بفكر عبقري ثاقب.. ورباطة جأش وبعد نظر.. برؤية القائد المحنك.. وبدقة وموضوعية.. أتخذ قرار تاريخي ببدء عاصفة الحزم.. استجابة لاستغاثة الجار بمليكنا الحازم.. سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله وأيده بنصره -.. ليجمع ويستقطب العالم من أقاصيه إلى أقاصيه.. ليوجه سلاح أمتنا وأبطالها الشجعان.. لنصرة إخواننا المستضعفين الملكومين في يمننا.. ضد عصابات مليشيات الحوثي والرئيس المخلوع صالح..
فالعالم والتاريخ يشهدان لمليكنا المفدى المواقف العظيمة لنصرة إخواننا في أنحاء المعمورة كافة.. في العراق.. في سوريا.. في مصر.. في لبنان.. في ليبيا،، يده السخية تطول كل مكان فيه إخوان لنا مستضعفون عند حدوث الشدائد ونزول الكوارث والمصائب.. تراه -أيده الله- السابق إلى نصرة المغلوث والجائع والمكلوم والمشرد في أصاقع البرد وأعالي الجبال وأداني السهول والأودية.. تبدأ قوافل الغوث والنجدة تنطلق لتقديم العون والإغاثة..
فلن ينسى التاريخ أبداً هذا الدعم وهذه المبادرات الكريمة.. بل سيسطره بمداد من ذهب هذا الجهد وهذه العطاءات وتلك الوقفة التاريخية لملك وهب نفسه لخدمة دينه وأمته وشعبه..
فحين استنجد أخوه الزعيم عبدربه منصور هادي.. الرئيس الشرعي للجمهورية اليمنية والشعب اليمني الشقيق بالملك الصالح سلمان.. لنجدته من براثن وجبروت مليشيات الحوثي.. بعد أن انقلبت على الشرعية والقوانين والأعراف الدولية.. في أكبر خيانة يشهدها التاريخ المعاصر. باحتلال العاصمة اليمنية صنعاء.. ورفضها جميع المبادرات للحوار.. في غرور وتعال واستخدامها آلية القوة والسلاح وفرضها الإقامة الجبرية على الشرعية،، وفرض سياسة الأمر الواقع على فئات وطوائف الشعب اليمني كافة.. ولم يكتف غرور الحوثي بذلك بل حشد قواته مع حليفه العميل المخلوع علي عبدالله صالح.. على حدود المملكة العربية السعودية.. في تحدٍ سافر للأعراف الدولية كافة... ناهيك من حقوق الجيرة والأخوة والعروبة...
لتأتي عاصفة الحزم.. عاصفة الحق.. عاصفة العدل.. عاصفة النصر.. عاصفة تنزع الظالم وتنصر المظلوم.. بكل أبعادها الإستراتيجية والسياسية والعسكرية.. لتحجم الحوثي ومن معه ومن ناصره ومن دعمه.. عاصفة للفخر والاعتزاز.. عاصفة ضد من قتل النفس التي حرمها الله.. ودنس بيوت ومساجد الله. وانتهك العرض والشرف، فكان رد الملك الشجاع مباغتاً.. سريعاً.. حازماً.. لم يتوقعه أقرب المقربين من الحوثي وصالح.. فكانت الهزيمة قاسية والسقوط مهيناً.. فشُلَّتْ حركتهم.. وقُتل جنودهم.. ودُمرت عتادهم وأسلحتهم.. وأنكسرت معنوياتهم وإتصالاتهم.. فانكشفوا للعالم وهم بتلقون الهزيمة تلو الأخرى.. فلم تكن العاصفة في حسباتهم بتتاً.. ولم تمهلهم ليعدو العدة والصفوف.. العاصفة التي أقتلعتهم من جذور المعركة.. من مخابئهم.. من كهوفهم.. ومن جحورهم.. لترميهم في غياهب الظلام والضياع.. هذه الوقفة التاريخية أعادت للشعب اليمني الأمل في مستقبله، حيث حققت عملية عاصفة الحزم أهدافها الإستراتيجية والمتمثلة في:
1- الاستجابة الفورية لدعوة واستنجاد الرئيس الشرعي للجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي، التي جاءت استناداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليها في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، وذلك بالتصدي للعدوان التي تعرضت له اليمن وشعبها من قبل مليشيات الحوثي والقوات التابعة لحليفها علي عبد الله صالح والمدعومة من قوى خارجية، هدفها بسط هيمنتها على اليمن وجعله قاعدة لنفوذها على المنطقة مما أصبح يهدد أمن المنطقة والأمن والسلم الدوليين.
2- جاء الهدف الثاني لعاصفة الحزم حماية الشرعية في اليمن وردع الهجوم على بقية المناطق اليمنية.
3- إزالة كل التهديدات على أمن المنطقة وأمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة، خاصة إزالة تهديد الأسلحة الثقيلة والصواريخ البلستية التي استولت عليها المليشيات الحوثية والقوات الموالية لعلي عبدالله صالح من القواعد العسكرية للجيش اليمني، وقامت باستخدامها ضد أبناء الشعب اليمني.
4- العمل على مكافحة خطر التنظيمات الإرهابية.
5- التهيئة لاستئناف العملية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
إن تتويج هذا الانتصار العظيم لعاصفة الحزم بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي جاء ليفرض واقعاً جديداً ويقطع الطريق على كل العابثين باليمن والموقدين للفتن فيه، وسيكون المرتكز الأساس في السعي لمستقبل جديد.
وعليه فإن بدء عملية (إعادة الأمل).. للشعب اليمني بالجهود المشتركة مع دول التحالف والمجتمع الدولي، ستأخذ بيد اليمن إلى مرحلة جديدة يطوى فيها الشعب اليمني أحداث الماضي الأليمة التي عصفت به وتنتصر فيها - بإذن الله - إرادته الحرة في رسم مستقبله بعيداً عن الإكراه والإذعان والجبروت وفرض سياسة الأمر الواقع بقوة السلاح التي سعت إليه المليشيات الحوثية ومن تحالف معها ودعمها.
وإنجاز دول التحالف للأهداف الإستراتيجية العملية لعاصفة الحزم، هو أكبر دليل على تحقيق انتصار تاريخي لدول المنطقة، وبدأها مرحلة إعادة الأمل وفق الخطط والبرامج الموضوعة في زمن قياسي منذ ابتدأت العمليات، والتي شملت تحييد معظم القدرات العسكرية التي استولت عليها المليشيات الحوثية وكانت تشكل تهديداً لليمن والدول المجاورة والمنطقة، إضافة إلى السيطرة على الأجواء والمياه الإقليمية لمنع وصول أو دخول الأسلحة إلى المليشيات الحوثية، والمحافظة على السلطة الشرعية وتأمينها وتهيئة البيئة المناسبة لممارسة مهامها ومسئولياتها، بالإضافة إلى مساندة الموقف الإنساني داخل اليمن والمساعدة في إخلاء الرعايا الأجانب وتسهيل مهمة الكوادر الطبية التطوعية، وتقديم الإغاثة العاجلة لمختلف المناطق، خاصة تلك التي تشهد اشتباكات مسلحة، لذا فما كان من دول التحالف واستجابة فورية لطلب الرئيس اليمني الشرعي أن تعلن عن انتهاء عمليات عاصفة الحزم مع نهاية يوم 21-4-2015م، وبدء عملية إعادة الأمل، لاستعادة الشعب اليمني لأمنه واستقراره بعيداً عن الهيمنة والتدخلات الخارجية الهادفة إلى زرع الفتنة والطائفية والتشرذم، وليتمكن من بلوغ ما يصبو إليه من آمال وطموحات وليعود اليمن لممارسة دوره الطبيعي في محيطه العربي والدولي.
وإذا كان العالم كله معنا بجميع أطيافه ومعتقداته من أقصاه إلى أقصاه. يؤيد ويبارك كل هذه الخطوات التي أتخذتها المملكة... ويأتي قرار مجلس الأمن الدولي بالإجماع ليؤيد كل الإجراءات والتدابير والقرارات التي أتخذتها المملكة العربية السعودية، ليؤكد النجاح الهائل للدبلوماسية السعودية على مستوى العالم.. في الوقت نفسه يؤكد حقها في المحافظة على سلامة أراضيها من كل عدوان.. ويطالبها بالاستمرار في اتخاذ كل التدابير اللازمة لنصرة أشقائها وجيرانها من أبناء اليمن الشقيق.. والوقوف ضد كل عميل وخائن لشعبه وأمته.. ودحر الظلم والعدوان.. ونصر لشرعية الرئيس عبد ربه هادي.. تمهيداً لعودته لبناء يمن المستقبل.. يمن التطور والتغيير.. اليمن الحديث بفكره وأصالته وعراقته.
فلن ينسى العالم ولا الشعب اليمني مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التاريخية التي كتبت على جبين الأمة العربية.. برد الظلم ودحر الظالم وطرده وتحجيمه وسحقه.. للمحافظة على وحدة وسلامة أراضي اليمن السعيد..
فهنيئاً لنا بهذا الملك القائد الشجاع المحنك الشهم الكريم.. فهنيئاً لنا بسلمان الحزم.. وهنيئاً بسلمان الحزم بنا.
م. قاسم بن عبد الغني الميمني - الرئيس التنفيذي لأسمنت العربية - جدة