أحمد بن عبدالرحمن الجبير
منذ فترة طويلة والسياسة السعودية تتابع المتغيرات الإقليمية، وهذه المتغيرات أدت إلى زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة، وأكثر من دولة عربية، وتزامن ذلك مع وجود تنظيمات إرهابية متطرفة، ووجود إيراني فاعل علنا وسرا، علنا بوجهه الطائفي، وسرا في دعم وتمكين هذه التنظيمات الإرهابية، وتوجيه الاتهامات للمملكة، واعتبارها راعيا للإرهاب، رغم أن المملكة الدولة الأولى التي أصدرت قرارات جرمت فيه الإرهاب بجميع أشكاله.
إيران كانت وراء تسليح الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا واليمن، وحزب الله في لبنان وغبرها من التنظيمات الإرهابية الأخرى وفقا للتقارير الدولية، وذلك لتعزيز حالة عدم الاستقرار في جميع الدول العربية والإسلامية، وكانت المملكة من صلب الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب ومع عملية سياسية متوازنة في المنطقة، إلا أن طهران دعمت الحكومات الطائفية، لدفع البعض لرفع راية التنظيمات الإرهابية التي صنعتها المخابرات الإيرانية، وعمدت إلى دفع حركة التمرد الحوثي لإفشال المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الدولية.
دفعت طهران بالحوثيين بالسيطرة على المحافظات، وعلى العاصمة صنعاء، وعلى الجيش والمؤسسات الحكومية، وحل البرلمان، والتحكم بالرئيس اليمني عبد ربه منصور، والاعتراض على قراراته واعتقاله، وإجباره على الاستقالة، واعتقال بعض الوزراء، ومن ثم إعلان الانقلاب الكامل، والتوجه إلى عدن لإكمال حلقات السيطرة على اليمن، طبعا بالتنسيق مع إيران، التي عملت جسرا جويا لنقل السلاح والجنود، لتمكين الحوثيين من السيطرة على اليمن.
الدبلوماسية السعودية دعت إلى ضرورة العودة للمبادرة الخليجية، وظلت مصرة على دعم الشرعية اليمنية، والتي يدعمها ويعترف بها المجتمع الدولي، فيما كانت طهران تدفع بالحوثين للسيطرة على عدن ومحاولة اغتيال الرئيس الشرعي، ومع ذلك ظلت المملكة تحاول جهدها وتدعو الفرقاء لتجنب دفع اليمن للفوضى، ودعتهم للحوار في الرياض، أو نقل الحوار إلى الدوحة، أو الإمارات، إلا أن أوامر طهران جاءت بالرفض والتسويف.
وظل الحوثيون يستثمرون الوقت بالتخطيط والتنسيق مع إيران، وعندما وجدت المملكة، وبحسب ما لديها من معلومات، بأن الحوثيين ماضين في غيهم، وبعد هروب العديد من القيادات اليمنية من اليمن خوفا من الحوثيين، وبعد طلب الرئيس اليمني من المملكة، ودول الخليج العربي التدخل السريع لحماية الشرعية اليمنية، نتيجة استنفاد كافة الوسائل الدبلوماسية المتاحة مع الحوثيين، وجاءت عاصفة الحزم من أجل إيقاف الحوثيين عند حدهم.
وكانت طهران تقف حجر عثرة أمام تنفيذ خارطة الطريق اليمنية، وهو ما أفزع القوى اليمنية الشرعية والاجتماعية والوطنية، والدينية والسياسية، بعد ممارسة الحوثيين شتى أشكال الإقصاء والتهميش، والعنف ضد المؤسسات الإسلامية، وكان لا بد من قرار، قرار حازم يمنع إيران من أي استثمار يخل بالمعادلة الجيوسياسية في المنطقة، وكان القرار يمنيا سعوديا خليجيا وعربيا وإسلاميا وهو عاصفة الحزم، ونال القرار الدعم والإسناد الدولي.
موقف المملكة هو صفعة في وجه كل من تسول له نقسه التآمر مع إيران، أو غيرها ضد السعودية، ودول الخليج العربي، وبقية الدول العربية والإسلامية، وهو موقف مشرف تشكر عليه السعودية، ونأمل أن تتبعه خطوات قوية تضع حد لمؤامرات طهران، حيث إن المملكة تعتبر الدولة الأولى التي تقف في وجه المد الإيراني، الذي يبث أيدولوجياته على الأمة العربية والإسلامية بنشر التشيع، وجعل أتباعه يدينون بالولاء لخامنئي مباشرة.
وليس بغريب على بلادنا السعودية رمز العروبة والإسلام الوقوف مع أشقائها العرب والمسلمين ومواقفها المشرفة معروفة لدى الجميع، وهذا الموقف يعكس الثقل السياسي للمملكة، فعاشت السعودية وطنا وإنسانا، وعاش الملك سلمان قائدا محنكا، لقد علمتهم أن السعودية بلد الإسلام والمسلمين، ووطن العظمة والإنسانية، ولابد من أخذ الحيطة والحذر، والاعتماد على أنفسنا وعلى قيادتانا الشابة والشجاعة ذات الرؤى والبعد الإستراتيجي.