سعد الدوسري
لا أحدَ يحبُّ الحروب، الكلُّ يحبُّ الأمل.
ها هو الأملُ يشرقُ من جديد، بعد أن كِدنا نفقده. ها هو يطلعُ من بين القنابل التي أرقَّتنا طيلة الأسابيع الماضية، ليفتحَ صفحةً بيضاءَ خاليةً من العنفِ والتآمر والتسلح، صفحة بيضاء للحوار والتعايش والتنمية والبناء.
هل كان هناك مَنْ يودُّ أن تبدأَ الحربُ أو أن تستمر؟؟ لم يكن أحدٌ يودُّها سوى مجرمي تمزيق الأوطان الواحدة. هؤلاء هم مَنْ أجّجوها ورقصوا على نيرانها وبارودها، وهؤلاء هم من سيتمزقون لانتهائها. ولعل عودة الحياة إلى اليمن، وإعادة إعماره بالأمن والاستقرار، سيمزقهم أكثر، وسيحيلُ رقصَهم إلى عزاءٍ لا ينتهي.
إنها اللحظة التي ظننا أنها ستطول، وها هي أمامنا اليوم، نهاية الحرب وعودة السلم. نهاية الخوف الذي ظلَّ يسكننا بأن اليمنَ، نصف قلبنا الآخر، لن يعودَ لنا. ها هو يستعيد نبضَهُ رويداً رويداً، لينعشَ أوردتنا بدمِه الطاهر.
لا بدَّ من صنعاء وإن طال القَهَر،
كم قهروا فكرةَ المزيجِ الواحد الذي امتزجنا به في كلِّ مدن وقرى اليمن، من صعدة حتى عدن، ومن الحديدة حتى المهرة. كم قهروا وحدةَ الصوتِ اليمني، الذي لم يكن يعكّره طيلةَ التاريخ أيُّ نشازٍ داخلي أو خارجي. كم قهروا اليمن بحروبٍ لا يستحقها.
ها هي الحربُ تنتهي، ليعلو صوتُكَ يا يمنُ من جديد.
ها هي الحربُ تنتهي، لتعودَ أوردتنا تنبضُ في قلبك، وليعود قلبُك ينبضُ في شراييننا، وليسترجعَ الجسدُ الواحدُ حيويتَهُ وعافيته لكي يواصلَ طريقَهُ في التاريخ الواحد.