أ. د.عثمان بن صالح العامر
أكتب هذه السطور وأنا على متن الطائرة المتجهة من مقر إقامتي «حائل « لعاصمة العز والحزم والمجد والسؤدد «الرياض» وذلك من أجل حضور المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي في دورته السادسة، الذي ينعقد هذا العام تحت شعار «جامعة القرن الحادي والعشرين» ويشرف برعاية كريمة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ونصره.. ومع أهمية الندوات الخمس، وورش العمل التي تقارب الثمانين ورشة، فإنني أعتقد أن هناك عنصراً غائباً كنت أتمنى أن يحضر وبقوة في أيام هذا التجمع النخبوي الفريد.
إن وضع الجامعات في العالم الغربي يختلف عن مسار جامعاتنا السعودية خاصة الناشئة منها وهي الأكثر عدداً والأوسع انتشاراً إذ يعول عليها كثيراً في تعزيز الانتماء الوطني وبناء ثقافة مجتمعية منتجة ومنجزة وذات فاعلية إيجابية في الأوساط الشعبية فضلاً عن الوسط الجامعي داخل أورقة هذه الصروح العلمية الشامخة، ولذلك أتطلع إلى ألا ينتهي هذا المحفل الذي تحضره جميع الجامعات السعودية الحكومية والخاصة علاوة على جامعات العالمين الغربي والشرقي والملحقيات الثقافية والمراكز العلمية والمعاهد التخصصية.. أقول إنني أتطلع ونحن نمر بهذا الظرف الصعب الذي لا يخفى أن يكون للأكاديميين قبل أن ينفض هذا الحدث الهام لقاء وطني موسع يرعاه ويشرفه معالي وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل، ويدعى له جميع من حضر من منسوبي جامعاتنا السعودية، ينقل شيئا مما يحمله مجتمع الجامعات السعودية من مشاعر وأحاسيس لقيادتنا الحكيمة المباركة، ويبعث رسائل صريحة وواضحة لأبنائنا الطلاب سواء أكانوا في التعليم العام أو العالي، فاللحمة الوطنية والتعاون والتكاتف والتآزر فرض عين اليوم والكل منا مطالب شخصياً بأن يكون له دور في عاصفة الحزم، يتعاظم هذا الدور ويقل حسب موقعه في خارطة العطاء الوطني التي هي منظومة متراصة في بناء متكامل ومتسق، فالوطن مساحة من العطاء الذي لا يعرف للمقايضة سبيلاً، ولا ينال منه الكلل والملل مهما كثرت الصعاب وزاد حجم التحديات وغاب النصير وقلَّ المعين من بني البشر.
عطاؤنا الوطني يجب أن يكون في مثل ظرفنا هذا عطاء بلا حدود من أجل المنطلقات الأساس التي قام عليها هذا الكيان، وبها ظل وسيظل شامخ البنيان بإذن الله تعالى وأولها وعلى رأسها العقيدة الإسلامية الصحيحة.. عطاء من أجل قادة بلادنا حفظهم الله ورعاهم الذين لهم في سويداء قلوبنا فائق المحبة والإجلال والتقدير.. عطاء من أجل شعب هذا البلد الحرام الأوفياء.. عطاء من أجل تراب هذه الأرض الطيِّبة (المملكة العربية السعودية).
إن الباحث في التاريخ، والقارئ في سجل الأحداث، والمتمعّن في خارطة الوطن، والمتفحص في أحوال الناس واختلاف مشاربهم وتباين أوضاعهم يدرك جزماً كم هو عظيم ما قام به جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته الذي استطاع بتوفيق الله وعونه ثم بمن معه من الرجال أن يوحد هذا الكيان المترامي الأطراف المتعدد الأطياف، والواجب في حق كل من ينتمي لهذه الأرض ضمان حماية هذا الإرث الكبير، وعدم تفريطه في العمل الذي يسند إليه مهما كان.
المنطق يقول: لا يمكن لإنسان - عايش الأحداث ورأى بأم عينيه حال كثير من البلاد العربية من حوله فضلا عن غيرها مهما كانت المبررات والادعاءات والحجج التي يسوق - أن يفرط أو يتهاون أو يتنازل عن مُشكّلات ومكونات كيانه الذي يعتز به ويفخر ويفاخر به ويعد وجوده في حياته وتنعمه بالأمن في ربوعه نعمة عظيمة ومنّة كبيرة يسّر الرب تحققها واستمرارها في ظل قيادة حكيمة وحازمة تضع الأمور في نصابها وتسعى جهدها في حماية حدودها، وتنعم شعبها برغد العيش وطمأنينة النفس وسلامة الجسد وسكن الروح.
أتمنى أن تصل هذه الرسالة للجنة المنظمة ونحفل في العاصمة الرياض بتجمع وطني/ أكاديمي كبير ننقل فيه صورة الوطن داخل أروقة جامعاتنا السعودية المنتشرة في جميع مناطق المملكة. حفظ الله قادتنا وحمى عقيدتنا وحرس أرضنا ونصر جندنا وطمأن شعبنا ويسر أمرنا، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.