محمد بن عبد العزيز الثويني
الباطل أياً كان نوعه ضعيف بنفسه، سهل اقتلاعه، يتصف أهله بالذلّة والخوف من أي صيحة، لذا سعى أهله إلى تقويته بتمديد أغصانه من خلال نشر أفكاره بأذرع تقويه، وتكون لأهل الحق غُصّة يستسهلون أمرها في البدايات فيهملونها، ثم يفاجئهم الأمر بأن هذه الغصة قد استفحل أمرها وصعب دفعها، وقد لا تندفع إلا بإزالة شيء من حناجرهم، وهذا بحق الجاهلين المتساهلين، لكن العالمين القارئين للحدث من أول علاماته يبادرون لإزالة ما قد يسبب الغصة، ولو على حساب صيحات المغفلين أو المرجفين من أهل الباطن والمغررين.
وهذه هي حال باطل الصفويين الذي أعملوا في إيران وحولوها إلى المذهب الشيعي رسمياً، بمنهجية تتكرر اليوم أمام أنظار العالم في العراق المغلوب على أمره، الذي هو المنهج الحقيقي الذي سار عليه الصفويون في بداياتهم وسلطته ثورة الخميني التي جعلت تصدير الثورة خارج إيران من أهدافها، وتتغير الأسماء وتبقى الحقائق والتطلعات واحدة، وما أشبه عام 1501م بعام 1979م، مع اختلاف أسماء جال تلك المرحلتين إلا أنهما يتفقان بالهدف والرؤية.
هذا الباطل الذي ارتأته الثورة الإيرانية كحال الباطل غيره، رأى أهله أنه لا يمكن تحقيق مآربهم ونشر باطلهم إلا من خلال أذرع يتقوون بها - وبخاصة بعد انهزامهم في معركتهم مع العراق عام 1980م- فبدأوا بلبنان وبطأت صناعة الذراع من خلال حزب أسموه بحزب الله، ظاهره مناصرة قضايا الأمة، وباطنه النخر في جسد الأمة، فكان العصا الغليظة التي يهددون بها لبنان والشام، ويحفظون بها شركاءهم بني صهيون.
والخليج هدف والسعودية الأكثر استهدافاً من ملالي إيران وسادتهم، فلا بد لتحقيق هذا من ذراع في أرض مجاورة، بعدما علموا أن إمكانية إيجاد طابور خامس ضعيفة في بلاد السعودية، لتماسك أهلها ووحدة كلمتها وقوة سلطتها، فكان اليمن السعيد هو الأنسب في نظرهم، ولوجود فئة هي الأقرب لمذهبهم، فكان الحوثيون خير من يقوم بالدور، ويضرب به الصفويون الجدد في إيران من يكرهون من أهل اليمن، ومن جيران اليمن، فكانت التغذية والتهيئة لهم، فبدأت الفكرة وحالفوا عدو الأمس ممن فقد دوره ولم يهدأ شره، فقد الرئاسة وهي ما زالت في رأسه، فوافق الحوثيين وصادقهم وهو بالأمس قد حاربهم، وبأقذع الأوصاف قد ذكرهم، فبدأ يستخدمهم لمآربه، وهم يستخدمونه لمآربهم، وكان الضحية اليمن إنساناً وأرضاً، ومنشآت وممتلكات حتى المساجد، ودور القرآن نالها التخريب والدمار، وعاش جيران اليمن قلقاً على وضعه، وخوفاً من استفحال أمره، فجاءت السياسة والكياسة بعد التأمل والدراسة بأن الأمر خطير، والذراع ومن معه يستلزم بتره عن جسده الصفوي، ومن ثم إتلافه أو إضعافه، مما تطلب عاصفة حازمة ليس لها -بأمر الله- إلا سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله وسدده- ملكٌ رحيمٌ حازمٌ، فسعى لدرء الخطر، ومعالجة الخطأ وبخاصة بعد استغاثة عقلاء وعلماء ونجباء وفقراء أهل اليمن، ليكون الأب الحاني المستجيب لنداء الضعفاء والثكالى، {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (72 سورة الأنفال) وما أن أعلن الملك المقدام ساعة الصفر إلا والعالم كله في ذهول، ما بين جاهلٍ للبداية ومستغرب للجرأة فيها، وما علموا حال الحليم إذا غضب، وبين هذا وذاك راغبون كثر في المشاركة، فكان التحالف الذي جمع أهل الإسلام بقيادة الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- في تحالف إسلامي لم يشهد التاريخ كحاله، فعاد للمملكة العربية السعودية دورها وظهر أثرها، وبانت محبة أهل الإسلام لها، وأن الله هيأها ليكون القرار بيدها، فكانت قبلة الإسلام حيث الكعبة المشرفة ومنبع الإسلام، حيث خير الورى صلى الله عليه وسلم في المدينة، فأنى لها أن تتخلى عن القيادة والريادة مع صدق النية وقوة العزيمة، فشكراً لملكنا سلمان بن عبدالعزيز -خادم الحرمين الشريفين- بأن أعدت لنا مجداً كاد أن يُسلب، وعزيمة كادت أن تخور، وقيادة عالمية كادت أن تذهبوشكراً لرجالنا الأبطال حاملوا الهم والهِمة مقرن بن عبدالعزيز، محمد بن نايف بن عبدالعزيز، محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وللرجال الناذرين أنفسهم للدفاع عن مملكتنا وحمايتنا إنساناً ومقدساً وممتلكاً، من رجال وقفوا هناك حيث الحدود، ورجال بقوا هنا في داخل مملكتنا لقطع يد كل عابث ولطمأنة الناس بأننا لكم وبكم، وشكراً لكل من حالف وأصبح معنا أمام العدو واقفاً يقطع على العدو أمره وينفذ لسلمان أمره.
حرس الله بلادنا السعودية من كيد الكائدين وإفساد المفسدين، ووفق رجالنا البواسل وأفرغ عليهم صبراً، وثبت أقدامهم وسدد سهامهم وأعانهم، وخذل أعداء الأمة والملة وأفسد غايتهم ولا رفع رايتهم.