زكية إبراهيم الحجي
ليس ثمة شك في أن العنف ظاهرة إنسانية تخترق كل المجتمعات في القديم والحديث.. في الشرق والغرب وهذا ما يؤكد أن هناك أسباب معينة لها دور كبير في انتشار وتفشي هذه الظاهرة السلوكية العدوانية.. وهو ما يعني أيضاً أن هناك غريزة ثابتة في البشر قد تتجه إلى العنف ما لم يتم تهذيبها.
قبل أيام تعرضت طالبة للاعتداء بالطعن في مجمع كليات البنات في سكاكا.. اعتداء بآلة حادة استخدمتها المعتدية ضد زميلة لها في نفس الكلية.. حادثة الاعتداء ليست بجديدة.. فقد سبق أن كان هناك حوادث اعتداء طالب ضد طالب آخر أو طالب ضد معلم أو العكس أو معلمة ضد طالبة.. إلا أن الجديد وغير المتوقع أن يكون الاعتداء هو اعتداء طالبة ضد طالبة.
عموماً وبغض النظر عن النوع والفئة العمرية والوسيلة أو الأداة التي يستخدمها المعتدي ضد الآخر هناك مجموعة من الأسئلة لا بد من طرحها لمعرفة أبعاد ظاهرة العنف ومستوى التباين في طرق الاعتداء والمعايير الثقافية السائدة في بيئة ومحيط المعتدي.. من هذه الأسئلة وهي من أهمها لماذا وصلت ظاهرة العنف بين بعض طلبة المدارس إلى الحد الذي يبيح لهم استخدام آلات حادة لتنفيذ سلوكياتهم العدوانية وأين هي المؤسسات المسؤولة ودور المجتمع بكافة أطيافه يوم لاحت في الأفق البوادر الأولية لهذه الظاهرة.. ومن المسؤول عن وجود هذه الظاهرة الخطيرة بين الناشئة والمراهقين من طلاب المدارس.
وللإجابة على هذه التساؤلات لا بد من الإشارة إلى أن أغلب الدراسات النفسية والاجتماعية تُجمِع على أن سلوك العنف والعدوانية سواء على مستوى فردي أو جماعي.. يتكون أول ما يتكون من خلال التنشئة الأسرية ومن خلال العلاقات الشخصية والاجتماعية.. ثم من خلال وسائل الإعلام والألعاب الإلكترونية المنتشرة بشكل واسع والتي تلعب دوراً كبيراً في تأسيس سلوك العنف والعداء لدى الأبناء من خلال ما تعرضه من مسلسلات وبرامج وما تحويه من عناصر ابهار وجذب وسرعة في تمثيل مشاهد العنف واللقطات العدوانية وثقافة تمجيد العنف والجريمة.
ولما كانت المدرسة هي إحدى وسائط التنشئة الاجتماعية التي يأتي من ضمن أولويات أهدافها تشكيل الوعي السلوكي وفق فلسفة تربوية وتعليمية متفق عليها فإن دور العاملين في المجال التربوي والتعليمي لا يقل أهمية عن دور التنشئة الأسرية لذا أرى أن من الضروريات وجود فريق عمل متخصص في المجال الاجتماعي والنفسي والطبي وعلى مستوى من الكفاءة تتبناه وزارة التعليم ويكون دوره الوقوف على ظاهرة العنف والاعتداءات ضد الآخر التي تشهدها المدارس ودراسة الأسباب المسئولة عنها.. ومعرفة الآثار المترتبة على سلوك العنف داخل المدارس وكيفية الحد من هذه الظاهرة ومكافحة العوامل المسببة لها.
إن ضبط السلوك العدواني بتحديد عوامله وأسبابه هو الطريق لمكافحة ظاهرة العنف في المجتمع الطلابي والقضاء عليها.. وهي الطريق للضبط التدريجي للوصول إلى مرحلة ضبط السلوك العنيف وفي ذات الوقت تمكين السلوك الإيجابي البديل.