عبد الرحمن بن محمد السدحان
( 1 )
لماذا كان (الاثنين) يوماً مهيباً!
- يوم الاثنين يوم مهيب في خاطري، أستقبله برعشة حذر، وأودعه بنشوة فرح لأسباب عديدة أجلّها أنه موعد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الموقر، ولا شيء يعدل ذلك أهمية واهتماماً ضمن (اجندا) عملي الأسبوعي.
***
- لقد تعودت أن أستقبل (الاثنين) بشعور منقسم بين خوف من خطأ مفاجئ لم يحسب له حساب، واهتمام بالتصدي لذلك الخطأ، مما قد يرتب الدخول في سباق مرير مع الوقت قبل حلول موعد الجلسة! ورغم ذلك أحسب أن كلا الأمرين إيجابيان جداً، لأنهما وسيلة (دفاع نفسي) ضد الخطأ وقايةً منه وردعاً له!
***
- ولذا، أعيش وزملائي في الأمانة العامة حالة من (الاستنفار) النفسي والحركي قبل الجلسة وأثناءها وبعدها، حتى تبلغ نهايتها، وينقشع سحاب الاستنفار لمواجهتها لنتنفس جميعاً الصعداء استعداداً لتجربة جديدة في الاسبوع التالي!
***
- إن يوماً كهذا لا يمكن أن يعامل بغير ذلك، فهو (موسم الحصاد الأسبوعي) الذي تُشحذ في سبيله الهمم وتشرئب الأعناق خدمةً له واستعداداً! وهو لدى عامة الناس مما يستقطب الاسماع والأبصار ترقباً لنتائجه، بعضُها يصب مباشرة في مصلحة المواطن والوطن.
***
( 2 )
مخرجات الجامعة: هل لبّت طموح المواطن والوطن ؟
- هذا ما نأمله ونطمع فيه ونشدّ إليه الرحال فكراً وجهداً ومالاً، وإلاّ فما فائدة حراك التعليم، بكل مستوياته، إنْ لم تكن مخرجاته جسراً تعبر عليه آمالنا نحو مستقبل واعد بالخير والنماء للوطن الغالي.
***
- أدرك سلفاً ان هذه مقدمة مشحونة بالتفاؤل، لكنها بعيدة عن الحقيقة بعدَ المسافة بين الطموح المرجو والنتائج المتاحة، نعم، مخرجات التعليم، رغم تعدد روافده واختصاصاته، تغطي جزءاً من احتياجنا للقوى الوطنية العاملة المؤهلة، لكنها بالتأكيد لا تفي بالحاجة كاملة، لأسباب عديدة يدركها العقل المعاصر الحصيف.
***
- هناك (غزارة) غير مبررة في بعض المخرجات لبعض التخصصات، والنظرية منها خاصة، وهي في تقديري المتواضع تمثل نوعاً من الهدر في استثمار قدراتنا الشابة على نحو يجعل بعض المنتمين إليها فـي واد والاحتياج الفعلي في واد آخر، ولذا، تبقى عاطلة بلا عمل!
***
- وقياساً على ما سبق، يصعب القول إن كل من حمل مؤهلاً جامعياً أو غير جامعي، سَما أو دنا في القدر والقدرة، قادر على العطاء والإنتاج المنشوديْن لأسباب عديدة يتعذر الحديث عنها في هذا النطاق الضيق!
***
- دعني أضرب لبعض ما قلت أمثالاً: فبلادنا تفتقر إلى المزيد من القضاة والأطباء وأساتذة الجامعات والممرضين والممرضات وأخصائي القطاع الصحي إلى جانب بعض التخصصات العلمية والتقنية والإنسانية، ومثل ذلك يقال عن خريجي الهندسة، والحاسب الآلي، وتخصصات أخرى متفرقة، وما يمكن أن يقاس على ذلك في المسارات المهنية الأخرى.
***
- باختصار: كفاءة الأداء الحكومي لا تقاس كماً بعدد العاملين والعاملات في هذا القطاع أو ذاك، ولكن بالتأهيل والخبرة والولاء لهيبة المهنة ومعاييرها وأخلاقياتها، متوجة بحسن الأداء، وبالتالي، سيبقى النقص النوعي والفراغ الأخلاقي في القطاع البشري هماً ملازماً للإدارة، كيفاً لا كماً! لا في بلادنا فحسب، ولكن في دول أخرى كثيرة، القريبة منا والبعيدة.
***
- وباختصار أيضاً: الرد على هذا السؤال يتطلب صحائف من القول المبنى على نتائج بحثية لا يتأتّى الرد في غيابها أبداً اعتماداً على ظنون وانطباعات وهوامش ذهنية من هنا وهناك!
***
- دعوني هنا أجتهد فأقول: لو بقي اختيار الشاب لتخصصه بمنأى عن (وصاية) ذوي القربي أباً كان أو أمّاً أو أخاً أو خلاً خليلاً، ولو منح الشاب نفسه فرصة السؤال والبحث والتدبّر عن أفضل مجال للتخصص يلبي حاجتين: رغبته هو وميوله، ثم حاجة البلاد والعباد لهذا التخصص أو ذاك.. لكان هذا جزءاً مفيداً من مشوار الألف ميل بحثاً عن جادة الحق والحقيقة!