لفت انتباهي لافتة تحمل اسم جمعية حفظ النعمة تحديداً في تقاطع طريق الملك عبد الله مع شارع عثمان بن عفان بمدينة الرياض حقيقة سررت كثيرا وابتهجت أن بدأنا نعنى عملياً وتطبيقياً بالحفاظ على نعم الله تعالى بإحداث جمعيات هكذا.
ولا غرابة فالمجتمع السعودي مجتمع متدين غرست فيه قيم دينية وأخلاق فاضلة وغرس فيه إكرام نعم الله تعالى والحفاظ على ثوابت وقيم موروثة ومن ذلك شكر الله تعالى وشكر النعمة.
حقيقة أن هذه الجمعية تستحق اسم جمعية شكر الله تعالى فالله هو القائل {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}، وشكر الله بالحفاظ على نعمه لا جحودها وكفرها وظهور جمعية تخدم هذا المفهوم وتحقق هدف شكر الله تستحق الذكر والشكر والدعم ومن ذلك التأكيد على ضرورة وجود فروع لها ليس في كل محافظة وهجرة بل في كل حي من الأحياء والتأكيد رسمياً ومن خلال جهات الاختصاص على كل مواطن يقيم مأدبة دعوتهم للحضور واستلام ما يفضل من الطعام ومن ثم توزيعه مباشرة على أسر وفقراء الحي.
الجميع يعلم أن ظهور ظاهرة هكذا بيننا هي سبب رئيس ومهم في المزيد من نعم الله عليها لا زوالها واضمحلالها وعليه فينبغي للجميع التعاون لإنجاح وجود مشاريع وجمعيات تعنى بشكر الله تعالى بالحفاظ على نعمه حرصا على حفظ النعم واحتساباً لوجه الله تعالى بطعام الطعام لمستحقيه وحسبنا قول الباري جل وعلا {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}.
في المقابل أناشد الجهات المختصة بضرورة إخضاع كل من يجرأ على العبث بالنعم ويضبط يرمي باقي الرزق والخير من فضائل الطعام في النفايات أقول يجب إخضاعه للمحاكمة الشرعية والحكم عليه شرعاً بما يستحق غرامة أو سجناً أو جلداً حتى نكون حقاً من الشاكرين لله تعالى فمن المؤلم بل من المبكي أن نتداول بعض مقاطع ومشاهد بالصوت والصورة رمي كميات هائلة من فضائل مأدبة في النفايات حقاً تشعر الجلود من مشهد هكذا.
أين الخوف من الله تعالى وأين التأمل في قوله سبحانه {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
وبمناسبة الحديث عن النعم والدعوة لشكرها فإن الحفاظ على نعم الله تعالى سبب مباشر ورئيس في بقائها وحفظها واستمرارها ونعم الله تعالى علينا في هذا المجتمع ليست مقصورة على الطعام والشراب بل هي نعم عظيمة جسيمة نصبح ونمسي عليها أعظمها أجلها نعمة الدين الاسلامي ممثلاً بعقيدة سليمة وفق معتقد سلف الله رضوان الله عليهم وتطبيق شرع الله وأحكامه ولا مبالغة فنحن الوحيدون في العالم الاسلامي المتمسكون بهذا النهج القويم.
ومن ذلك كذلك نعمة الأمن في الوطن التي هي من أجل النعم علينا وأعظمها فها نحن نشاهد في القنوات الفضائية مشاهد ومظاهر انعدام الأمن وما تعيشه مجتمعات ليس بيننا وبينها سوى بضعة كيلومترات شمالاً وجنوباً من خوف وذعر وقلق وعبث بالأرواح البرئية وسفك للدماء المعصومة وعبث بالأعراض والممتلكات ونحن ننعم بخلاف ذلك تماماً أمن عظيم واستقرار في المطعم والمسكن في الحظر والسفر.
ومن ذلك كذلك نعمة البيعة الشرعية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله وأعانه وسدده وأمد بعمره بصحة وعافية فما أن صعدت روح أخيه الملك الكريم الصالح عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله وغفر الله له وأسكنه فسيح جناته حتى ازدحم الناس طوابير لمبايعة سلمان بن عبد العزيز ملكاً خلفاً لأخيه ونعم الخلف لنعم السلف فهو أشبه أبناء الملك عبد العزيز بأبيه هكذا سمعتها من سماحة الشيخ اعبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وقد قال فيه سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: الأمير سلمان ملك غير متوج وحينها كان أميراً لمدينة الرياض وذلك عقب إحدى زياراته أمد الله في عمره لسماحة الشيخ وكنت شاهداً حينها واليوم تم تتويجه ملكاً محبوباً وكريماً خادماً لدين الله وشرعه ومقدساته ورفيقاً ومحسناً لرعيته ومواطني هذا البلد الكريم وسيرته يحفظه الله العطرة طيلة عمره المديد وكرمه وحسن خلقه ووفائه وبعد نظره وحكمته وحنكته لا يمكن أن تحصر في مقال ولا يكفيها مجلدات بل موسوعات.
أيها السادة الفضلاء إن هذه السلاسة في انتقال السلطة واجتماع الكلمة ووحدة الصف في مثل هذه الظروف معجزة عجيبة وتحد كبير وكرامة ربانية ونعم عظيمة جليلة يجب المبالغة بشكرها لله تعالى اعتقاداً وقولاً وعملاً وسلوكاً ويعظم ضرورة شكرها حينما نرى العديد من المجتمعات العربية والاسلامية تفتقد هذه النعم وتعيش فوضى عارمة واختلالا بالأمن وفقدان للقيادة الحكيمة الرشيدة فالجثث تملأ الطرقات والتفجيرات لا تكاد تتوقف فحرم الناس أداء شعائرهم فضلاً عن طعامهم وشرابهم والسبب كفران هذه النعم وجحدانها والعمل على تغييرها وقد أمرنا بالعبرة والاتعاظ بغيرنا والعبرة بالغير مما أمرنا به خالقنا وديننا ونبينا وهو دليل كمال العقل ونضوجه وتمامه ودليل كمال الدين والخلق وعدم الاتعاظ بالغير دليل الحماقة والسفه.
فالنداء هنا لكل مواطن محب لوطنه غيور على النعم غيور على أمن وطنه بل أمنه وأمن عائلته وقبيلته وعرضه وماله والتكاتف والتعاون بالحفاظ على هذه النعم الجليلة جميعاً دون استثناء والالتفاف حول القيادة الكريمة ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم عملاً بالنصوص الشرعية وطاعة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والحذر كل الحذر من الجاحدين للنعمة من أصحاب القلوب السوداء ممن يزعمون الإصلاح وحقيقتهم وواقعهم الإفساد وعدم الانخداع بمن يتلبس منهم بلباس التدين أو يرتدي عباءة التقوى ظاهراً وباطناً الكذب والنفاق والحقد والحسد والطمع بالوصول للسلطة أو المنصب أو غير ذلك، وفق الله الجميع للخير والصلاح وأدام الله علينا النعم وحفظها لنا منا منه وكرما والله الهادي لسواء السبيل وهو من وراء القصد.