ساهمت تكنولوجيا المعلومات وشبكة الإنترنت بإحداث نقلة نوعية في مجال استراتيجيات التدريس الحديثة، لعل من أبرزها استراتيجية ظهرت -مؤخراً- التي يُطلق عليها التدريس المقلوب أو المعكوس، حيث يتم فيها دمج التقنية الحديثة في العملية التعليمية.
تعودنا في التدريس التقليدي أن يكون للمعلم دور بارز داخل الصف، وذلك بشرح المادة العلمية والمفاهيم الجديدة بينما يتركز دور الطالب في المنزل على حل الواجبات والأنشطة.
أما فكرة التدريس المقلوب أو المعكوس تقوم على قلب أو عكس للعملية التعليمية برمتها، حيث يقوم المعلم بإعداد المادة العلمية لدروسه عن طريق مقاطع فيديو أو مقاطع صوتية أو غيرها من الوسائط المتعددة التي لا تتجاوز مدتها 10 دقائق، ويكون دور الطالب في المنزل مشاهدة هذه المقاطع في أحد مواقع الويب أو شبكات التواصل الاجتماعي ومناقشة مادتها العلمية مع المعلم، أما داخل الصف فيتم تخصيصه للأنشطة، حيث يصبح الطالب محور العملية التعليمية بالتفاعل مع هذه الأنشطة وتنفيذها مع زملائه، بينما يصبح دور المعلم موجهاً وميسراً ومشرفاً على سير الأنشطة أثناء الدرس.
ما يميز التدريس المقلوب هو مشاركة الطالب في العملية التعليمية ليصبح محورها وباحثاً عن مصادر المعلومات بنفسه، ومساعدته على التعلم الذاتي، ويتيح له إعادة الدرس أكثر من مرة، ويشجع على الاستخدام الأفضل للتقنية الحديثة, ويبني علاقات أقوى بين الطالب والمعلم، ويوفر استغلالاً جيداً لوقت الحصة مما يتيح للمعلم فرصة الإشراف والتوجيه والتحفيز والمساعدة للطالب، وأخيراً فإن أهم ما يميز التدريس المقلوب هو تنمية مهارات مثل حل المشكلات والتفكير العلمي والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي وبناء الخبرات ومهارات التواصل والتعاون بين الطلاب.
ويتطلب التدريس المقلوب لنجاحه توافر شبكة الإنترنت والأجهزة التقنية في منازل الطلاب كالأجهزة الذكية أو الأجهزة الحاسوبية المحمولة أو اللوحية, كما يتطلب معلماً متمكناً من مهارات التقنية وتطبيقات الويب وطرق توظيفها في التدريس.
وأخيراً.. فإن نجاح التدريس المقلوب يحتاج حماسا من قبل الطلاب، ودافعية ورغبة ذاتية من قبل المعلم في التغيير ومتابعة الطلاب، وتقديم وقت وجهد إضافي للحصول على مخرجات تعليمية عالية.