لا يمكن أن يمحى من ذاكرة التاريخ أفضال الرجال المخلصين الذين خدموا أوطانهم بكل تفان، ولن تنسى الهيئة الملكية للجبيل وينبع رئيسها الأول خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز-رحمه الله والذي حظيت فيه برعايته-رحمه الله- منذ اليوم الأول لتوليه قيادة الهيئة الملكية في 16 رمضان 1395 ه. لقد قاد الملك الراحل الهيئة الوليدة في سنواتها الأولى بكل كفاءة واقتدار، واستمر-يرحمه الله-رئيسا لها حتى سلم الراية لخلفه الملك عبدالله بن عبدالعزيز-رحمه الله.
لقد قاد الملك فهد -رحمه الله -مسيرة التطوير والبناء لأضخم مشروعين إنشائيين عرفهما التاريخ وهما مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان، وظلت الجبيل وينبع الصناعيتان تحظيان برعايته طوال سنين حكمه، ومن صور رعايته الكريمة زياراته الميمونة المتعددة لكل من المدينتين الصناعيتين لتدشين والإشراف على المشاريع التنموية. ففي 1397هـ رافق الملك فهد أخاه جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله -لوضع حجر الأساس لمدينة الجبيل الصناعية، كما رافقه إلى مدينة ينبع الصناعية لوضع حجر أساسها وذلك في عام 1399هـ. بعد ذلك حظيت المدينتان بزيارات متتالية للملك فهد بن عبدالعزيز، حيث دشن وأسس -يرحمه الله - الكثير من مشاريع الخير والنماء في المدينتين. ففي عامي 1401هـ، و1403هـ قام -رحمه الله -بزيارة تفقدية لسير العمل في الجبيل الصناعية. وفي عام 1404هـ زار -رحمه الله - الجبيل الصناعية ودشن معهد تنمية القوى البشرية (كلية الجبيل الصناعية حالياً) ومشروع التبريد بمياه البحر ومشاريع شركات حديد والرازي وسماد. وفي عام 1405 زار - رحمه الله - ينبع الصناعية ودشن مشروع التبريد بمياه البحر. وفي عام 1406هـ قام -رحمه الله -بزيارة تفقدية لينبع الصناعية. وفي عام 1407هـ زار الملك فهد - رحمه الله - الجبيل الصناعية ودشن مصفاة أرامكو السعودية شل (ساسرف). وفي عام 1409هـ زار الملك فهد - رحمه الله -الجبيل الصناعية ودشن مستشفى الفناتير ومشروعات الشركة السعودية للبتروكيماويات (صدف) والشركة الوطنية للأسمدة الكيماوية (ابن البيطار).
تلك الزيارات التاريخية ضمت في ثناياها مواقف لم يطلع عليها كثير من الناس سوى أولئك الذين عايشوا تلك المواقف عن قرب ولامسوا الحس الإنساني الرفيع للملك فهد، فقد أمر - رحمه الله -في إحدى زياراته بتوفير سكن عالي المستوى للعمال وتأمين أجود أنواع الرعاية لهم، وبذلك فرضت الهيئة الملكية للجبيل وينبع على المقاولين مستوى معينا من الإعاشة، مما انعكس إيجابا على نفسية أولئك العمال، فسارعوا وبهمة عالية لإنجاز المشاريع العملاقة في المدينتين.
وظل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله - يولي الهيئة الملكية للجبيل وينبع جل اهتمامه ورعايته الكريمة إلى آخر أيامه، ففي التاسع من شهر رمضان المبارك من عام 1422هـ استقبل -رحمه الله -صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع وأعضاء مجلس إدارة الهيئة الملكية وعدداً من مسؤوليها في قصر اليمامة بالرياض. في ذلك الاستقبال عبر الملك فهد عن اعتزازه بأبنائه منسوبي الهيئة الملكية للجبيل وينبع الذين وضع -يرحمه الله -ثقته فيهم وراهن على نجاحهم، فقال: (لولا توفيق الله ثم الطاقة البشرية التي أتت وتمركزت وقادت النشء بمقدرتها وعقلها وفهمها وإدراكها، ما كان يمكن أن نصل إلى ما وصلنا إليه الآن بمقدرة أبنائنا الذين أراهم أمامي الآن، والحمد الله رب العالمين).
إن الهيئة الملكية للجبيل وينبع وطوال الأربعين عاما الماضية تدين بالفضل لله أولاً ثم للرعاية الكريمة التي حظيت بها من لدن قادة هذه البلاد المباركة الذين فكروا بإنشاء هذه الهيئة واحتضنوها منذ يومها الأول إلى يومنا الحاضر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله بنصره.