أود التعليق على مقال (البنات وفخ الابتزاز) للدكتور الفاضل عبدالواحد الحميد الذي أشكره كثيراً على التطرق إلى هذا الموضوع المهم والذي تكاد تتفق الآراء على أن مبدأ ابتزاز الفتيات والضغط عليهن ومن ثم الوقوع في حبائل ذلك المبتز نابع - في أغلبه - من التقنية الحديثة (جوال، كاميرا، مواقع دردشة، مواقع اجتماعية، ...) مما يطرح سؤالاً مهماً حول جدوى استخدام تلك التقنيات ومنافعها، والاستفادة من جملة الخدمات التي توفرها بأسلوب راق بعيد عن الابتذال متسم بالحذر، وهل نحن فعلاً بحاجة لهذا الكم الهائل من الأجهزة التقنية بحيث تكون في متناول كل أفراد العائلة دون حسيب أو رقيب؟
كل تلك التقنيات وضعت في أصلها لخدمة البشر وتسهيل أمورهم، لا لتكون وسيلة تجلب الهموم والتعاسة لهم، وبالمقابل هناك فئات من البشر يتعاملون مع كل تقنية جديدة؛ لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستفادة منها على طرفي النقيض سلباً وإيجاباً، واثقين ثقة عمياء في أنهم قادرون على التحكم في استخدامها وحماية خصوصياتهم أثناء ذلك الاستخدام، ناسين في نشوة الثقة أن لكل سلاح سلاحاً مضاداً آخر، وأن الشركات التي تصنع برامج الحماية تصنع بالمقابل برامج الاختراق، فضلاً عن أن كثيرين لا يهتمون لذلك من باب الغفلة وهم لا يعلمون أن هناك متربصين لكل فرصة سانحة.
لا يكاد بيت في وقتنا الحاضر يخلو من تلك الأجهزة الحديثة التي تتيح التواصل مع العالم الخارجي، حتى وصل الأمر لحد كشف أخص الخصوصيات لأناس لا يعرفهم من يتواصل معهم إلا عن طريق الانترنت أو رقم الهاتف ونحو ذلك من طرق التواصل عن بعد، ما قد يوقع في حبائل الابتزاز وقضايا المخدرات وجرائم الأموال والاتجار بالبشر وغيرها دون أن يشعر.
متى يدرك كل واحد منا حجم تبعات تلك التقنية على نفسه وأهل بيته؛ فيسعى لتثقيفهم تجاهها وتجاه مخاطرها وأنها للحاجة في المقام الأول. أم ننتظر وقوع الكارثة لنسكب دموع الندم ولات حين مندم.
التقنية بين أيدينا سكين بحدين، إما أن نقطع بها بمحض إرادتنا أو تقطع هي أيدينا دون أن نشعر
وعملية ابتزاز واحدة يتم الكشف عنها يقابلها عشر عمليات لا يتم حتى التبليغ عنها بسبب الخوف. فيجب أن نتعامل مع الابتزاز على أنه جريمة كبرى لأنه سبب انهيار الكثير من الأسر وتشتت أفرادها
فللأسف الشديد مع مرور الوقت استهنا بقضايا الابتزاز وتساهلنا في عقوباتها وبذلك انتقل المجتمع من مرحلة الابتزاز إلى مرحلة التهديد. وأصبحنا بدلا من سماع تهديد بالصور إلى المطالبة بالانصياع لمطالبات المبتز وطلب الأموال. والأدهى والأمر, هو أن نسبة كبيرة من التهديد والابتزاز يقوم بها أجانب بدأوا يعرفون مواقع الضعف لدينا والتي من أهمها حساسية مسألة سمعة المرأة وكذلك نوعية العقوبات. وقد تناقلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي خبرا مفاده بأن أحد المقيمين لم يهدد امرأة متزوجة فقط, بل تعداه إلى تهديد زوجها بعد أن علم الزوج بالأمر وبدأ يطالب بمبالغ كبيرة. ولذلك فإن هذا النوع من الابتزاز والتهديد عادة ما ينتهي بطريقة تتفكك فيها الأسرة، وقد يحدث ما لا تحمد عقباه, مثل عملية الانتقام الجسدي. ولذلك فإنه لا بد في الوقت الحالي من سن قوانين صارمة للتحرش الجنسي والابتزاز والتهديد. ويجب أن لا تنتهي مسألة كشف الابتزاز عن طريق هيئة الأمر بالمعروف وتنتهي المسألة. ولذلك فإن وجود منظومة خاصة أمر ضروري. وبالإمكان أن تكون هذه المنظومة تابعة لكل إمارة وتكون لديها صلاحيات أكبر للتحرك ضد المبتز وكذلك صلاحية تقرير العقاب. بالإضافة إلى ذلك أن يكون من يتم اختيارهم ممن يتمتع بالجدية في العمل والأخلاق والشخصية القوية. وشيء ضروري وهو التأكيد على سرية المعلومات ومعاقبة من يخالفها من هذه المنظومة لكي يشعر من هو ضحية عملية ابتزاز بالاطمئنان إلى من يقوم بتبليغهم. وللعلم, فإن عملية ابتزاز واحدة يتم الكشف عنها يقابلها عشر عمليات لا يتم حتى التبليغ عنها بسبب الخوف. فيجب أن نتعامل مع الابتزاز على أنه جريمة كبرى لأنه سبب انهيار الكثير من الأسر وتشتت أفرادها.
عبدالعزيز الحصين - الخرج