د. محمد عبدالعزيز الصالح
سجلت المصارف السعودية أرباحاً صافية مجمعة بقيمة 42.4 مليار ريال خلال الثلاث والعشرين عاماً الماضية, ووفقاً لتقارير اقتصادية صدرت مؤخراً, نجد بأن أرباح المصارف السعودية, خلال شهري يناير وفبراير من العام الحالي 2015م قد حققت أرباحاً قياسية بلغت 7.1 مليار ريال, الجدير بالذكر أن المصارف السعودية حققت العام الماضي (2014م) أرباحاً قياسيه بلغت 40.2 مليار ريال.
وأمام تلك الأرقام الضخمة من الأرباح التي تحققها المصارف السعودية كل عام, يضل نفس السؤال الذي طالما طرحه الكثير وأنا منهم: (ماذا قدمت بنوكنا ومصارفنا السعودية للمجتمع السعودي طوال السنوات الماضية وماذا قدمت للأعمال الخيرية التي تصب في صالح المواطن السعودي, قياساً على تلك الأرقام الضخمه من المليارات التي تحققها كل سنة كأرباح صافية), شخصياً, سبق أن كتبت في هذا الموضوع من خلال هذه الزاوية مرات عديدة على امتداد العشرين عاماً الماضية.
الجميع يعلم بأن هناك عوامل أساسية وقفت خلف تحقيق البنوك والمصارف السعودية لتلك الأرباح القياسية, ومن تلك العوامل:
1 - أن غالبية المواطنين يضعون أموالهم في حسابات جارية في تلك البنوك ولا يتقاضون أي أرباح منها حرصاً منهم على عدم إدخال أموال ربويه محرمه في ذممهم.
2 - أن الدولة ولعقود من الزمن قصرت السوق المصرفي والبنكي في المملكة على عدد محدد من البنوك, ولم تسمح لغيرها بالترخيص على الرغم من ضخامة السوق المصرفي السعودي.
3 - أن الدولة وأن فرضت بعض الرسوم المحدوده على تعاملات البنوك, إلا أنها لا تفرض ضرائب عالية عليها, على غرار ما يتم فرضه على البنوك في الدول الأخرى والتي تصل إلى 40% على صافي الأرباح.
الحقيقة المرة أنه وعلى الرغم من تلك الأرباح الهائلة التي تحققها البنوك سنوياً والتي تأتي كنتيجة مباشرة لدعم الدولة والمواطن لتلك البنوك، إلا أننا نجد بأن البنوك تحجم عن الإسهام في مختلف المناشط الخيرية والاجتماعية والتنموية والتي يمكن أن يستفيد منها المواطنون محدودو الدخل.
وأوضح في هذا الخصوص إلى أنه سبق أن سئل الشيخ سلمان العودة في أحد البرامج التلفزيونية عن حكم قيام المسلم بوضع أمواله في حسابات إيداع بالبنوك ومن ثم صرف الفوائد العائدة من تلك الحسابات على المحتاجين والفقراء والمشاريع الخيرية، فأجاب فضيلته بإجازة ذلك مؤكداً بأهمية توجيه تلك الأرباح للمحتاجين لها من فقراء المسلمين والمشاريع الخيرية بدلاً من تركها للبنوك.
هذه الفتوى تجعلنا نتساءل عن السبب الذي يجعل غالبية المواطنين لدينا وانطلاقاً من قناعتهم بحرمة الفوائد البنكية يضعون أموالهم في البنوك في حسابات جارية, ومن ثم ترك الاستفادة من استثمار تلك الأموال بكاملها للبنوك.
إنني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نترك تلك الأموال للبنوك طالما أن هناك فتاوى من أهل العلم الشرعي تسمح لنا بتحويل تلك الفوائد وتوجيهها لمشاريع الخير وصرفها على الفقراء والمحتاجين، نعم لماذا نترك تلك الفوائد للبنوك ونسهم في تراكم فوائدها الربوية ونحرم المحتاجين إليها طالما أن هناك فتاوى شرعية بتحليل ذلك.
ختاماً, أرجو من هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء دراسة إمكانية الفتوى الرسمية بوضع الأموال في حسابات إيداع مع توجيه الفوائد العائدة منها لمختلف أوجه الخير.