هدى بنت فهد المعجل
العتبات لـ الصعود النازل... العتبات لـ النزول الصاعد...
العتبات لـ الصعود دون نزول... العتبات لـ النزول مع تعطيل الصعود...
العتبات لم تختر وظيفتها؛ وأدّت الوظيفة بما يتفق ومتطلباتنا منها...
العتبات وفيّة معنا.. وبالتالي تترقب منّا الوفاء المتبادل، ولا وفاء!
نسمع عن (الصعود) على أكتاف الآخرين، ولم يمر من نافذة سمعنا (النزول) عن أكتاف الآخرين، لماذا؟ لماذا (نصعد) على أكتاف الغير ونتَّخذها مطية ولا (ننزل) منها، بحيث نستلذ في (الصعود) ونعرض عن نية (النزول)؟
الكائن البشري كائنٌ استغلاليٌ بحتٌ جداً... ليس أمامك سوى أن تشعره بقدرتك وإمكانياتك حتى يفرط في استغلاله لك (صعوداً) على كتف أكتافك، لأنه كائن نهم لا ينوي (النزول) أبداً...
نعم النتيجة في القمة، بَيْدَ أن القاع يخزّن نتائج أخرى؛ لو تمعنّا جيداً... وإلا لما استخدمنا العتبات للصعود بقصد النزول، وللنزول بنية الصعود... ولما أسسوها لأجل هذه الغاية...
لا ننكر أننا أوشكنا الاستغناء عن العتبات (الدرج) بـ المصعد أو بـ السلّم المتحرك «الكهربائي»، لكنها أيضاً تؤدي الوظيفة نفسها صعوداً ونزولاً...
لا تصعد إلى الدور العاشر إلا وقد بيّت في نيتك النزول إلى الدور الذي كنت فيه...
لا تصعد إلى غرفتك كي تأوي إلى فراشك إلا وفي ذهنك النزول صباحاً «مثلاً» متجهاً إلى عملك..
وهكذا نستمر...
إذاً لماذا إذا صعدتَ على كتفي تكاسلت عن النزول، بل لا تنزل أبداً.!!
الفارس يركب الخيل، يمتطي فرسه، ينطلق، يسابق، ثم لا يلبث أن يترجل عن فرسه...
الامتطاء: صعود
الترجل: نزول
ما أكثر ما يتساءل ذهني: هل جماليات العلاقات في تسييلها، أو صبّها في قوالب؟
تسييل العلاقة: أن لا نحدها بحدود، ولا تقيّد بقيود، وبالتالي يتدخل فيها الاستغلال...
صبّها في قوالب: العكس: لها حدود.. قيود.. وقلَّما تُستغل.. بَيْدَ أن حدودها قد تكون مملة جالبة للسأم..
الأفضل: على ما أظن: المزج بين التسييل والقولبة كالخيط: للشد والارتخاء
إذا شد الخليل الخيط أرخيناه.. وإن هو أرخى الخيط شددنا..
بمعنى: نتجاوب مع الشد مرتخين.. ومع الارتخاء شادين..
لو شددنا تزامناً مع شد الخليل انقطع الخيط..
وإن نحن ارتخينا متجاوبين لارتخائه انفرط العقد..
الخيط: لـ الشد ولـ الارتخاء.
العتبات: لـ الصعود ولـ النزول.
كل ما هو أمامنا للشيء وضده، وبالتالي تكتمل منظومة العلاقات اكتمال منظومة الحياة، فلا هي إلى الجمود وحده، ولا إلى السيلان فقط..
الموازنة أساس حفظ النوع.. والميزان مقياس العدل.. والاتزان حماية لنا من السقوط عند فقد التوازن..
وأنت في منزلك، بصدد الصعود إلى الأعلى جرّب عد العتبات..
مؤمنة أن قلّة منّا يعرفون كم عدد عتبات منزلهم الصاعدة بهم إلى الأدوار والنازلة.. ذلك لأننا نصعد على استعجال يشبه النزول.. أو مع غيبوبة ذهن غاب في فراغ فارغ..
ماذا يقول خبراء اللياقة البدنية: يقولون: صعود وهبوط عتبات السلالم تُؤدي إلى زيادة قوّة العضلات واللياقة البدنية وتحسين توازن الجسم ومستويات الكوليسترول في الدم بحسب هؤلاء الخبراء.. وقال هؤلاء: إنّ الذين يصعدون أكثر من 55 درجة سلم في الأسبوع يتمتعون بصحّة جيِّدة.
55 درجة، إذاً الآن ستضطر إلى عد عتبات منزلك «الدرج»، وبالتالي تراجع نفسك بأن تسألها: كم عتبه صعدتها على أكتاف الآخرين؟!
وهل الوقت مُهيأ للنزول..؟
ربما.. وربما..