جاسر عبد العزيز الجاسر
تكرر حكومة حيدر العبادي في العراق أخطاء الحكومات السابقة نفسها، وبالذات تلك التي قادها نوري المالكي، إذ لا يزال النَفَس الطائفي البغيض يُسَيِّر أعمال الحكومة العراقية التي لم تتخذ أية إجراءات ضد الأفعال المشينة والوقحة، كما وصفها الشيخ مقتدى الصدر، والتي تمارسها مليشيات الحشد الشعبي الشيعية ضد المناطق والمدن التي تحررها القوات العسكرية العراقية، وتشارك مليشيات الحشد الشيعي في المعارك حاصرة مشاركتها في نهب وحرق ممتلكات أهالي المدن والقرى التي تنتزعها القوات العراقية. فبالرغم من التحذيرات والشكاوي من قيام مليشيات الحشد الشعبي بعمليات قتل وحرق للمنازل ونهبها في قضاء الدور، تكررت هذه الأعمال القذرة وبصورة أشد وأكثر شمولية في مدينة تكريت. وأظهرت عمليات النهب بأن هناك إصراراً على الانتقام من أهالي المدينة الذين يتعرضون لعمليات انتقام مبرجمة يقودها هادي العامري الذي نصب نفسه (قائداً) لمليشيات الحشد الشيعي، وقد أصبح يطلق تصريحات تُعَبِّر عن مواقف عدائية ضد المواطنين العراقيين من السنة العرب، ويملي مواقف على حكومة حيدر العبادي الذي يكاد يكون منقاداً لإملاءات هادي العامري الذي يتلقى أوامره من طهران. وقد واجه رئيس الحكومة العراقية الحالي حيدر العبادي موقفاً محرجاً جداً عندما تلكأت قوات الشرطة الاتحادية في تكريت في تنفيذ أوامره بوقف عمليات النهب التي تتعرض لها ممتلكات المواطنين في تكريت، كما أن العامري يزعم بأنهم ليسوا بحاجة إلى مشاركة طيران التحالف الدولي، الذي أدت مشاركته إلى تخليص مدينة تكريت من سيطرة عناصر داعش.
هادي العامري يتضخم سياسياً متخذاً من مليشيات الحشد الشيعي درعاً لمزاحمة العبادي رئيس الحكومة المنتخب، وهو تكتيك يدعمه الإيرانيون لإشعار العبادي بأنه لن يكون حراً في إتخاذ قراراته بعيداً عن (التفاهم) مع طهران، كما أن عمليات النهب والانتقام التي تتم ضد أهالي تكريت مثلما حصل في الدور والضلوعية وغيرها من المدن التي تخلصت من داعش وجميع سكانها من السنة العرب، هدفها التشويش وقطع الطريق على إتمام المصالحة الوطنية بين المكونات الأساسية للشعب العراقي، التي من المفترض أن تنخرط القوى السياسية العراقية في البدء به، فعمليات النهب والانتقام التي يتعرض لها السنة العرب في المدن التي تخلصت من تنظيم داعش ستولد حالة من الغضب والعداء للحكومة العراقية المركزية وعناصر الحشد الشيعي، وهو ما سيعرقل خطوات المصالحة الوطنية، وهذا ما يريده الإيرانيون وعملاؤهم الذين يعملون على عرقلة إتمام المصالحة الوطنية التي ستقلص كثيراً من سيطرتهم على الحياة السياسية في العراق، كما أن استمرار أعمال الحشد الشيعي بمثل هذه التجاوزات التي يصفها العراقيون ومن داخل المكون الشيعي بأنها أعمال وقحة، ستجعل أهالي المدن المحررة يبتعدون عن التعاون مع الحكومة العراقية المركزية ومع القوات العراقية العسكرية، هذا إن لم يقوموا بعمليات انتقامية مضادة وبالتحديد ضد عناصر الحشد الشيعي.