محمد آل الشيخ
ظن كثيرون، ومنهم محللون ومراقبون ومعلقون، أن الإعلان عن انتهاء عاصفة الحزم، يعني أن الحرب على الانقلابيين في اليمن قد وضعت أوزارها، بينما أنها انتقلت من مرحلة إلى مرحلة، ولم تنته، ومازالت مشتعلة؛ طالما أن الانقلابيين لم يخضعوا للشرعية الدولية، والامتثال لقرار مجلس الأمن 2216، الذي يتيح استعمال القوة تحت الفصل السابع، حتى يذعن الانقلابيون، ويعودون عما اقترفوه في حق بلادهم؛ خاصة محاولتهم فرض أنفسهم، ومعهم أسيادهم الإيرانيون الفرس، على اليمن بقوة السلاح. كما أن عملية (إعادة الأمل) - كما هو معلن - تحتوي على شق إغاثي إنساني لمن تضرروا من مجريات العمليات العسكرية.
(عاصفة الحزم) كمرحلة من مراحل الحرب، حققت أهدافها بامتياز، ومن يُشكك في ذلك، وبالذات من اللبنانيين أذناب الفرس، وقنواتهم المتهالكة والمأجورة، فليعودوا - فقط - إلى قوة وسطوة وتوسع الحوثيين وصالح قبيل عاصفة الحزم، ويقارنوها بحالة الحوثيين وفلول المخلوع الآن، و تحديداً بعد انتهاء هذه المرحلة - (عاصفة الحزم) - التي استهدفت طلعاتها الجوية دك معاقل الحوثيين وصالح، وتدمير مخازنهم وما نهبوه واستولوا عليه من سلاح الدولة اليمنية ومنشآتها؛ وبالذات الأسلحة الثقيلة والطائرات والصواريخ البالستية والقواعد العسكرية والجوية، التي كانوا بها يتفوقون على بقية اليمنيين، ما جعلهم يذعنون لسطوتهم وانقلابهم مرغمين؛ أما الآن فأهل اليمن قادرون على التصدي لهم، ومقاومة أطماعهم، كما هو حاصل ومازال مستمرا في مدينة (عدن) العاصمة البديلة، وكذلك في (تعز)، وفي مدن ومناطق أخرى من اليمن. وهذا هو الهدف الرئيس لعاصفة الحزم؛ فلو تُركت هذه القوات والصواريخ والمعدات العسكرية المتفوقة في أيدي عصابات كالحوثيين وميليشيات كقوات المخلوع، فلن يستقر اليمن، ولن تستقر - أيضا - حدودنا الجنوبية؛ سيما وأنهم باعوا أنفسهم للفرس، ويخضعون للولي الفقيه في طهران وتحقيق أطماعه.
عملية (إعادة الأمل) ستكون حسب ما اتضح من اليوم الأول لبدء سريانها، ذات ثلاثة أبعاد بعد عسكري وآخر سياسي وثالث إغاثي؛ أما (عاصفة الحزم) فكانت عسكرية محضة؛ فقد كان هناك أهداف محددة مسبقا، وجرى بالفعل استهدافها وبرمجة تدميرها حسب خطة معدة سلفا، وفعلا تم تنفيذها بإحكام خلال الطلعات الجوية منذ الليلة الأولى وحتى اليوم الأخير للعملية؛ وبذلك شُلت أيدي الانقلابيين وقُدراتهم العسكرية، بشكل واضح وجلي، ولا يمكن أن يزايد على ذلك إلا مغالط أو فارسي الهوى؛ فقـد خسر الحوثيون، ومعهم المخلوع وعصاباتــه، القــدرة على التفوق النوعي وكذلك العددي، سواء في المعدات والسلاح والذخيرة التي جرى تدميرها وتدمير مخابئها، تدميرا شبه كامل، أو بالتحاق كثير من ألوية الجيش اليمني وكتائبه، بالسلطات الشرعية، ومقارعتهم فعليا للانقلابيين؛ كما هو حاصل ومايزال في مدينة تعز مثلا .
الفرق بين العملية المنتهية - (عاصفة الحزم) - والعملية التي دشنتها قوات التحالف الأربعاء الماضي تحت عنوان (إعادة الأمل) هو اختلاف مرحلي تكتيكي يقتضيه ما حققته عاصفة الحزم من نتائج على الأرض؛ بمعنى أن عاصفة الحزم عملية عسكرية بحتة، ذات أهداف إستراتيجية جرى تحديدها بدقة منذ التخطيط لها وقبل التنفيذ؛ أي أنها بلغة مجازية كانت (سوطٌاً) وليس ثمة (جزرة) تُقدمها لمن تستهدفهم؛ أما عملية (إعادة الأمل) فهي تحتوي على الشقين؛ سياسي وهو دعوة الحوثيين وفلول صالح إلى الإذعان للحوار الذي نادت به الشرعية الدولية، وإلا فلينتظروا (السوط) المتمثل في الطلعات الجوية لطائرات التحالف من الجو ، أما على الأرض فقوات الجيش اليمني المساندة للشرعية وكذلك اللجان الشعبية المقاومة ستكون لهم بالمرصاد؛ وستوفر لهم طائرات التحالف الغطاء الجوي؛ بمعنى أن اليمنيين أنفسهم سيتولون مهمة مقاومة الانقلابيين ودحرهم وتحرير أرضهم منهم .
النقطة الثانية، والجوهرية في العملية الجديدة، أن أجواء اليمن، وموانئه، مازالت منطقة محظورة، وتحت رقابة صارمة من طائرات وسفن دول التحالف؛ اي ان الإيرانيين لن يستطيعوا دعم أذنابهم وتعويض خسائرهم في الأسلحة والعتاد، تماما كما كان الوضع أثناء عاصفة الحزم؛ وهذا سيمنح اللجان الشعبية المقاومة للانقلابيين، خاصة إذا ما تم مساندة هذه اللجان بالذخيرة والأسلحة والمعدات، ما يجعل هذا التميز، إضافة إلى الغطاء الجوي المساند لهم من دول التحالف، هو تفوق نوعي على الحوثيين وصالح، وسيضطرهم في النهاية إلى الإذعان للحوار، دون أن يكون لهم أنياب أو مخالب، مثلما كانوا قبل عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل؛ فالهدف الأول والأخير، هو إعادة الشرعية والجلوس على طاولة الحوار وليس ثمة فريق أقوى من فريق.
إلى اللقاء.