منيف الصفوقي
ما قبل عاصفة الحزم ليس كما بعدها، فالأعداء معلومون، لكن بعد العاصفة نحتاج إلى الفرز، ووضع كل في مكانه، فحسن نصر الله أمين عام حزب الله الذي أطل الأسبوع الماضي شاناً هجوماً على المملكة لم يعد ممثلاً لحزب بل متلبساً دور ممثل لبلد اسمه لبنان أصبح له ظاهر وباطن، ظاهر وجهه الصداقة والأخوة، وباطن يمثله نصر الله وحلفاؤه مليء بالشر والعداوة.
(لبنان ظاهر الصداقة) يريد فيه أصدقاء وأعداء المملكة أن تستمر في لعب دور المنقذ المالي والسياسي والاجتماعي منذ اتفاق الطائف عام 1989 إلى ما لا نهاية، فهذا دور محدود ومحل اتفاق بينهم وغير منته، وتتفرع منه نقاط محل توافق مثل فتح الأبواب أمام اللبنانيين للعمل في المملكة، وطلب المساعدات، ودعم الاقتصاد، وكبح الجماعات المعادية بذريعة الإرهاب، في حين أن المستفيد الحقيقي هو حزب الله ومشروع إيران في المنطقة.
الكل في هذا التوافق ينتمون إلى (الظاهر الصديق)، وأعداء المملكة أول المستفيدين، فهم أول من يقف في طوابير السفارة السعودية لتلقي تأشيرة العمل، وهم أول من تعمر قراهم المدمرة بفعل مغامرات سيدهم، وهم أول من يدرس أبناؤه مجاناً بأموال المنح السعودية في المدارس الحكومية، وهم أول من يرتاح من مواجهة خصومه الذي ألقى مسؤولية مواجهتهم على عاتق الجيش اللبناني الذي ينتظر أن نشتري له السلاح.
أما وقت تعرض الأمن العربي للخطر، وقت التف فيه العرب الحقيقيون حول المملكة، وانفض فيه من حولها عرب الفرس، ظهر لنا لبنان بموقف النأي بالنفس، الذي في حقيقته نأي بالنفس عن المشروع العربي، لكنه ارتماء كامل في مشروع إيران، مشروع التآمر على المملكة ودول الخليج والعرب من خلال تدريب إرهابيين والتنسيق مع الميليشيات الإرهابية في العراق واليمن لضرب الأمن السياسي والاقتصادي، والعمل على ضرب الأمن الاجتماعي من خلال تجارة الخدرات الموجهة.
والحقيقة أن (لبنان الباطن) الذي يديره العدو هو المتحكم والمتصرف بالقرارات والمقدرات، وهو المتحكم في الأمر والنهي، وبعد عاصفة الحزم فإن (الحزم) يقتضي (الفرز)، وعليه إن التعامل مع (لبنان الظاهر) و(لبنان الباطن) في الوقت نفسه لم يعد ممكناً.
ودور المملكة في دعم لبنان لمنعه من الانزلاق إلى المجهول دور مشكور وجهد امتد 26 عاماً، وعلى اللبنانيين الآن أن يتحملوا بدورهم أي لبنان يريدون، فهم ليسوا قصراً، ويدركون معنى أن تكون جزءاً من الأمة العربية بتكاملها وتضامنها وأمنها واقتصادها، أو أن تكون ضمن المشروع الإيراني بعنصريته وشعوبيته، وهم وحدهم من سيتحمل التبعات، وحتى يختار اللبنانيون علينا تعليق العلاقة، لأن طبيعة العلاقة وشكلها مرتبطة بالاختيار.