أصدقكم القول إن هذه المقالة تعسرت كتابتها بشكل لم أعهده من قلمي.
كتبت ثم كتبت ثم كتبت, ومصير كل هذا لمست زر تحيلها إلى العدم، أما لماذا؟ فلأني لم أجد عبارة ولا معنى يفي هذا الوطن حقه, كيف لا وترابه أغلى تراب وكفى أنه:
لم تعرف الأرض أغلى منك يا وطنا
مشى عليه النبي الحق بالقدم
كيف لا وهو:
يا مهبط الوحي يا تاريخ أمتنا
يا مشعل النور للأمصار في الظلم
كيف لا وهو:
إليك تهفو قلوب الناس قاطبة
وترتمي فيك حول البيت والحرم
ومنك يا موطني المعطاء انطلقت
جحافل تنشر الإسلام للأمم
ما أجمل الكتابة عن هذا الوطن, فكتابتي عنك أيها الوطن ليست كتابة عاشق يتغنى بمعشوقته التي ربما يأثم بسببها, ولكنني أتغنى بك وأنا واثقٌ بأنني أتعبد الله بحبك والدفاع عنك.
أنت الذي في قلوب الناس مسكنه
أنت الذي في قلوب الناس لم ترم
في قلوب الناس كما قال الشاعر رافع الشهري, وليس في قلوب المواطن فقط, فهذا الوطن في قلوب الناس كل الناس فهو قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم, وطن كل يوم يكبر ولكنه لا يهرم.
مجدي لمجدك ينتمي وطني فديتك بالدمِ
وطني وذكرك سائغ كالشهد ينضح في فمي
وطني وقدرك شامخ كالشمس فوق الأنجم
أنت العرين لكل ليث من العرين وضيغم
ما أجمل وأصدق هذا الشطر من البيت.. أنت العرين لكل ليث من العرين وضيغم
هذه الأيام تشهد على صدق قول الشاعر, أمام جيل اليوم الذين ظهروا على هذه الدنيا ولم يعرفوا أن هناك حيث التاريخ البعيد دماء طاهرة بللت هذا التراب الطاهر من أجل هذا الدين وهذا الوطن, اليوم يرون ويسمعون قائدهم يقود الأمة ويعيد لها كرامتها, رفع الله به رؤوس قد أعياها الضيم، حتى كادت أن تُصاب باليأس والقنوط من عودة الكرامة المسلوبة.
وطني كبير منذ أن عرفته، ويتعاظم كلما زرت البيت العتيق, حيث الأمن والأمان يحيط بهذا البيت الذي اصطفى الله هذه القيادة لعمارته وحمايته فكانت نعم العامر ونعم الحامي.
وطني كبير بهذا الشعب الأوفى.. هذا الشعب الأشجع.. هذا الشعب الأكرم, شعب لا يمكن أن يكون إلا مع قيادته, ويتعاظم التصاقه بقيادته وقت الأزمات, فالكل ينسى نفسه وينسى عمله إلا الدفاع عن هذا الوطن وقيادته بكل ما أوتي إن كان في الميدان فهو الضرغام وإن كان باللسان فهو أمير البيان, وإن كان بالقلم فما تسود الصحف إلا بالوفاء والعطاء والإخلاص.
والله المستعان.