الجزيرة - واس:
أكد فخامة الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية أن زيارته للمملكة العربية السعودية اكتسبت طابعًا استثنائيًا من كل الجوانب، في ظل الظروف والأحداث التي تمر بها المنطقة حاليًا ، مشيرًا إلى أن المنطقة منذ فترة تشهد نزاعات تزعزع استقرارها وأمنها، كما يحدث في سوريا وفي العراق وما يحدثه تنظيم داعش والقاعدة من عمليات إرهابية فيهما، بالإضافة إلى ما يحصل حاليًا في اليمن، وتدخل الدول التي استجابت لنداء ومناشدة رئيس الجمهورية اليمنية عبدربه منصور هادي, نظرًا للوضع المأساوي الذي آلت إليه بلاده «اليمن»، وكل ذلك يبرر لأن تكون فرنسا إلى جانب دول المنطقة لضمان أمنها واستقرارها، بالإضافة إلى الإسهام معها في إيجاد حلول دبلوماسية بالنسبة لسوريا أو العراق أو اليمن. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده فخامته في القاعة الخاصة بالمؤتمرات في الصالة الملكية بمطار الملك خالد الدولي قبيل مغادرته الرياض امس، وقال: إنه يتوجب مع هذه الأحداث في المنطقة اتخاذ قرارات قوية لأن فرنسا عضو في دول التحالف، لافتًا الانتباه إلى أنها تدعم المعارضة المعتدلة في سوريا، والسعي بموازنة في دعمها لإيجاد حلول دبلوماسية. وأبان الرئيس الفرنسي أن هذه الزيارة تندرج كذلك في إطار افتتاح أعمال الاجتماع التشاوري الخامس عشر لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي انعقد امس في الرياض، حيث يدعى فيه للمرة الأولى رئيس دولة أجنبية لحضوره، وهي علامة على الثقة التي تحظى بها فرنسا، والاعتراف بدورها وأعمالها، قائلا: «وجدتها فرصة في إظهار مبادئ عمل فرنسا الدولية ودعمها المستمر لمكافحة الإرهاب، حيث الأمن من الإرهاب يعنينا جميعا، وانعدام الأمن في أي دولة هو انعدام للأمن في العالم، وخاصة في المنطقة». وأوضح فخامته أنه أوكل لمعالي وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي لوران فابيوس بشكل خاص التفاوض مع إيران حول ملفها النووي، وبيان الخط التوجيهي في الدبلوماسية الفرنسية للعمل من أجل اتفاق قوي ومستدام وقابل للتحقق، الذي يسمح برفع العقوبات تدريجيًا، وتعزيز العلاقة الثنائية مع المملكة العربية السعودية. كما بين أن معالي وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان وقّع في قطر اتفاقية عقد بيع أسلحة تتضمن عشرين طائرة من نوع «رافال» الفرنسية، التي سيتبعها توقيع عقود أخرى، مشيرًا إلى أن هذا يثبت قدرات الشركات الفرنسية لإنتاج طائراتومعدات حربية تحظى بثقة ومستوى عالي، مفيدا أنه خلال الزيارة للمملكة تجاوزنا تعاون الدفاع إلى تعاونات أخرى، حيث يعمل وزير الدفاع الفرنسي على العمل والتنسيق في هذا المجال، كما يقوم وزير الخارجية الفرنسي بعمله في مجال الدبلوماسية الفرنسية، مؤكدًا أن هناك تعاون مع الجانب السعودي في مجالات أخرى فتحت لها آفاق مهمة ومجالات كبيرة، استعدت وحضرت لها الشركات الفرنسية شملت مجالات الصحة والطاقة والتنمية والبنى التحتية والدفاع، مضيفا أن فرنسا حددت لهذه المجالات الطموح والأسلوب، فالطموح يكون بالاستجابة لكل الطلبات لتقديم الاحتياجات والاستثمار في فرنسا كما في المملكة بما يصب في مصلحة البلدين، وذلك بتشكيل صناديق استثمارية تطمح إلى إيجاد انعكاسات إيجابية للبلدين، بتجنيد المستثمرين في القطاع العام والخاص، أما الأسلوب فهو العمل بسرعة وفتح الآفاق في مجالات عديدة والتأكد من التنفيذ، وذلك بدءًا من شهر يونيو في المجالات المحددة، فيما سنؤكد على بعض الإعلانات والأنشطة، وتحديد موعدا أخر في شهر أكتوبر، بمناسبة انعقاد المنتدى الاقتصادي الفرنسي السعودي، حيث سنبين طريقة السرعة في تنفيذ القرارات التي تبنيناها هنا بموجب الاتفاق بين البلدين. وكرر فخامة الرئيس الفرنسي أن الهدف من الزيارة للمملكة هو لإيجاد دور مفيد من أجل السلام والأمن، ومكافحة الإرهاب، مبينين عن تضامننا لتقديم الدعم والإسهام في الحفاظ على الاستقرار، وإطلاق المبادرات الدبلوماسية، إلى جانب إيضاح ما يمكن أن يقدمه الاقتصاد الفرنسي بديناميكيته وتقنياته العالية، والقدرة على جذب المستثمرين في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج, وهذا نتيجة العمل الحثيث مع أصدقائنا السعوديين وحرص فرنسا في الثبات على مواقفها وقراراتها والحفاظ على أهدافها وصورتها في العالم سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وبالعمل أيضا مع قواتنا المسلحة في المنطقة التي تشارك في التحالف الدولي بالعراق والإسهام سياسيًا في إيجاد الحلول الدبلوماسية لحل الأزمات في المنطقة. وفي ذات السياق أضاف الرئيس الفرنسي أن سعي فرنسا الحثيث في محاربة الإرهاب هو من أجل حماية أمن فرنسا خاصة ودول أوروبا عامة، وما تفعله فرنسا داخل حدودها في هذا الشأن تفعله في المنطقة. مؤكدا أن هذا ما بيّنه خلال هذه الزيارة. بعد ذلك أتاح الرئيس فرانسوا هولاند الأسئلة للإعلاميين والصحفيين، حيث أجاب عن سؤال حول التعاونلتجاري بين المملكة العربية السعودية وفرنسا الذي بلغ مليارات اليورهات لمشروعات عدة بينهما، وقال: إنه التقى في هذه الزيارة مع عدد من المسؤولين في المملكة شملت مجالات الصحة والطاقة والنقل والتنمية في المناطق الحضارية، وذلك لتحديد المبادئ التي ستسمح للشركات الفرنسية بالمشاركة في العروض والمناقصات التي تطرح، متطرقا إلى لقائه مع معالي وزير المالية ومع مسؤولين عن صناديق استثمارية سعودية لتفعيل الحركة الاستثمارية الجيدة للبلدين، وتشجيع الشركات الفرنسية للاستثمار في المملكة وتحديد الأسلوب والتعاون الذي يتوافق مع البلدين وتحديد معالم شراكة مستدامة استراتيجية تشمل مجالات عديدة والدفاع هو أحد هذه المجالات، والحديث عن هذا سيتحدد على المدى المتوسط، من خلال عقد لقاءات مهمة في هذا الشأن أهمها اللقاء الذي حدد في أكتوبر المقبل والإعلان في حينه عن تلك المشروعات. وأجاب على سؤاله عن لقائه صباح امس بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بالتأكيد على أن هناك تعاونا في إيجاد حلول عملية من أجل لبنان وأمنه والتأكيد على تنفيذ هذا التعاون بحصول لبنان على معدات عسكرية فرنسية, حيث إن المملكة وفرت أغلبية التمويل، مؤكدًا أن هناك تعاونًا دائمًا بين البلدين منها تبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب، مبينًا أنهما تناولا موضوع الإرهاب بجميع أوجهه. وأشار إلى أن فرنسا والمملكة تعانيان من الإرهاب وانعكاساته السلبية على أمنهما، وهذا يفرض الحاجة إلى التعاون الدائم في المجال الأمني للبلدين لدرء خطر الإرهاب وتفادي الأعمال الإرهابية، ممتدحًا طريقة المملكة في مكافحة الإرهاب. من جهة ثانية غادر فخامة الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية، والوفد المرافق له الرياض امس، بعد زيارة رسمية للمملكة. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في وداع فخامته لدى مغادرته قصر الدرعية. كما كان في وداع فخامته عند مغادرته مطار الملك خالد الدولي معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، والقائم بالأعمال في سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا الدكتور علي بن محمد القرني، والسفير الفرنسي لدى المملكة برتران بيزانسنو، ومندوب عن المراسم الملكية.