عبدالله بن عبدالعزيز - يرحمه الله- مقاليد الحكم، في فترة عصيبة من تاريخ العرب والمسلمين، بل والعالم أجمع، فترة حرجة من تاريخ الدولة التي حملت هَمَّ الإسلام والمسلمين، همّ العرب كافة، هَمّ الإنسانية جمعاء، المملكة العربية السعودية. هي فترة حرجة كونها شهدت تشويهاً لكل ما هو عربي، ومسلم، وتصعيداً لرؤىً متطرفة، ونظريات موغلة في السوداوية كـ«صراع الحضارات» و«نهاية العالم»، وتهديداً مباشراً للسلم والأمن الدوليين، إضافة لما شهدته المنطقة من حروب، وصراعات، وحالة من الاضطرابات العظمى، وعدم الاستقرار، إنها المنطقة الأسخن عالمياً خلال الفترة السابقة، ولا تزال، فتصدى - يرحمه الله- لكل ذلك بحنكة وقوة واقتدار، وهو الذي وصف المنطقة بأنها تغلي على صفيح ساخن. لقد شهدت تلك الفترة، ولا تزال تشهد، تناميا لنشاطات الجماعات الإرهابية المتدثرة بالإسلام، واتساع رقعة نشاطاتها العلنية المكثفة في كافة أنحاء العالم، وعلى رأسها الجماعات الإرهابية «الثورية» المدعومة من طهران كجماعة الحوثي، وكذلك التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان المسلمين، وربيباته كالقاعدة، وجبهة النصرة، وداعش وغيرهم، بعد أن كانت هذه التنظيمات، ولفترات طويلة، تعمل في الخفاء. هذه التنظيمات التي استهدفت بالدرجة الأولى الإسلام، والمسلمين عامة، ومنبع العروبة، ومصدر الرسالة الإسلامية، المملكة العربية السعودية، بشكل خاص، فكان استهداف الإرهاب لنا على ثلاثة محاور، تمثل الأول في الاختراق الناعم والقديم، الذي أسس له الجيل الأول من عناصر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، الذين دخلوا بلادنا كما دخلوا العديد من البلاد العربية والإسلامية الأخرى في تلك الفترة، لنشر سمومهم، وبث دعوتهم، متخفيين تحت عباءة الدين والتدين. فبدأوا بالخطوات الأولى لمخططهم الإجرامي الخطير، المتمثل في استهداف النشء لزرع أفكارهم الدخيلة على ديننا الإسلامي الحنيف، وعقيدتنا الصافية النقية، من خلال انتشارهم وتغلغلهم الخفي في الدعوة وعبر المساجد، وفي التعليم الأساسي، والعالي، وهي مرحلة الدعوة السرية»، و«التربية» وتكوين القاعدة الجماهيرية لدعوتهم.
أما المسار الثاني، فكان من خلال عمليات «التكفير، والتفجير» الإرهابية المسلحة، والتي ظهرت على السطح بشكل جلي بتفجير العليا 1995م والتي نفذها الثلاثي»عبدالعزيز المعثم، ورياض الهاجري، وخالد السعيد»،وتفجير الخبر 1996م التي نفذها تنظيم «حزب الله الحجاز»، ثم هدأت الوتيرة، لتعاود أخرى بشكل أكثر كماً وكيفاً في 2003، ولتنطلق شرارتها باستهداف ثلاثة مجمعات سكنية دفعة واحدة، وما تلاها من عمليات ومواجهات مع «الفئة الضالة»، التي لم تكن في حقيقة الأمر سوى نتاجِ فكر وعقيدة تنظيم الإخوان المسلمين، التي تسللت إلى عدد من أبنائنا، فبدأت هذه العقيدة الفاسدة تخرج قيحها، وتحصد هذه التنظيمات الإرهابية ثمار غرسها العفن.
أما أخطر مسارات استهداف هذا التنظيم الإرهابي، للإسلام والمسلمين - في نظري- هو البعد الثالث، والمتمثل في محاولة التنظيمات الإرهابية العسكرية المسلحة، كالقاعدة، وداعش، وغيرها، نسبة نفسها، زوراً وبهتاناً، للإسلام وللمسلمين وللنهج السلفي الأصيل، في محاولة خبيثة لربط ديننا الإسلامي السمح بـ«الإرهاب»، وهو الهدف الحقيقي للعدو من وراء كل ذلك، ويتجلى ذلك حين اخترعوا وفي عملية مقصودة، كذبة ما يسمونه بـ«السلفية الجهادية» والتي هي فرية كبرى تستهدف النيل من الإسلام النقي الأصيل الملتزم باتباع الكتاب والسنة على فهم سلفنا الصالح من آل بيت رسول الله -عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم- وصحابته، والتابعين، وتابعيهم بإحسان، تماماً كما فعلت أمهم جماعة الإخوان المسلمين، التي تدعي، من حين لآخر، أنها تتبع نهج السلف، بل وسعى رموزها الأولون الذين جاءوا للمملكة بداية السبعينيات الميلادية، أن يزاوجوا بين معتقدهم الخبيث، ونهج السلف، لتمرير أجندتهم داخل المملكة، واستهداف أبنائها الذين تربوا ونشأوا فيها على العقيدة السليمة، فظهرت فرقة تسمى بـ«السرورية» باطنها إخواني خبيث، وظاهرها سلفي، وهو ذات الأمر الذي فعله تنظيم داعش، في عملية مخططة ومدروسة، كتصوير مقطع للفيديو يدعي فيه اهتمامه بكتاب «التوحيد» للإمام محمد بن عبدالوهاب - يرحمه الله- وطباعته لعدد من النسخ، وتوزيعها، ولم تكن هذه العملية إلا محاولة لإلصاق إرهابهم بنا، وبالنهج السلفي، والسلفية منهم ومن فعلهم براء. إن هذا التنظيم الإرهابي العميل «داعش» الثابت ارتباطه بمخابرات دول في المنطقة ترعى الإرهاب، والمنبثق عن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، والمُتزعم من قبل العميل المكنى بـ«أبوبكر البغدادي»-الذي اعترف يوسف القرضاوي صراحة بانتسابه إلى تنظيم الإخوان المسلمين-، لا يعمل بشكل عفوي، تماماً كما هو التنظيم الإخواني الخفي داخل المملكة، والذي يعيش فترة تحول، وتغيير للجلد، ليتستر تحت عباءة السلفية، في محاولة لتغلغل، وتشويه وإفساد جديد، لكن هيهات، وقد تولى مقاليد الحكم الخبير القوي الأمين الحازم سلمان- أيده الله.