الجزيرة - سعود الشيباني / تصوير - عبدالملك القميزي:
أكد المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي أن وزارة الداخلية أعلنت أمس القبض على 93 شخصاً، بينهم امرأة، ممن ثبت تورطهم في نشاطات إرهابية يسعون من خلالها لتنفيذ أعمال إرهابية تستهدف الأمن والاستقرار بالمملكة. وقال في مؤتمر صحفي عقده امس بنادي ضباط قوى الأمن الداخلي بمدينة الرياض: إن جميع المقبوض عليهم سعوديون باستثناء خمسة أشخاص أحدهم فلسطيني، والآخر يمني، وآخر سوري، واثنان منهم من حملة البطاقات. وبين اللواء التركي أن المقبوض عليهم بينهم65 شخصاً انشأوا فيما بينهم تنظيماً إرهابياً يرتبط بتنظيم «داعش الإرهابي»، فيما شكل (15) منهم خلية إرهابية أيضاً ترتبط بتنظيم «داعش الإرهابي» وشرع أحد المقبوض عليهم في تكوين خلية إرهابية بالتواصل مع عناصر في تنظيم «داعش الإرهابي»، فيما نشط الآخرون في نشر الدعاية للتنظيمات والأعمال الإرهابية، وتجنيد الشباب خاصة صغار السن، أو الشروع في تنفيذ جرائم إرهابية.
وأوضح أن عملية القبض على هؤلاء تمت بعدما تمكنت الجهات الأمنية من كشف أنشطة إرهابية يقوم عليها عناصر من الفئة الضالة بمناطق متفرقة من المملكة تعمل في نشر الدعاية للتنظيمات الإرهابية ومهاجمة علماء المملكة وتكفيرهم، والتحريض على الأعمال الإرهابية، واستقطاب وتجنيد الشباب خاصة صغار السن بتنفيذ مخططاتهم الإرهابية التي كانت تستهدف العسكريين، وإثارة الفتنة الطائفية، وتنفيذ هجمات انتحارية في منشآت حكومية وسكنية وأمنية ودبلوماسية، من بينها اقتحام سجون المباحث العامة، ومهاجمة سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرياض بواسطة سيارة محملة بالمتفجرات, مبيناً أنه اتضح من التحقيقات الجارية مع المقبوض عليهم أن تحضيراتهم بلغت مراحل متقدمة لتنفيذ الجرائم الإرهابية التي خططوا لها خاصة في تأمين الأوكار وإنشاء مواقع التدريب وجمع الأموال والتجنيد، وجمع المعلومات، وتصنيع العبوات المتفجرة، وإجراء التجارب الحية عليها لاختبار قوة تفجيرها. ثم قدم العميد المهندس بسام عطية من وزارة الداخلية شرحاً موجزاً عن كل مجموعة من الذين قبض عليهم حسب ترابطهم، وحسب التنظيم الذي كان يجمعهم والذي يسعون إلى تنفيذه أو إنشائه.
وقال: سنستعرض معكم القضايا الواردة في البيان مع التركيز على بعض النقاط المفصلية التي تحدد ملامحها، وتحدد طريقة توجهاتها، وأساليب العمل فيها بغية تفكيكها وإيصالها للمجتمع بوضوح أكثر. وحول ما يسمى بجماعة ( جند بلاد الحرمين ), أوضح العميد عطية أن القبض عليهم تم عقب الاشتباه في مجموعة من الأشخاص وتواجدهم في موقع خارج منطقة القصيم، وقيامهم بأعمال تدريبية، والتجهيز لعمل إرهابي، مبيناً أن نتائج التحقيق أسقطت عشرة أشخاص، ليكون المجموع الكلي 15 شخصاً، كلهم سعوديون ومنتمون لقوة ترتبط بتنظيم داعش الإرهابي، ولهذه الخلية مجموعة من الأدوار، وهي صناعة المتفجرات، إضافة إلى دور مالي، وشرعي وتنسيقي. وقال عطية: يجب أن نركز الحديث على بعض جوانب التنظيم، فمن حيث المسمى ( جند بلاد الحرمين), فهو يدعو إلى التعبئة النفسية، فاختيار المسمى له انعكاسات حماسية في نفوس الشباب، ويؤكد على قدسية العمل المزعوم وله أبعاد نفسيه كبيرة جداً في التنظيم، وفي المتعاطفين أو المنتمين له, مبيناً أن للتنظيم انتماء فكريا واضحا جداً لتنظيم داعش الإرهابي، حيث إن له نفس الأهداف ومنها الاغتيالات، واستهداف المجمعات والمقرات الأمنية. وأوضح العميد المهندس بسام عطية أن ما يسمى بجماعة ( جند بلاد الحرمين ) يسوقون إلى عناصرهم، فنجد هيكلة داخلية متكاملة داخل هذه المنظومة, ونجد أيضاً منظومة التهيئة والتجهيز، ونلاحظ أن لهم أماكن للتواجد، وأماكن للقيام بأعمال الاختبارات, وأعمال التفجير, والتدريب, إضافة إلى أكثر من موقع للتواجد، والخروج خارج النطاق العمراني للتدريب وإجراء التجارب, ونحن أمام منظومة في الواقع تعددت فيها عدة أركان وعدة زوايا تؤكد وتؤصل مفهوم العمل الإجرامي داخل هذه الخلية.
وحول القبض على مواطن سعودي في منطقة القصيم لارتباطه بعناصر تنظيم داعش الإرهابي في الخارج ويسعى إلى تكوين خلية لمبايعته كزعيم لهذا التنظيم أفاد العميد عطية أن المقبوض عليه كان له عدة محاولات في صناعة المتفجرات, أتقن الجانب النظري وتحول إلى الجانب العملي, مبيناً أنها حالة فردية لنواة خلية وهي حالة مستقلة في نفس الوقت لها ارتباط بداعش, مبيناً أنه سعى بالتواصل مع داعش لتطوير هذه الإمكانية لديه لتحويلها إلى مجال عملي, مشيراً إلى أن في هذه الحالة يسعى تنظيم داعش الإرهابي إلى دعمه بشتى الطرق وهي أشبه بعملية الاستقطاب. وحول مفهوم المبايعة أوضح أن كثيراً من العمليات الإرهابية مفهوم المبايعة حاضراً فيها وهي حالة من التأثير على الانتماء والطاعة والملكية, مبيناً أن المبايعة هي من أهم الأمور لدى هذا التنظيم ولاسيما لدى السعوديين لمحاولة سلخهم من مجتمعهم ومن منظومتهم وحياتهم, مشيراً إلى أن المبايعة هي نقطة ارتكاز في أي عمل إرهابي ونقطة ارتكاز في عملية التجنيد, وتعد عملية متقدمة في مراحل العمل الإرهابي, حيث يشعر المنتمي لهذا العمل في لحظة مبايعته أنه أصبح داخل هذه المنظومة ويصبح هناك عنده اعتقاد راسخ وقوي باتجاهه حسب ما يفهم, وبذالك تتحقق فيها الدورة الإرهابية, والدورة الإرهابية هي الفكر والتجنيد والتخطيط والتمويل والتدريب والاختبارات والتنفيذ، قد تتقدم نقطة عن الأخرى في بعض الحالات المختلفة. وقال العميد المهندس عطية: نتكلم الآن عن القضية الثالثة التي تضم 65 شخصاً في عدة مناطق من مناطق المملكة، ومن عدة جنسيات، وهي خلية لها ارتباط كبير مع تنظيم داعش الإرهابي، ولها مجموعة من الأهداف منها استهداف المجمعات السكنية، وسجون المباحث العامة، ولهم أعمال وخطوات كبيرة جداً ومتعددة لتحقيق هذه الأهداف, وهي في مجملها أهداف إرهابية يسعون إلى نشرها بشتى الوسائل في الملتقيات والتجمعات الدعوية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبين أنه في 17 /5/ 1436هـ تم إسقاط هذه المجموعة، التي يميزها تعدد الجنسيات، وهي ما نطلق عليها بالشمولية. واستعرض العميد العطية الطرق الخاصة بالمجموعة في تحقيق أهدافها، وطبيعة ارتباطها بتنظيم داعش الإرهابي، حيث ركزوا على التجنيد، والتدريب، والهجرة، والتمويل. وأفاد العميد مهندس بسام عطية أن مجريات التحقيق أوضحت حتى الآن أن المقبوض عليهم غير مطلعين على ما سيقومون بتنفيذه أو ما سيكلفون به ، مبينا أن «السوري» قدم إلى المملكة بغرض مشاركته في نشاط محدد بمدينة الرياض، ولكن طلب منه أخوه الذي يقيم في إحدى الدول الخليجية أن يتجه للمدينة المنورة، وإشعاره بعدما يصل إليها بدون معرفة المطلوب منه بالتحديد. وبين العميد عطية أن «السعودي» الذي قبض عليه في المدينة المنورة كان ينشط في جمع الأموال ويرسلها إلى شقيق السوري ، وكلاهما لايعرف بعضا، مشيرا إلى أن القضية لازالت قيد التحقيق وإعطائها بعض الوقت ، لافتا الانتباه إلى أنه قد يتطلب الأمر القبض على العنصر الثالث الذي يمكن أن يكون متورطا في تنسيق هذه العملية, فيما يخضع الشخص الأخير للتحقيق، مفيدا أن الأسباب التي أدت إلى القبض عليهم وما اتضح خلال التحقيقات معه يؤكد أنه يرمي إلى شيء غير واضح حتى الآن, إما سعيه لتنفيذ جريمة إرهابية منعزلة بذاتها أو البدء في تكوين خلية إرهابية من خلال تجنيد آخرين أو ربما التغرير بأشخاص لتنفيذ جرائم إرهابية على غرار الجريمة التي نفذت باستهداف دورية الأمن في غرب الرياض، ودورية أخرى في شرق الرياض.
بعد ذلك فتح باب الإجابة عن أسئلة الإعلاميين، حيث أوضح اللواء التركي في إجابته عن سؤال حول علاقة المقبوض عليهم بتنظيم داعش الإرهابي أن البيان حدد علاقة كل مجموعة وتاريخ وطريقة تعاونها مع التنظيم في القضايا التي أعلن عنها، مؤكدا أن هذه القضايا تأتي كنتاج لتنفيذ مهام رجال الأمن في مكافحة الإرهاب خلال ثلاثة أشهر. وحول سؤال عن نوع التقنية المستخدمة في تحديد المعرفات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي أفاد اللواء أنه من الصعب جداً تحديد أسلوب تقني واحد للقبض من خلاله على 93 شخصا و6 مجموعات مختلفة، حيث إن كل مجموعة لها قضية تختلف إعن الثانية، مؤكدا أنه ما بين 65 شكلوا تنظيما واحدا، و15 شكلوا خلية، و2 كل واحد يعمل بمفرده، إلى جانب 9 كانوا ينشطون في المعرفات، مبينا أن كل عملية قبض عليها تمت وفق إجراءات أمنية محددة تختلف عن الأخرى ليس بالضرورة أن تكون متشابهة, مفيدا أن بعض النتائج القبض حققت بفعل معلومات توافرت للجهات الأمنية من مواطنين أو مقيمين في المملكة, ويصعب جداً أن نحدد كيفية التوصل إلى كل قضية أو حالة من هذه الحالات. وحول السيرة الذاتية للمقبوض عليهم وما يشكلونه من طابور خامس كعملاء أفاد العميد مهندس بسام عطية أن المقبوض عليهم مطالبين بحراك إرهابي سواء سابق أو لاحق من الجهات التي يتعاونون معها, قائلا: إن ما يتعلق بالطابور الخامس هي حالة من الوصف أو المقاربة أو إسقاط ونحن نسقط عليه العمل الإرهابي.. بمعنى لا نتصور العمل الإرهابي في شكله الحالي, بل يعمل كطابور خامس وهو طابور للعملاء يخدم دولة معادية, مبينا أن العمل الإرهابي في صوره الوحشية يتعدى إلى العمل كطابور إلى نتائج أعمال إرهابية مضاعفة تدعم خارجياً. من جانبه قال اللواء التركي: نحن لا ننظر إلى القاعدة أو إلى داعش أو غيرهم, في نهاية المطاف نحن نتعامل مع فكر منحرف ونتعامل مع من يقف وراء هذا الفكر المنحرف, ويسعون إلى تجنيد أشخاص يستخدمونهم أدوات في تنفيذ عمل إرهابي يخدم إغراضهم وأهدافهم فالإرهاب كله وجهة واحدة وأهدافه في نهاية الأمر وحدة مهما اختلفت الأساليب أو تغيرت, مبيناً أن كل تنظيم إرهابي يسعى أن يتعلم من التنظيم الذي سبقه ويحاول أن يرى أين نجح فيكرر الأسلوب الذي نجح فيه, ويلمس إخفاقاته فيحاول أن يدرسها أو يتلافى هذه الإخفاقات في محاولة منه أن يبقى فترة أطول, وأن يحقق ما عجز عنه التنظيم الآخر.
وعن حادثة استهداف السفارة الأمريكية أجاب اللواء التركي أن هناك شخصين مقبوض عليهم أحدهم سعودي والآخر سوري وهم محل اشتباه قوي بارتباطهم وعلاقتهم بهذا التهديد، ومن المبكر أن نجزم بشيء حتى تظهر نتائج التحقيقات التي تؤكد الوضع الذي نتعامل معه أو عكسه، مبينا أن هناك تنسيقا متبادلا فيما بين دول مجلس التعاون بشكل عام وتعاون ايجابي في مثل هذه المسائل، لافتا الانتباه إلى أنه يوجد أحيانا إجراءات نظامية بينها. وفيما يتعلق بسؤال عن استخدام الجماعات الإرهابية للاستراحات أكد اللواء التركي أنه يتضح من العرض الذي قدمه العميد بسام أن هذه الفئة خلال ممارستها لتدريباتها أو تجاربها بعيدا عن المناطق العمرانية, أو أي منطقة برية ستكون كافية بالنسبة لهم، حيث إن المسألة لا ترتبط بالاستراحات عندما نذكر استراحات وخلافه، وهي في نهاية الأمر مفهوم بسيط، ويستطيع أي إرهابي الخروج لمنطقة برية يقيم بها خيمة أو استراحة بمواد بسيطة لا تكون خاضعة للحصول على تصريح من الجهات المعنية. وحول توجيه حملة لفضح المتورطين في أعمال إرهابية بالتعاون مع المراكز البحثية في الجامعات والإعلام ووزارة الداخلية، أكد التركي أن المملكة تحرص كثيرا على المبادرة بالإعلان عن كل ما يتم التعامل معه من قبل الجهات الأمنية, في إطار الحرص على أن يكون المواطن على دراية ومتابعة تامة لما يسعى إليه أصحاب الفكر المنحرف, مشيراً إلى أن للمواطن والمقيم دورا أساسيا في إحباط المؤامرات الإرهابية ، داعيًا وزارة الداخلية لإنشاء إدارة عامة تختص بالأمن الفكري, خلاف الجهد الجاري بما يتعلق في برامج المناصحة والرعاية وإعادة تأهيل من يتم التغرير بهم بمركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية على المستوى الدولي، مؤكداً أن المملكة تحرص على أهمية التعاون الدولي على أن تكون مبادرة في كل ما يسهم في إحباط أي جريمة إرهابية في أي مكان, وفق ما يتوفر لديها من معلومات في هذا الشأن.
وفي ذات السياق لفت النظر إلى مبادرة المملكة متمثلة بدعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - للعالم لإنشاء مركز « دولي لمكافحة الإرهاب «، مبيناً أن المملكة بادرت عبر مساهمتها بتوفير ميزانية للمركز إيمانا منها على أهمية التعاون الدولي في تحقيق هذا الهدف.
وفيما يخص حجم الاستهداف الذي تتعرض له المملكة بعمليات إرهابية قال اللواء التركي : الكل يدرك حقيقة حجم الاستهداف الذي تتعرض إليه المملكة, والمحاولات الحثيثة سواء لتنظيم داعش الإرهابي أو غيره من التنظيمات الإرهابية, هدفها زعزعة الأمن والاستقرار, ولولا توفيق الله سبحانه وتعالى ثم المساهمة التي تلقتها الجهات الأمنية من المواطنين والمقيمين والدعم غير المحدود من ولاة الأمر ومن القيادات، بالإضافة إلى الجهد الذي يبذله كل رجل أمن في تنفيذ مهامه في سبيل المحافظة على الأمن والاستقرار, كان قد تمكنوا مما يريدون, مؤكداً أن في المملكة شعبا يلتف حول قيادته يؤمن بعقيدته ويساند جهود رجال الأمن, الذين يقدمون أنفسهم ويضحون بحياتهم في سبيل الحيلولة دون تمكين أعداء الوطن من تحقيق غاياتهم.