د. عبدالرحمن محمد السلطان
قول وكيل وزارة المياه والكهرباء إنه ينبغي على المملكة أن تدرس زيادة أسعار المياه والكهرباء للحد من النمو السريع في الاستهلاك صحيح جدا لكنه يتجاهل الدور الرئيس لهذه الوزارة في مشكلة نمو استهلاك المياه والطاقة في المملكة وتقصيرها الشديد في القيام بدورها في هذا الشأن.
فشبكة المياه وباعتراف مسئولي هذه الوزارة تعاني من نسبة تسرب عالية قد تصل إلى 40% ولا يبدو أن هناك جهوداً تبذل لتجاوز هذه المشكلة، بل إنه عندما تُبلغ شركة المياه الوطنية عن حدوث تسريب في الشبكة تمضي ساعات عديدة قبل أن يأتي من يوقف التسرب ناهيك أن يُصلح العطل، بينما نجد أن الشركة تُغرم المستهلك عند أدنى تسريب من منزله.
أمر آخر هو أن الاستهلاك المدني للمياه لا يمثل إلا أقل من 10% من إجمالي استهلاك المياه في المملكة، بينما يستهلك القطاع الزراعي ما يزيد على 90%. من ثم مهما خُفض الاستهلاك المدني للمياه فإنه لن يؤثر مطلقا على إجمالي الاستهلاك طالما استمر الاستهلاك الجائر للمياه في القطاع الزراعي، لذا فأولوية وزارة المياه والكهرباء يجب أن تكون في وضع وتنفيذ استراتيجية تضع حداً لهدر المياه في القطاع الزراعي لكي تثبت فعلا أنها تسعى للقيام بدور حيوي حقيقي في حل مشكلة تنامي استهلاك المياه في المملكة.
وكفاءة توليد الكهرباء بالمملكة متدنية بشكل حاد، فإنتاج ما يعادل 550 ألف برميل نفط مكافئ من الطاقة الكهربائية يستهلك حوالي 1.8 مليون برميل نفط مكافئ من مصادر الطاقة يوميا، أي أن الشركة السعودية للكهرباء لكي تنتج ما يعادل برميل نفط واحد من الطاقة الكهربائية تستهلك حوالي 3.3 برميل من مصادر الطاقة الأولية.
وهذا المعدل المتدني جدا من كفاءة الإنتاج يؤكد أن شركة الكهرباء مثلها مثل الأفراد بحاجة إلى أن تُرفع عليها أسعار مصادر الطاقة التي تستهلكها لتتعامل معها برشد.
فبسبب التدني الشديد في تسعير مصادر الطاقة فإنه ليس لدى الشركة أي حافز لرفع كفاءة توليد الكهرباء فأصبحت عملية الإنتاج تتصف بالهدر الشديد، إلى حد أن استهلاك إنتاج الكهرباء من الطاقة يشكل الآن حوالي 35% من إجمالي استهلاك الطاقة في المملكة، وهذا الاستهلاك المبالغ فيه يجب ألا يفسر بنمو الطلب على الطاقة الكهربائية فقط بينما يُتغاضى عن الدور المهم لتدني كفاءة عمليات الإنتاج الكهربائي في هذا الاستهلاك الجائر والذي تتحمل مسئوليته الشركة المنتجة والوزارة المشرفة عليها.
وعليه فإن على وزارة المياه والكهرباء أن تقوم أولا بمهامها بكفاءة وتصحح أدائها وأداء ما يتبع لها من جهات لها دور رئيس فيما نعانيه من هدر في موارد المياه ومصادر الطاقة حتى تصبح في وضع يسمح لها بالحديث عما يجب على الآخرين القيام به، وهو ما يؤكد الحاجة إلى قيامنا بإصلاح شامل لنظام الدعم إن كنا حريصين فعلاً على وضع حد لهدر مواردنا الناضبة.