الجزيرة - تركي الفهيد:
قدم الدكتور عبدالله المسند، الأستاذ المشارك بقسم الجغرافيا في جامعة القصيم والمتخصص بعلم الطقس والفلك، اقتراح إنشاء «مركز الإنذار المبكر للمخاطر البيئية»، عازياً ذلك إلى ظروف جوية متطرفة، ومتغيرات مناخية يواجهها العالم أجمع، والمملكة ليست بمنأى ولا بمعزل عن ذلك كله، وقال: لا أتجاوز الواقع الملموس، والحقيقة المشاهدة أن السعودية تواجه مخاطر جوية متنوعة، تتمثل ببرودة قارسة وجافة خلال هبوب الكتل الهوائية الباردة، وربما الثلجية خلال فصل الشتاء، وليس آخرها عاصفة هدى الثلجية الماضية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ارتفاع درجة الحرارة بشكل متطرف خلال فصل الصيف، إلى جانب العواصف الغبارية العنيفة، والشديدة، والكثيفة، والمظلمة، وواسعة الانتشار جغرافياً والتي لم تدع بيت ولا وبر إلا وعفسته بغبارها، حتى المسافر خارج المملكة فحقه من الغبار المترسب محفوظ في منزله، وفي سيارته، وفي مكتبه، وفي استراحته، وفي مزرعته عندما يعود من الخارج يجده ولو بعد حين، وقد لا تخلو رئة سعودية إلا وبها ذرات غبارية جراء أجواء مفعمة بالجفاف.
وأضاف المسند: إن العواصف الغبارية باتت أكثر تكراراً، وأشد عنفاً، وأوسع مجالاً، وأكبر حجماً، وأعظم كثافة مما كانت عليه في العقود الماضية، والشواهد الرقمية الجوية ماثلة شاهدة. وأشار المسند إلى العاصفة الغبارية المُظلمة التي ضربت المنطقة يوم الأربعاء الأول من شهر أبريل 2015م، وعلق بسببها الآلاف بضع ساعات في الطرق البرية، وآلاف المسافرين لأكثر من 24 ساعة في المطارات السعودية، وبعض المطارات الخليجية، وعشرات الآلاف من المصابين بأمراض صدرية، وعن أكثر من ثلاثة ملايين طالب وطالبة لم يذهبوا لمدارسهم ليوم وبعضهم ليومين، وخسائر مادية وتجارية ومائية، وإلغاء مناسبات عائلية، واجتماعية، وعلمية.
ويرى د. المسند أن ثمرات اقتراحه بإنشاء «مركز الإنذار المبكر للمخاطر البيئية» سيجنيها الفرد والمجتمع على حد سواء، وذكر منها أن تعليق الدراسة سيُحدد رقمياً وليس بشرياً، وفق أجهزة رقمية ميدانية مزروعة في طول وعرض السعودية اعتماداً على آلية يفهمها المختصون بالجغرافيا المناخية، وهي في الوقت نفسه غير خاضعة لمزاج أحد أو تقدير جهة، كما سيحدد المركز المقترح مدى حاجة الدوائر الحكومية لتعليق الدوام من عدمه بسبب كثافة العواصف الغبارية، كما سُينهى المركز مشهد تكدس عشرات الآلاف من المسافرين في مطارات السعودية، وسيُخلي الطرق البرية من المسافرين قبل وصول العاصفة الغبارية بالتنسيق مع أمن الطرق لتفادي انحباسهم لساعات في الصحراء المظلمة والمخيفة بأغشيتها الرملية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى سيحدد المركز المقترح مدى الحاجة إلى الصلاة في البيوت، أو الجمع بسبب كثافة العواصف الغبارية في وقت مبكر، وسيحدد المركز أيضاً متى تُقفل المحلات، والأسواق، وكل الأنشطة التجارية بسبب التقلبات الجوية العنيفة والتي يرصدها المركز في وقت مبكر عبر أجهزته الأرضية العصرية، وصور الأقمار الصناعية، وسيحدد أيضاً متى يجب أن يتوقف العمال عن العمل بسبب شدة وكثافة العواصف الغبارية، وسيعلن مركز الإنذار المبكر حالة الطوارئ في المستشفيات قبل العواصف الغبارية بساعات عدة وربما أيام، كما سيحدد مدى الحاجة إلى إغلاق الموانئ البحرية بسبب العواصف الغبارية أو التقلبات الجوية المتطرفة، وسيوجه كل القنوات التلفزيونية لعرض ونشر الشريط التحذيري الأحمر من قِبل المركز بشأن التحذيرات المسبقة، والآنية الرقمية عن العواصف الغبارية، وسيحدد مدى إمكانية قيام أو إلغاء مناسبات خارجية، أو مباريات رياضية.
ليس هذا فحسب بل إن المركز المقترح سيبتكر نغمة صوتية مميزة تصل لكل الجوالات في النطاق الجغرافي للعاصفة الغبارية فقط، كما تُبث النغمة تلك في الإذاعات والقنوات السعودية لتحذر من قدوم العاصفة.