غسان محمد علوان
فاز الهلال على منافسه الكبير الاتحاد بثلاثية زرقاء كانت قابلة للمضاعفة لو تعامل مهاجمي الزعيم بتركيزٍ أكبر. اللقاء لم يكن له أن ينتهي بفارق كبير لولا النهج الذي بدأ يتشربه لاعبو الهلال مع اليوناني (الحذق) دونيس. دوماً كنا نقول إن أي فريق بلا هوية واضحة هو فريق بلا مدرب، حتى وإن شُغِل هذا المنصب بذوي الشعر الأشقر والعيون الخضراء. بعيداً عن الدخول في التفاصيل التكتيكية، ولنتركها لذوي الاختصاص، أصبح للهلال داخل الملعب ثقل فني وثقة معنوية في الفريق والجماهير على حدٍ سواء، افتقدهما من بداية الموسم. وعلى إثر ذلك فَقَد فرص الفوز بألقاب عدة كانت متاحة له بالذات أكثر من غيره.
لا نريد الحديث عن الماضي لمجرد الحديث عنه فقط، ولكن استحضاره دوماً بمحاسنه لتطويرها والبناء عليها، وبسيئاته لتجنبها وعدم تكرارها. فليس على كل إدارة أو فريق إعادة اختراع العجلة عند ابتداء عهد جديد أو مرحلة مختلفة.
بكل بساطة، لدى الهلاليين قائمة بالمطالب متى ما تحققت استمر نبض القلب الأزرق، وعاد لمكانته الطبيعية كبطل وليس مجرد منافس. فهم يريدون:
- إدارة لا تقسم أعضاء شرفها كما تريد.
- إدارة تعي حقيقة الكيان التي تدير، حجمه، تاريخه، تفاصيله المميزة التي أنتجت فريقاً برتبة (زعيم).
- إدارة تتفاعل مع الحدث كما يستدعي، بلا مثالية تضيع المكتسبات، أو مكابرة تؤدي للخسائر.
- إدارة تنتقي في مجلس إدارتها من يضيف لها ويعارضها ويناقشها ويدعمها ويضيء لها دروباً لم تكن في حسبانها نتيجة تعدد الخبرات والعقليات.
- مدرباً يريد أن يصنع لنفسه تاريخاً مع الهلال، ولا يراه مجرد محطة للتزود (بالنقود).
- مدرباً صارماً لمصلحة الفريق، ومتفهماً لمصلحة اللاعب.
- متحدثاً رسمياً يكون صوتاً للإدارة والفريق والجمهور، لا عدواً لأحد تلك المكونات الأساسية للفريق.
- لاعبين يحترقون للشعار، يغضبون للخسارة، يحلمون بالفوز، ويسعون له حتى في المناورات التدريبية.
- إعلاماً ينتقد لغرض الإصلاح، بلا أجندات خفية، بلا انتصار جاهل للآراء، بلا شخصنة للمواقف على حساب الفريق.
- جمهوراً يكون عوناً لفريقه، داعماً له، حاضراً لكل مبارياته، واثقاً بقدراته.
قد يقول قائل: «من المستحيل أن تجتمع كل تلك العوامل سوية في فريق».
وأقول: تلك هي أساسيات الزعامة التي قامت عليها إمبراطورية الهلال الكروية. فمن يريد التنازل عن مكانته تلك فليترك المجال لغيره. فالعشاق كثر، والزعامة لا تليق إلا بمن يؤمنون بها.
بقايا...
- ناصر الشمراني يغادر من أرضية الملعب إلى المطار متجهاً لماليزيا ويعود فجر لقاء آخر ويشارك فيه. تلك رسالة لمن يحترم فريقه وجمهوره ومهنته قبل كل شيء.
- الاتحاد تُرك فريسة لمن يحبون التنعم بضوئه ولو على حساب إطفاء شعلته.
- آسيوياً، سيتأهل من فرقنا فريقان لا أكثر. (توقع شخصي)
- لأنهم اختلفوا معه شخصياً، وكانت آراؤهم ضده، تحولوا لأعداء له حتى وإن جمعهم بيت واحد، وأصبح يمثلهم خارج الوطن. تلك هي عقلية الجهلاء، وتلك هي ضريبة التفوق أيها الذئب.
- مجرد ابتعاد الهلال ولو قليلاً عن المنافسة غيَّر كثيراً من المفاهيم، وفتح كثيراً من الأعين التي كانت لا ترى سوى ما يريد غيرهم أن يروه. رُبّ ضارة نافعة.
خاتمة...
لا خير في خيرٍ ترى الشر دونه ** ولا نائل يأتيك بعد التلدد
(طرفة بن العبد)